بن غوريون هو السبب

1٬038

نرمين المفتي /

بين فترة وأخرى، يقوم بعض المدوِّنين العراقيين بنشر منشورات عن العراقيين اليهود ومدى حنينهم الى بلدهم، ودائما هناك من يتهم العراقيين بقيامهم بترهيب اليهود بعد خسارة القوات العربية لحرب ١٩٤٨ ليرغموا على مغادرة العراق الى (اسرائيل) حفاظاً على حياتهم. مما لاشك فيه أن غالبية اليهود الذين أرغمت عوائلهم على الهجرة يحنون الى العراق، والدليل أنهم ما يزالون يتحدثون العربية بلهجة يهود العراق، لكن هذا الحنين أصبح يستغل سياسياً ودائماً هناك من يركب الموجة من العراقيين، أقلية يعرفون جيداً المطلوب وكيف يعزفون على هذا الحنين، وأكثرية، أقصد من راكبي الموجة، مقلدة.. لم يكن العراقيون، شعباً وحكومة خلف الإرهاب الذي استهدف اليهود في بغداد خاصة والمدن الأخرى، والدليل في كتاب (ben gurion’s scandals, how the hagnah and the mossad eliminated the jews) – فضائح بن غوريون، كيف قضى الهاجناه والموساد على اليهود), ومؤلفه نعيم غيلادي اليهودي العراقي الذي قاد شخصياً خلية صهيونية إرهابية وفجر محال وبيوتاً لليهود قبض عليه وزج في السجن، لكنه هرب منه، ثم فر الى (ارض الميعاد)، وعمل في الموساد الذي تم إبعاده عنه حين اكتشفوا انه من (السفارديم) وليس (الأشكناز) كما يشي لقبه (كلاسچي) وهو في الأصل (خلاصجي) لكون عائلته تعمل بتخليص الذهب من الشوائب. وبعد اكتشافه للمأساة التي ارتكبها، قرر كشف الحقائق من خلال الوثائق التي يملكها وأخرى قام بجمعها، فضلاً عن كونه شاهد عيان.. لم يتمكن من نشر الكتاب في اسرائيل وهاجر الى أميركا في بداية ثمانينات القرن الماضي وبدأ يشير الى نفسه كعربي يهودي.
وبعد محاولات عديدة ولأكثر من عقد، تمكن من نشر كتابه الذي يؤكد فيه وبوثائق الروايات الرسمية العراقية على مدى العقود وتغيير الأنظمة بأن منظمات صهيونية قامت بترويع اليهود العراقيين وترهيبهم لإرغامهم عل الهجرة.. التقيت شخصياً بغيلادي في نيويورك وحدثني بأن والده حاول منعه من العمل في المنظمات الصهيونية المحظورة في العراق حينها وحاول منعه من الهجرة وقال له “إن العراق وطننا وسيأتي يوم وتندم وستقف مثل كلب ذيله بين ساقيه لا تقدر على تجاوز الحدود والعودة الى الوطن”. وقال لي إنه اليوم مثل ذلك الكلب.. غيلادي المولود في الحلة، توفي في نيويورك بعد ان قدم شهادته للتاريخ..
اما الفرهود،رسمياً، فما تزال كل ممتلكات اليهود مسجلة بأسمائهم رغم تغيير الأنظمة في العراق. وشعبياً، لست في موقع الدفاع عما حدث، لكن حوادث كهذه تحدث في كل مكان وزمان من قبل ضعاف النفوس، بينما الصهاينة الذين احتلوا بيوت الفلسطينين فرهدوا كل شيء. أعتقد أنه لابد من الانتباه الى كتب كهذه التي تكشف الحقيقة، كلامي موجَّه الى راكبي الموجة ليتوقفوا عن اتهام العراقيين..