تلك الأغنية العراقية السمراء..!

762

جمعة اللامي/

الى أخي مظفر النواب في عزلته الممتدة

إنني أحمل قلبي كبرتقالة مضى الموسم ولم تنضج

مظفر النواب

حَسَنُ الشموس، الذي غاب عنا، شابٌّ بينه وبين العراق، مثل الذي بين الشاعر متمّم بن نويرة وأخيه مالك.

وكما جعل متمّم أخاه مالكاً على ألسنة الركبان والراجلين، رفع صديقنا مظفر النواب صورة ذلك الجنوبي، حسن الشموس، الى مستوى المسكونين بالعدالة، وأنموذج الداعين الى عالم بلا حرب، ودنيانا من دون استغلال او جوع او مسغبة، وبلد يقول مواطنوه: بلدنا حر لأننا أحرار.

وكان متمّم بن نويرة شديد الحزن على أخيه: مالك بن نويرة، الذي قتله خالد بن الوليد، في تلك القصة المثيرة الى أيامنا هذه، إبان حروب الردة، وقال فيه شعراً جميلاً مؤثراً، رأى فيه الخليفة عمر بن الخطاب، تعزية بمقتل زيد بن نفيل بن الخطاب، عندما كان عائداً من مثابات العراق، بعد أن أعلن محمد بن عبد الله، صدعه بالأمر الإلهي: إقرأ..!

وكان مالك جميلاً، فارساً، لا يأخذ الناس على حين غرّة، ولذلك حزن متمم على فقدانه حزناً شديداً، وقيل إنه كلما ذكر امامه قتيل تذكره أخاه، وكلما مرّ على قبر، اعتبره قبر مالك.

لقد لامني عند القبور على البكا

صديقي، لتذراف الدموع السوافكِ

فقال: أتبكي كلّ قبرٍ رأيته

لقبرٍ ثوى بين اللّوى فالدكادكِ؟

فقلت له: إنّ الشجا يبعث الشجا

فدعني، فهذا كله قبرُ مالكِ

وكان مالك أثناء زيارة للعراق، مرّة، رأى قبور أهل العراق، قبر أخيه.

وقد غيل، حسن الشموس، في حياته وموته، فجاءت قصيدة مظفر النواب فيه، تمجيداً له في حياته الجَسورة، ودفاعاً عنه في موته واستشهاده، بعدما دخل على الخط، المخاليق الأشباه، من الكسور والأعشار، في محاولة للنيل منه، وتشويه مقاصده.

والى يومنا هذا، وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، يبقى حسن الشموس شمساً سمراء في صدور العشاق، وأغنية عراقية تزداد حلاوة كلما تعتّقت بالحزن والمرارة واستذكار سيرة أي شمس عراقية سمراء.