اتحدوا ضد العنف

637

نرمين المفتي /

وإن كان عددهن محدوداً جداً، إلى ارتكاب العنف أيضاً ضد من حولها.
اليوم العالمي لإيقاف العنف ضد المرأة في العالم، يبدأ نشاطاته سنوياً تحت شعار معين، كان في السنة هذه (لننهِ العنف ضد المرأة الآن). وشهد العراق نشاطات عدة، سواء للجان تمكين المرأة في المؤسسات الرسمية، أو لمنظمات المجتمع المدني، مطالبة بتفعيل الشعار في اتحاد فعاليات المجتمع والرجل مع المرأة كافة لإيقاف العنف ضد المرأة الذي يشهد ارتفاعاً في العراق، إذ أكد تقرير رسمي أن ١٤ ألف حالة عنف ضد المرأة سُجلت رسمياً في ٢٠٢٠، مضيفاً أن العدد أكبر، فهناك حالات عنف لم تسجل بسبب العادات والأعراف العشائرية..
وعالمياً، فإن الأمم المتحدة تؤكد أن امرأة واﺣﺪة ﻣﻦ كل ﺛﻼث ﻧﺴﺎء وﻓﺘﻴﺎت في العالم تتعرض ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻟﺠﺴﺪي أو اﻟﺠﻨﺴﻲ خلال ﺣﻴﺎﺗﻬا، ويكون ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن من طرف عشير. وفي تقرير سابق، أكدت المنظمة أن ١٣٧ امرأة يقتلن حول العالم يومياً، وغالباً فإن موقع الجريمة هو البيت، والقاتل أحد أقرب أفراد العائلة! وأيضاً فإن غالبية هذه الجرائم حدثت في دول لم تتبنَّ قانوناً للحد من العنف ضد المرأة.
وللعنف ضد المرأة أسباب عديدة، ففي الدول المتحضرة والثرية أسباب تختلف عن غيرها، ودائماً ما يكون من بينها الوضع المادي، والحالة الاجتماعية، والغيرة، والعادات والتقاليد، وقطعاً فإن السبب (الأهم أو الأول) هو شعور الذكر بفوقيته التي تمنحه سلطة تبيح له ارتكاب العنف، غير ملتفت إلى القانون، الذي يعرف مسبقاً أنه ينحاز بشكل أو بآخر إليه..
للسنة الرابعة، أكتب مقالاً خاصاً بهذا اليوم، أطالب، أو أتمنى، أن نتحد نساءً ورجالاً لإيقاف العنف ضد المرأة خاصة، والعنف الأسري عامة، ونتحد كذلك من أجل صدور قانون الحد من العنف الأسري، الذي يؤجل إقراره من دورة برلمانية إلى أخرى، إذ سيشكل إقراره خطوة مهمة نحو استقرار المجتمع لأنه سيمنع العنف غير المبرر ضد المرأة، الذي يتحول إلى عنف ضد المجتمع كله، بسبب الأطفال الذين يكبرون في بيئة غير صحية.. لنتذكر دائماً أن المرأة هي الأم والأخت والابنة والزوجة والصديقة والحبيبة..
المرأة هي حنان الكون ودفؤه، احترامها وعدم مصادرة حقوقها وعدم تعنيفها يعني وضع ركيزة أساسية قوية في البناء الأساسي للأسرة، التي تشكل بدورها نواة المجتمع.. فالرجولة ليست في تعنيف المرأة، إنما بالاتحاد معها ضد هذا العنف.. يقول جلال الدين الرومي: “أن تولد ذكراً فإنه قدر من الله، وأن تصبح رجلاً فإنه من صنع يديك،” إذ أن الذكر نوع اجتماعي (جنس)، بينما الرجولة قيمة أخلاقية عليا.