حكومة مستقبلية !!

234

حسن العاني /

من الحقائق الاجتماعية الثابتة، أنه لا يوجد إنسان على كوكبنا من دون هواية، قد تكون (مكشوفة) أو (مستورة)، وغالباً ما تتحول بعض الهوايات الى عادات مستحكمة. ويذهب علماء النفس الى وجود (3) أنواع من الهوايات.
هي: (المسلية) على غرار مربي الطيور، و( النافعة) كما هو الحال مع هواة جمع الطوابع او العملات، أما النوع الثالث فأطلقوا عليه اسم (الهوايات الضارة)، كتعدد الزوجات والتدخين والحرشة بالطالبات وقيادة المركبات او العجلات النارية بسرعة جنونية… الخ
في واحدة من تجلياتي الفكرية، توصلت الى نوع رابع أغفله العلماء على ما يبدو، إما جهلاً او خوفاً على الأرجح، لأن سقوف الحرية في بلدانهم واطئة جداً. ولي الفخر، ومن حقي التباهي، أن أكون أول مواطن من بلدان العالم الثالث يضع اليد عليه ويكتشفه، وقد أسميتُ هذا النوع (الهوايات الخطرة)، لأنه يمكن ان يسبب لأصحابه دوخة الرأس، وقد يودي بهم الى التهلكة. ولعل سوء حظي هو الذي جعلني أسيرَ واحدة منها، لكونها تقوم على قدر من الهوس بالإحصائيات والجداول والفرضيات، فعلى سبيل المثال عمدتُ منذ عام (2003) الى توثيق ما تنشره وسائل الإعلام العراقية، وما يصدر من تصريحات لكبار المسؤولين في الدولة من أرقام عن مرتكبي جرائم الفساد، ابتداء بمزوري الشهادات والوثائق والعقود والعقارات والدرجات الوظيفية وسنوات الخدمة.. الخ، وانتهاء بالفضائيين، الذين سطوا على رواتب الأرامل والأيتام والمشمولين بالرعاية الاجتماعية، هذا غير (الكذا) و (الكذا).
وقد هالتني أعداد الفاسدين في السنوات الأولى لمتابعتي، إذ بلغت بضعة آلاف، لكنها مالبثت أن تعاظمت في السنوات اللاحقة، فقد تصاعدت الأعداد الى مئات الألوف. وبحلول عام (2019) قارب العدد الـ (4) ملايين. ولهذا بدأت أفكر بطريقة سريالية، وافترضتُ أن الجهود المتواصلة التي تبنتها هيأة النزاهة والجهات الرقابية ووسائل الإعلام ستؤدي الى كشف المزيد من الفاسدين، بحيث يصبح الوصول الى (7) ملايين فاسد أمراً طبيعياً جداً، وافترضتُ كذلك أن هذه الملايين السبعة لو رتبت أوضاعها ونظمتْ نفسها، وتهيأتْ لها قيادة محنكة من المحتالين – وكل ذلك ممكن ويسير – ثم شاركتْ في الانتخابات المقبلة، او التي بعدها أو بعدها، فإنها ستحصل لوحدها على (75%) من المقاعد البرلمانية، وبذلك تكون قائمة الفاسدين أكبر كتلة نيابية في البرلمان، وسوف تتولى تشكيل الحكومة في (7) أيام وليس (7) أشهر، و .. وسيشهد العراق -لأول مرة في تاريخه- قيام ( حكومة حرامية) بصورة شرعية ورسمية وقانونية وديمقراطية و …!!