كلمة أولى

845

رئيس التحرير/

معولُ الطائفية

يجب أن لا نغفل، لحظة واحدة، عن حقيقة أن التحريض الطائفي، من أي طرف صدر، هو معولٌ لهدم كل ما يمكن أن نبنيه على صعيد ترميم الشروخ ومداواة النفوس والجروح التي تركتها سنوات التطاحن الطائفي المقيت في جسد المجتمع العراقي، بل هو قد يمهد السبيل لعودة تلك السنوات السود، مجدداً، فيصادر، ليس تلك الجهود الوطنية الخيّرة التي عملت على رأب الصدع، ما استطاعت الى ذلك سبيلاً، إنما كذلك مصادرة انتصاراتنا الباسلة على داعش، وفتح الأبواب مجدداً لرياح الشر والظلام والإرهاب، كي تأتينا بأرديةٍ ووجوهٍ جديدة.

الطائفية مرض عضال لايصيب الجسد إنما يشل العقل البشري فيفقده البوصلة الإنسانية المجبولة على أخوّة البشر فيما بينهم، بل هو يحيل الإنسان الى كائن كاره حقود وطارد ومتعصب لهوية هي أصغر بما لايقاس من هويته الوطنية الكبرى، هوية العراق الكبير والعظيم.

وقد يدّعي الطائفي أو يعتقد، أنه بتحريضه على الطوائف الأخرى، إنما يدافع عن طائفته ويحاول حمايتها، غير أن الواقع لايثبت ذلك، بل يؤكد العكس تماماً فالتحريض الطائفي، خلاف ما يدّعي الطائفيون، لن يفضي إلى حماية الطائفة، بل إلى زجها في أتون حروب ومذابح لن تخرج منها طائفة ما منتصرة. ولنا في داعش مثال لايزال شاخصاً، فلطالما ادعت داعش أنها تقتل الشيعة دفاعاً عن السنّة، ثم في لحظة هزيمتها التاريخية في الموصل، بدأت بقتل السنّة أنفسهم.

في مواجهة هذا الخطر الداهم لا يكفي أن نهتف كلا للطائفية، ذلك أن أطناناً من المقالات والبيانات والتصريحات ليس بوسعها، في واقع الحال، وقف طائفي واحد عن بث سمومه في أوساطنا. مايوقف هذه الأصوات النشاز هو القانون، فالقانون وحده من يردع أمثال هؤلاء الذين يريدون العودة بنا إلى أتون التقاتل والذبح على الهوية وعلى الاسم، هؤلاء الذين يجب سوقهم، بموجب القانون، إلى سوح القضاء بتهمة التحريض على قتل العراقيين وليس أقل من ذلك.

لهذا، وشعوراً منها بالمسؤولية الوطنية، تطلق مجلة «الشبكة العراقية» ابتداءً من العدد المقبل حملة واسعة من أجل تشريع قانون يجرّم التحريض على الطائفية والعنصرية، وأي شكل من أشكال التحريض على قتل الناس وسفك دمائهم. والمجلة تدعو الكتّاب والمثقفين، بشكل خاص، للمساهمة في الحملة عبر إرسال مقالات ومقترحات سنرحب بها وسنخصص ملفات لها، كما أننا سننشئ صفحة على الفيس بوك لهذا الغرض..ننتظر مساهماتكم.