من يسخر ممن؟

648

محسن ابراهيم/

وأنا اسير في شوارع بغداد وقعت عيناي على لوحة اعلانية لمسرحية كوميدية حملت بين طياتها الكثيرة، اسم المسرحية وطريقة الاعلان وماتضمنته من صور لأصحاب العرض المسرحي. أخذت نفسا عميقا بعمق ما كانت تحمله كلمة المسرح من معنى، واطلقت العنان لخيالي متذكراً المسرح الوطني ومسرح المنصور والمسرح العمالي. وماكان يعرض على خشباتها من أعمال.
تمعنت بالنخلة والجيران وطرقت الأبواب الخمسة، ركبت مع البيك والسايق لأصل الى المحطة ومقامات أبو سمرة، ذاكرتي تجولت في تلك الأيام حين كان المسرح الشعبي مرآة شعب جنبا الى جنب مع المسرح الجاد، تمعنت بلوحة الاعلان من جديد وقررت ان أشاهد هذه المسرحية علي أخرج بنظرة مغايرة لما يشاع ويقال, لم تكن قاعة المسرح توحي لك انك ستتمتع بطقوس المشاهدة المسرحية، موقعها وسط سوق بيع الأقراص المدمجة وفضائها الضيق وخشبتها التي لاتتسع لبضعة ممثلين، ما يؤدي الى فوضى التواجد على خشبة المسرح، وغالبا ما يبدأ العرض المسرحي بصراخ خلف الستار ويدخل الممثل راكضا، مشهد طالما تكرر في اغلب هذه المسرحيات، فضلا عن وجود الراقصة التي لاتمت بصلة للعرض المسرحي وبنية النص.
وهذا ماكان واضحا في مسرحيات عدة، فحين تعاقد المنتج مع احدى المطربات لتحضر في منتصف العرض المسرحي ومن ثم تغادر العرض من دون ان تترك اي أثر في بنية النص وكأنها اقحمت من أجل زيادة التدافع على شباك التذاكر.
كل الأشياء لاتمت للمسرح بصلة بدءا من الديكور وتوزيع الإنارة والصوت. أما الأصوات القادمة من الحاضرين، فهي تزداد حرارة مع ظهور الفتاة المقحمة في العرض المسرحي، خشبة المسرح اصبحت ساحة للارتجال غير المبرر، فضلا عن استخدام كلمات لاتمت للذوق العام بصلة وحسب المصطلح المتداول في مابينهم (هذه العبارة طكت) حاول ان تستغلها في كل عرض
ليس عليك سوى أن تكون مطلقا للنكات وصاحب «قفشات» حتى تصبح بين ليلة وضحاها نجما مسرحياً, الكوميديا الساخرة هي التي تطوي تحت جناحها طرائق متعددة لقول ما يشغل بال الكاتب في الحياة ليتناول التناقضات في المجتمع، خلاف ذلك سيدفع الممثلون والجمهور الثمن، الممثلون سيخسرون تأريخهم الفني والجمهور سيهجر المسرح الى غير رجعة.