تأخر إقرار الموازنة وأثره على المواطن

480

مصطفى الهاشمي /

أقر مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2023 في 13 آذار المنصرم, للسنوات المالية 2023 – 2024 – 2025، في سابقة لم تشهدها دولة في العالم، وأحالها إلى البرلمان للتصويت عليها,
أقرت الموازنة بمبلغ إجمالي قدره (197) تريليوناً و (828) مليار دينار، بنفقات تشغيلية بلغت (150) تريليوناً و (293) مليار دينار، ونفقات استثمارية مقدارها (47) تريليوناً و (555) مليار دينار, وعجز مالي يقدر بـ (63) تريليوناً و(275) مليار دينار, باعتماد سعر(70) دولاراً لبرميل النفط في الموازنة ، على وفق تصدير (3) ملايين و (500) ألف برميل يومياً، منها (400) ألف برميل من حقول إقليم كردستان.
ضبط الإنفاق
عن إقرار الموازنة لمدة 3 سنوات، في أول سابقة تاريخية، قال الأكاديمي الاقتصادي في كلية الإدارة والاقتصاد (الدكتور صفوان قصي) إن “إقرار الموازنة بهذه الطريقة يساعد في الكشف عن عدم تكرار الإنفاق على نفس البند ونفس الوزارة من سنة إلى أخرى.”
أضاف د. قصي في حديثه لـ “الشبكة”: “كان هناك هدر في المال العام يرافق عملية الإنفاق في السنوات السابقة بسبب ظهورها على أساس سنوي، وليس على أساس 3 سنوات.” موضحاً أن “الاستقرار المالي والاقتصادي سيتيح إمكانية إجراء التعاقدات الوزارية لترتفع بمستوى التخصيصات، ونحن مع إقرارها على أساس 3 سنوات، مع إعادة النظر في التقديرات نهاية العام الحالي لكي نقبل على 2024 ضمن تقديرات واقعية تعتمد على برنامج الحكومة والأهداف التي تستجد أو تحذف أو عندما تتبدل الأولويات، فعملية إقرارها ستكون ضمن نظرة واقعية حالية مع مراجعتها سنة 2024.”
قيمة العملة
كما أشار د. قصي إلى أن “عملية تحديد قيمة الدينار بحاجة إلى دراسة من قبل البنك المركزي، لتحديد القيمة العادلة للعملة، وبالرغم من ذلك، فإن لدىالمركزي احتياطيات لا تقل عن 115 مليار دولار، مع ارتفاع إصداره النقدي خلال الفترة الحالية إلى 190 ترليون دينار، ما يعني أن العملة الوطنية مغطاة باحتياطي وسلّة عملات ومن الذهب (132) طناً.”
وأكد تأييده لتثبيت سعر الصرف عند 1300 دينار للدولار الواحد للعام الحالي، مع “إمكانية مراجعة هذه القيمة حسب مستوى احتياطيات البنك المركزي، التي كلما ارتفعت كلما كانت لوزارة المالية والمركزي مرونة في إصدار وحدات نقدية جديدة، ولاسيما أن مستوى العجز المخطط عالٍ جداً إذ يبلغ (63) ترليون دينار، ما قد يضطر المركزي إلى إصدار كتلة نقدية إضافية لتغطية العجز بالدينار، لكن هذا سوف يسبب ارتفاع الاسعار.”
برميل النفط
وبشأن أنسب سعر لبرميل النفط لغرض اعتماده في الموازنة، يقول د. قصي إن “سعر برميل النفط حالياً، مع اشتداد العقوبات الأمريكية على نفط روسيا، ومع تصريح الرئيس الأمريكي أنه إذا انخفض سعر النفط العالمي عن 70 دولاراً سوف يعاد شراؤه من قبل الولايات المتحدة، ولاسيما في ظل سحب كميات من المخزونات الأمريكية لكسر الأسعار عندما اقتربت من 100 دولار، ما يعني أن النفط لن ينخفض عن 70 دولاراً للبرميل، مقابل ألا يرتفع إلى الـ100 دولار، باعتبار أن اتفاق (أوبك بلص) سيكون مسيطراً على كمية الإنتاج عندما تنخفض الأسعار دون الـ 70 دولاراً، إذ سيجري تخفيض كمية إنتاج الدول الأعضاء، وعندما يرتفع عن الـ100 دولار، سيكون هناك ضخ إضافي.” مشيراً إلى أن “السعودية الآن صممت موازنتها على سعر 76 دولاراً للبرميل، وكذلك فعلت الكويت وعمان، فلا أعتقد أن هناك تراجعاً عن 70 دولاراً لسعر برميل النفط، ولا زيادة عن 100 دولار.”وبين أن “معدل إيرادات العراق ستكون بسعر أعلى من 70 دولاراً للبرميل الواحد في العام الحالي، أي بمعدل 85 إلى 86 دولاراً للبرميل، لذا فإن من المجحف إقراره بسعر أقل من الـ70 دولاراً، لأن ذلك يعني زيادة مستوى العجز، وعدم قدرتنا على محاسبة وزارة النفط المعنية بتصدير الكميات وتحديد الأسعار، وأن تعرض خريطة توضح من أين سيجري إنتاج 3 ملايين و 500 ألف برميل، من أي حقل: من حقول البصرة أو العمارة أو كركوك، من أجل تحديد إمكانية محاسبة وزارة النفط، ولاسيما أن سعر برميل النفط الذي يعتمد في عمليات البيع هو السعر الفوري، وليس الآجل، فيفترض أن تكون هناك إدارة لمبيعات النفط العراقي من حيث الأسعار والكميات بمرونة، وليس بطريقة السعر الثابت، إذ أن العراق يستطيع بيع نفطه بعقود آجله بسعر 75 دولاراً للبرميل، وأعلى من السعر الحالي، لكننا يجب ألا نجازف بالبيع لكل الكمية، وانما نصفها بعقود آجله، والنصف الآخر بالعقود الفورية.”
سعر الصرف
بدوره.. يقول الأكاديمي الاقتصادي في الدائرة الإدارية والمالية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي (د. علي محمود سلمان) لـ “الشبكة” إن “قرار تعديل سعر صرف الدينار مقابل الدولار يتناسب والارتفاع الحاصل حالياً في الحساب الجاري لميزان المدفوعات العراقي إلى الناتج المحلي الإجمالي للعراق, كما نؤيد تعديل سعر صرف الدينار برفع قيمته أمام الدولار الأمريكي بسعر (1300) دينار للدولار مبدئياً، على أن يستقر في العام 2025 بسعر صرف (1200) دينار, شرط أن تسيطر الدولة على اضطرابات سوق العملة والتضخم وعدم استقرار السوق وارتفاع الأسعار، الذي من شأنه أن يثقل كاهل المواطن, ويؤثر على قدرته الشرائية.”
تأخر الموازنة
وبشأن تداعيات تأخر إقرار الموازنة العامة على الأوضاع الاقتصادية للبلد ككل, وتداعياتها على المواطنين والموظفين بصورة خاصة، أفاد د. سلمان بأن “أي تأخير في إقرار الموازنة العامة سيؤثر على الإنفاق العام المقبل مع مصاحبة الأضرار على الاقتصاد، منها توقف العمل في المشاريع والبناء، ما سوف ينعكس على أوضاع المواطنين الاقتصادية، والأهم من ذلك فإن تأخير إقرار الموازنة يعني تعطل الجوانب الاقتصادية.”
واكد أنه “في حال عدم إقراراها فسوف ينعكس ذلك على الإيرادات، ويتسبب بهدر المال العام، ونقص الإيرادات لعدم تطبيق خطة الحكومة المالية، التي تتضمن إجراءات تعظيم الموارد المالية، وبلوغ أقصى الإيرادات. وبما أن الخلل الذي سيقع في الإيرادات ونقصها سوف ينعكس طردياً على المصروفات، فإن ذلك سيؤدي إلى تأخير المشاريع المخطط لها من قبل الحكومة على وفق أولويات المواطن واحتياجاته، التي قد تكون طارئة وتتعلق بالأمن الغذائي للمواطن، أو قد تمس أمن الدولة والجانبين الصحي والخدماتي اللذين لا يحتملان التأخير.”