تعدد مصادر القرار يضعف عملها الموانئ العراقية: الأكثر تراجعاً في الشرق الأوسط
طه حسين/
تواجه الشركة العامة لموانئ العراق اتهامات عديدة، لعل أبرزها تغييب الكفاءات العراقية عن إدارة هذه المؤسسة، التي تتقاسمها جهات حزبية تتصارع فيما بينها على فرض نفوذها بهدف السيطرة على مواردها الضخمة، فيما ينعكس الإهمال على موانئها، حيث السفن الغارقة والزوارق المتروكة تخنق ممراتها الملاحية.
الواقع أن الموانئ تمثل رئة العراق وبوابته الواسعة التي يطل من خلالها على العالم، إذ تعتمد عليها البلاد في إدخال جميع احتياجاتها من البضائع المُختلفة من البلدان الأخرى. ومن هنا تأتي أهمية الموانئ في عمليات التبادل التجاري. ومع هذا، فهي تُصنف اليوم بأنها الأكثر تراجعاً في تقديم الخدمات البحرية المتطورة في منطقة الشرق الأوسط.
بالطبع، فإن الموانئ تُحقق واردات مالية ضخمة، يسيل لها لعاب الفاسدين، الذين يعملون على تقاسم النفوذ داخلها، وإضعاف دور أجهزة الدولة العاملة فيها من خلال استخدام طرق الترغيب والترهيب.
خطط لتغيير واقع الموانئ
لكن مدير العلاقات والإعلام في الشركة العامة لموانئ العراق، أنمار عبد المنعم الصافي، أكد لـ “مجلة الشبكة” أن “الشركة تعمل بحلتها الجديدة على تطوير البنى التحتية للموانئ، من خلال وضع خطط تهدف إلى النهوض بها وتطويرها، وجعلها من الموانئ الجاذبة لشركات النقل البحري. ويظهر ذلك جلياً من خلال التطور الحاصل في الأرصفة، فقد حرصت الشركة على إنشاء أرصفة جديدة وساحات خزن للحاويات والبضائع؛ ما أتاح انسيابية عالية في العمل الحاصل فيها.”
فريق واحد
أضاف الصافي: إن “العاملين في الشركة يعملون بروح الفريق الواحد ضمن السياقات الإدارية والفنية التي وضعتها الشركة، التي تعتمد في أساسياتها على وضع الشخص المُناسب في المكان المُناسب، لذا فهي تحرص على احتضان جميع الموظفين من دون تمييز، وتعطي الكفاءات أهمية في تبوّء المناصب العليا. لافتاً إلى أن “الشركة تعمل بموجب القوانين والأنظمة المشرعة من قبل الدولة العراقية، أما بخصوص القوانين الخاصة بالملاحة فإن الشركة تعمل وفق هذه القوانين مع إجراء التعديلات عليها ضمن حدود القانون المُلائم للتطور الحاصل في هذا القطاع، فلا يصح أن تعمل وفق القوانين الملاحية السابقة، والجميع يلاحظ التطور الحاصل بهذا المجال في دول الجوار والعالم.”
سلطة الدولة
وشدد الصافي على أنه “لا صحة للشائعات التي تقول: إن العمل في الموانئ مُقسم بين الأحزاب أو أية جهات أخرى غير سُلطة الموانئ، إذ أن جميع الأعمال فيها تُدار من قبل الإدارة العليا في الشركة، وشركات التشغيل المُشترك التي جرى التعاقد معها وفق القانون العراقي النافذ، لا سيما أن الموانئ تعتبر النافذة التي يطل من خلالها العراق على العالم، ويوفر من خلالها كل السلع التي تحتاجها السوق المحلية.”
على جانب آخر، يقول وزير النقل الأسبق، كاظم فنجان الحمامي: إن “السُفن الغارقة والزوارق المتروكة، باتت تخنق الممرات الملاحية وتعيق انسيابية مرور الناقلات، وما من حلول لهذه المُشكلة.”
لكن مدير الإعلام في الشركة العامة للموانئ، أنمار الصافي، يؤكد أن “الإدارة العليا في الشركة العامة لموانئ العراق وضعت جدولاً زمنياً لرفع جميع الغوارق بحسب تأثير موقع الغريق وإعاقته لسير السُفن والناقلات، وحال إخراجها يعلن عن عرضها للبيع في وسائل الإعلام، فيما ينقل جزء منها إلى معمل الحديد والصلب التابع للدولة”، مشيراً إلى أن “الشركة عملت، بعد عام 2003م وحتى الآن، على رفع جميع الغوارق التي تعيق الملاحة، إذ تم رفعها بالتعاون والتنسيق مع قسم الإنقاذ البحري التابع للموانئ بواسطة الرافعة العملاقة (أبا ذر)، ولم يبق منها إلا جزء قليل قد يؤثر على البيئة، والشركة مُستمرة بانتشاله بمُساعدة الرافعة (حمرين ).”
قطع بحرية جديدة
ولفت الصافي إلى أن “الإدارة العليا في الشركة، في الوقت الذي وضعت فيه العديد من الخطط لتطوير عمل الموانئ من خلال إعادة تأهيل الأرصفة القديمة، والعمل على إنشاء أرصفة أخرى جديدة، قامت أيضاً بإنشاء عدد من الأرصفة في موانئ أم قصر الشمالي والجنوبي وخور الزبير، وهناك أرصفة أخرى قيد الإنجاز، إضافة إلى ميناء الفاو الكبير الذي يعتبر المشروع الاستراتيجي العملاق، الذي سيغير خارطة النقل العالمية، ويحقق للعراق نمواً اقتصادياً كبيراً، كذلك سوف يسهم في تقليل نسب البطالة، وتحقيق الاكتفاء في أرصفة تصدير النفط والتجارة العامة.” مُؤكداً على أن “الشركة عملت على إعداد برنامج مُتكامل لبناء قطع بحرية وإعمار وتأهيل القطع البحرية القديمة، وتحديث المُعدات والآليات، من خلال اعتمادها على الأتمتة بشكل خاص، لا سيما بعد إنجاز ساحة الترحيب الكبرى، التي ستجتمع فيها كل الإجراءات.” مُبيناً أن ”الشركة عاملة على الارتقاء بواقع العمل في جميع المفاصل التابعة لها.”
تعدد الجهات الساندة
كما أشار مدير العلاقات والإعلام في الشركة إلى أن “من أهم الأسباب التي تعيق وتعرقل العمل في الموانئ هو تعدد الجهات الساندة التي تعمل داخل الموانئ، إذ أن هذه الجهات تعمل وفق توجيهات وزاراتها ومراجعها، ما يؤدي إلى تعارض وجهات النظر في بعض الأحيان.” منوهاً إلى “أهمية تفعيل قانون السُلطة البحرية، الذي سيكون له بالغ الأثر في تنظيم ومُراقبة العمل البحري.”مُؤكداً” على سعى الموانئ لجعل جميع الجهات العاملة فيها تحت سُلطة إدارة الشركة، كما هو الحال في موانئ العالم الأخرى”.