إيناس طالب لـ(الشبكة): بعد جيلنا لم تظهر مواهب كبيرة
أحمد سميسم _ عدسة: صفاء علوان /
دخلت مجال الفن في عمر مبكر، وأسندت لها أدوار تلفزيونية عندما كانت طالبة في معهد الفنون الجميلة، أحبها الجمهور وعشق طلّتها المميزة منذ ظهورها الأول في مسلسل (الهروب إلى الوهم) الذي أنتج عام 1996، لم يحالفها الحظ في تحقيق أمنيتها بأن تصبح (عازفة لآلة الكمان)
لكنها حققت الكثير عندما قررت ولوج عالم التمثيل المسرحي والتلفزيوني، دقيقة في اختياراتها للغاية ولا تسمح لنفسها بخوض أية تجربة فنية عابرة قد تؤثر على هويتها ومنجزها الفني الطويل، هذا ما يجعلها تغيب عن الشاشة لفترات طويلة من أجل الظهور بأفضل صورة، عادت مؤخراً إلى بغداد قادمة من عمّان لتشارك في أعمال فنية جديدة. نجمة الشاشة العراقية الفنانة “إيناس طالب” التقتها “مجلة الشبكة” في حوار لا يخلو من الصراحة:
“ماكو مثلنا”
* بعد انقطاع عن المسرح العراقي دام 14 عاماً، عدتِ إلى بغداد مؤخراً قادمة من عمّان لتشاركي في عمل مسرحي جديد حمل اسم (ماكو مثلنه) حدثيني عن هذا العمل.
– كانت عودتي إلى بغداد الحبيبة مثمرة جداً من خلال لقائي مع زملائي الفنانين وجمهوري الكريم الذين يتابعونني في كل مكان أكون فيه، وهذه نعمة من الله تعالى، مشاركتي في مسرحية (ماكو مثلنه) اعتبرها نقطة مهمة جداً، لاسيما في هذه الفترة، إذ نسمع ونرى أن هناك أعمالاً هابطة تقدم لا ترتقي لذائقة المشاهد العراقي بل أساءت إلى الفن العراقي عموماً والمسرح خصوصاً، لذا حاولنا في هذه المسرحية أن نبرز الجمال، والذوق، والمتعة، ولتعود الأسَر العراقية كما كانت في السابق تتزاحم في مبنى المسرح الوطني لمشاهدة العرض المسرحي وهذا ما لمسناه فعلاً بأعيننا عندما قدموا لنا الشكر والثناء لما عرض على خشبة المسرح، وتدور أحداث المسرحية حول الإشكالات التي طرأت على المجتمع العراقي ما بعد التغيير، المسرحية كانت من تأليف الفنان جمال الشاطي وإخراج الفنان طلال هادي.
* بكل صراحة، هل تعتقدين بأن عودتك إلى بغداد وإلى أحضان الفن العراقي من جديد قد يزعج بعضهم ممن يخشون نجومية وبريق إيناس طالب؟
– لا أعلم، ربما نعم، عودتي إلى بلادي كانت من أجل المساهمة في بنائه، كل حسب موقعه وعمله، وبالتالي لا أفكر في منافسة أحد على حساب أحد بل أفكر كيف أقدم ما هو أفضل بجهود وتكاتف مشترك، الفن رسالة إنسانية سامية وليس ساحة لتصفية الحسابات أو الصراعات.
جريئة
* لو قارنّا إيناس طالب منذ ظهورها عام 1995 في مسلسل (الهروب إلى الوهم) عندما كانت طالبة في معهد الفنون الجميلة وإلى الآن ما الذي تغير فيك؟
– بالتأكيد الوعي والإدراك والنضج الفني، لأني دخلت الفن في عمر مبكر ومن البديهي أن تكون لدي جوانب معتمة من المعرفة، لكن مع مرور السنوات استطعت أن أكشف تلك العتمة التي أصبحت، فيما بعد، جوانب مشرقة.
* بالرغم من إقامتك الطويلة خارج العراق وإمكاناتك وخبرتك الكبيرة في مجال الفن إلا أنك لم تخوضي تجربة الأعمال الفنية العربية، لماذا؟
– لا أخفيك سراً إن قلت لك قُدمت لي عروض أعمال عربية كثيرة، لكني واجهتها بالرفض لأسباب كثيرة أولها انشغالي بابنتيّ التوأم (تاج و جودي) وأنا ملتصقة بهما كثيراً، وأيضاً انشغالي ببعض الأعمال التي حالت دون اشتراكي في أعمال درامية عربية، لكن مشاركتي في الأعمال الفنية العراقية كانت لها الحصة الأكبر وهذا يكفيني.
* يقال إنك الأكثر أجراً بين الممثلات العراقيات، هل هذا صحيح؟
– لست الأكثر أجراً كما يتصور بعضهم، لكن المسألة هي أني أحدد أجوري الفنية وأضع الرقم المناسب لي وأعتقد أن هذا من حقي وليس عيباً في ذلك، كوني تعبت على حالي كثيراً وكافحت لما وصلت إليه الآن، لذا ليس كثيراً عليّ إن قمت بتحديد الأجر.
* كيف وقع الاختيار عليك في تجسيد حياة الفنانة الراحلة (عفيفة إسكندر) في مسلسل “فاتنة بغداد”؟
– كان من أهم الأعمال الفنية كونها شخصية مركّبة قمت بتجسيدها. كنت حينها في الأردن وساعدني في هذا الموضوع، من حيث المصادر التاريخية، المخرج صلاح كرم وأيضاً المخرج علي أبو سيف، حيث جمع لي كمّاً هائلاً من المعلومات حول الشخصية، وبسبب الحالة الصحية الصعبة للفنانة عفيفة إسكندر حينها وعدم قدرتها على النطق لم تزودنا بالوقائع والأحداث عن حياتها، ما دفعني إلى المشاركة في هذا العمل هو حبي للفنانة الراحلة وأيضاً لقرب شكلي إلى حد ما من شكل الفنانة الراحلة كما يقال، والحمد لله إني أديت الشخصية بروحية عفيفة إسكندر كما قال الفنان الكبير الراحل يوسف العاني وهذا هو الأهم.
* ما العمل الذي تعتبرينه نقطة تحول في حياتك الفنية؟
– ممكن القول مسلسل “مناوي باشا” ومسلسل “فاتنة بغداد” برغم أن هناك أعمالاً فنية كثيرة مهمة.
لست ضدهن
* ظهور عدد كبير من الممثلات الشابات بعد عام 2003 وأصبحن فيما بعد نجمات ووجوهاً بارزة في الشاشة برغم ما يصاحبهن من هفوات هنا وهناك، ما تقييمك ورؤيتك لهن؟
– أين هن الممثلات الشابات المتصدرات الشاشة؟ لا يوجد بسبب قلّة الأعمال الدرامية، والأمر المهم أن ليس كل من ظهرت على الشاشة في عمل أو عملين نطلق عليها لقب فنانة تجاري من لديهن خبرة طويلة في مجال التمثيل، وأتمنى ألا يفهم كلامي هذا بأني ضد الفنانات الشابات أو من ظهرن بعد عام 2003، بل على العكس أنا ربما أكثر فنانة ساعدت من لديهن موهبة وقدمت كل المعلومات لهن من أجل الوصول إلى النجاح وإكمال المسيرة الفنية، علينا أن نرتقي بالفن وكلمة (فنان) مسؤولية كبيرة، ليست كلمة تقال فحسب، أتمنى أن ندرك ذلك.
* ما الدور الذي تنتظرينه بشغف كبير؟
– ليس هناك دور معين، لكني أحب الشخصيات المركّبة التي لها وقع وتاريخ عميق في المجتمع.
* حصلتِ مؤخراً على شهادة البكالوريوس في الإعلام والصحافة من جامعة البتراء في الأردن، هل يعد هذا مؤشراً بأنك ممكن أن تدخلي مجال الإعلام وتتركي التمثيل لاسيما أنك تتمتعين بكارزما مميزة؟
– من الممكن أن أدخل مجال الإعلام وشهادتي تؤهلني إلى ذلك لكن دون أن أترك الفن، فالفن هويتي التي عرفني الناس بها.
* لدي معلومة بأنك كنت خياطة ماهرة هل هذا صحيح؟
– نعم صحيح، من أين حصلت على هذه المعلومة؟ كنت أزاول الخياطة كهواية لهذه المهنة لكن تدريجياً تركتها بحكم الظروف.
موهبتي
* على ما يبدو أنك فنانة انطوائية؟
– لست انطوائية، لكني لا أحب الأماكن المزدحمة الصاخبة بالضجيج، أحب الأمكنة الهادئة برفقة الأصدقاء.
* ما سر عشقك للّون الأسود؟
– اللون الأسود يشعرني بالثقة في النفس، بالرغم من أني لست (سوداوية) في الحياة العامة بل متفائلة ومُحبة للحياة.
* من كان له الفضل الكبير عليك في دخولك الوسط الفني؟
– لا يوجد أحد له تأثير بشكل مباشر على دخولي الوسط الفني، لأني أمتلك موهبة ودخلت الفن في عمر صغير جداً لذا كنت مميزة حينها، لم أتعكز على أحد بل على شهادتي في الفنون المسرحية من معهد الفنون الجميلة.
* يقال بأن الفنانة عفيفة إسكندر قبل وفاتها كانت غير راضية ولديها ملاحظات حول أحداث مسلسل “فاتنة بغداد” هل هذا صحيح؟
– لا أعلم بهذا الموضوع، لكن سمعت أن هناك اعتراضاً من قبل نقاد ومؤرخين حول مجريات الأحداث التاريخية للمسلسل، فكل منهم كانت له وجهة نظر في الموضوع وينظر من منظوره الخاص، ولا أعتقد بوجد تحريف في قصة المسلسل بل أنها كتبت بشكل دقيق مستندة إلى مصادر وشهادات تاريخية.
* ما الشائعات التي أثرت بك؟
– كثيرة هي الشائعات، لكني لا أكترث لها ولا أنظر للخلف لأتذكر ما قيل عني.
* ما الذي أخذته الغربة منك ؟
– جعلتني أبتعد عن المقربين لي وأحبابي ويكون التواصل نادراً بسبب بعد المسافات، لكن بعودتي اليوم إلى بغداد انكسر ذلك الحاجز وأصبحت بين ناسي وجمهوري ولله الحمد.
* هل مازالت أمنيتك قائمة بأن تصبحي عازفة كمان؟
– نعم مازالت هذه الأمنية معلقة بنبضي، وممكن أن أحققها في يوم ما.
* كيف ترى إيناس طالب الدراما العراقية؟ وهل هناك عمل جديد يلوح في الأفق؟
– بصراحة أنا حزينة جداً على ما حل بالدراما العراقية مؤخراً وغيابها عن المشهد الفني الثقافي، لأنها تعكس ثقافة البلد ومحاكاة للواقع وتبعث الأمان والاستمرارية للحياة، أتمنى أن تدور عجلة الفن من جديد لننتج مسلسلات مهمة تؤثر في المجتمع كما كنا في السابق، أما عن أعمالي القادمة درامياً فهناك عروض مطروحة أناقشها برويّة لترى النور قريباً.