ما القبضُ من إلقاء القبض؟

585

يوسف المحمداوي /

تقول العرب: “إن حكمت، فاحكم بالعدل، ولا تدع مجرماً لا يرجى إصلاحه يفلت من عقاب”، وهذه المقولة الواضحة لا نجدها اليوم تطبّق في ميادين مجتمعنا العراقي الذي أصبح مرتعاً مباحاً للعديد من المجرمين وبشتى أنواع الجرائم البشعة التي يندى لها جبين الانسانية والانسان الحقيقي الذي تربّى على نهج الأخلاق الحميدة بعيدا عن هذا الغزو اللا أخلاقي الذي شوّه صورة المواطن العراقي .
أقول ما القبض من إلقاء القبض على بعض المجرمين؟ سواء كفاسدين متهمين بسرقة المال العام، أو من تجار المخدرات أو المدمنين على تعاطيها وأنت تجد أن العقوبة التي تتخذ بحقهم لا ترتقي لمستوى الجرم الحاصل، فما معنى أن يجني تاجر المخدرات مليارات الدنانير العراقية وعند إلقاء القبض عليه يحكم بالسجن لمدة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة؟، فتكون العقوبة على المجرم كالمنفي من البلاد وبانتظاره أعوام طويلة مع الترف ورغد العيش بملياراته التي جناها من هذا الجرم، علما أن عقوبة الاتجار بالمخدرات في القانون العراقي تصل إلى الإعدام واذا ما تعاطف معه القاضي فيكون الحكم عليه بالمؤبد، والعقوبات المخفّفة بهذا الشكل تعطي انطباعا بأنَّ هناك من يشجع على اتساع ظاهرة الاتجار بالمخدرات وتعاطيها، وهذا ما جعل الكثير من شباب مناطق العاصمة والمحافظات ضحايا بالعلن لهذا الوباء القاتل، ولا بد من رفع عصا القانون والبطش بالمستهترين بأرواح أولادنا، والا فإنَّ الاستمرار على هذه العقوبات الخجولة يشعر المجرمين بضعف القضاء واستكانته وقلة حيلته قبالة بعض الضغوط التي يتعرض لها من هذه الجهة أو تلك.
وحادثة أهوار ميسان وإلقاء القبض على عصابة محترفة مع 100 كغم من المخدرات معدّة للتهريب داخل البلد يشير وبما لا يقبل الشك إلى أن الوضع وتجارة المخدرات بأنواعها أصبح كارثياً بكل ما تعنيه تلك الكلمة، والمصيبة أنَّ أجهزة الأمن تخفي وجوه تلك العصابات بدلا عن كشفها بالصورة والاسم أمام الرأي العام لإسقاط الأقنعة عن هؤلاء القتلة وكشف تبعيتهم مهما كانت تلك الجهات وإلا ما القبض من إلقاء القبض.