أحداث غزة وكارثة الحمدانية تلقيان بظلالهما على الحدث احتفالات وقداسات دينية محدودة في أعياد الميلاد

63

ملاذ الأمين
تصوير – حسين طالب/
شهد عدد من مناطق بغداد احتفالات رأس السنة وسط أجواء الألعاب النارية التي زينت السماء، فيما تبادل الأقرباء والأصدقاء الهدايا للتعبير عن الأمنيات الجميلة في العام الجديد، وقد ألقت أحداث غزة وكارثة الحمدانية بظلالهما على احتفالات هذا العام.
واختلفت نوعية الاحتفال من مدينة الى أخرى ومن عائلة الى أخرى، غير أن معظم العائلات العراقية تستبشر خيراً بقدوم السنة الجديدة، لذا فإنهم يقدمون ما يثير الأفراح والسعادة لدى افراد العائلة، إذ إن العديد من العائلات تقضي أولى ساعات العام الجديد في مواقع الاحتفالات، سواء المسارح أو الكازينوهات أو الحدائق قرب شواطئ دجلة.
إجراءات استباقية
وكانت وزارة الداخلية قد اتخذت عدة إجراءات للمساهمة في تنظيم وانسيابية احتفالات رأس السنة في مناطق بغداد التي تشهد إقبالاً كبيراً بهذه المناسبة، مثل شارعي أبي نوّاس والسعدون، ومناطق الكرادة والدورة وأحياء أخرى.
يقول (العقيد عدي الدليمي)، مدير علاقات وإعلام شرطة النجدة، لـ “مجلة الشبكة” إن “وزارة الداخلية بإشراف مباشر من معالي الوزير ومدير الشرطة العام قررت نشر مفارز شرطة النجدة في شوارع وتقاطعات المدن كافة، لكي يكون جهاز النجدة قريباً من المواطن الكريم.”
وأضاف أن “المديرية إذ تهنئ المواطنين بمناسبة قدوم العام الجديد، فإنها عملت على تكثيف وجودها في مواقع الاحتفالات بالمدن، وإلقاء القبض على مطلقي العيارات النارية وكل من يسيء استخدام المناسبة.”
مجسم المغارة
توضح الإعلامية (مريم ألبرت)، مقدمة برامج في القناة العراقية السريانية، كيفية احتفالهم في أعياد الميلاد فتقول: “أحضرنا شجرة الكرسمس والزينة، كما هيأنا زينة المغارة التي هي عبارة عن مجسّم صغير يمثل مغارة ومجسّمات، أو تماثيل لمريم العذراء والقديس يوسف والملائكة ونجمة المشرق فوق مجسّم المغارة والحيوانات، إذ إن السيد المسيح ولد في (مذود للبقر) أو معلف الأبقار. أما بالنسبة للأكلات التي هيئت للعيد فهي (الكليچة) وأنواع المأكولات العراقية المعروفة، ويوم العيد نبدأ بالتوجه نحو الكنيسة صباحاً لحضور القداس الإلهي، وبعدها نهنئ الأهل والأقارب والأصدقاء في الكنيسة، ثم التجمع في البيت لتناول الفطور واستقبال الأقارب أو زيارتهم، وأيضاً استقبال الجيران من الإخوة المسلمين الذين يحضرون للتهنئة.”
احتفالات دينية
الأب جيمس من كنيسة النجاة في الكرادة يقول إن الكنيسة ترعى الاحتفالات بأعياد ميلاد المسيح، حيث تمنح البركة والمحبة للجميع.
أما السيدة (مريم آشور) فقد شرحت لـ “مجلة الشبكة” مراسم احتفال عائلتها بعيد الميلاد المجيد، تقول مريم: “ابتهجت بالمناظر الخلابة الآسرة وسرحت في تفاصيلها، لكن الأهم هي معانيها، إذ يرمز كل شيء لتفاصيل الميلاد المجيد، ويذكرنا بهذه الأعجوبة، فالشجرة الخضراء هي رمز الأشجار الدائمة الخضرة التي تمنح الأمل، ونجمة بيت لحم كانت علامة الوعد لأنها قادت المجوس الى مكان ولادة المسيح (ع)، حيث قدموا هداياهم للطفل المسيح، وصوت الجرس يعني الفرح والبهجة، والنور والشموع هما رمزا المسيح.”
وتابعت مريم أن “فرحة الميلاد تكتمل بالروابط الأسرية والاجتماعية، حين تسود المحبة والألفة في قلوب الجميع دون تفاوت في الديانات والمعتقدات، إذ نتبادل التهاني والأمنيات كما هي عادة كل منزل عراقي في كل مناسبة مبهجة.”
فيما يقول (القس شمعون) من كنيسة مريم العذراء في الكرادة إن “الاحتفالات بهذه المناسبة تكون دينية وتعاونية، إذ تزور العوائل الكنيسة وتبارك البيوت وتقدم الهدايا للأطفال وتزرع الفرح في نفوس رعاياها.” لافتاً الى أن “احتفال هذا العام سيكون دينياً فقط دون استقبال المهنئين بسبب واقعة حادثة الحمدانية ومجزرة غزة التي ارتكبها الصهاينة.”
وتابع القس شمعون أن “الاحتفال الديني سيقتصر على أهالي المنطقة ويبدأ من الساعة العاشرة مساءً وينتهي في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، تقدم خلاله الأكلات العراقية مع تقديم المساعدات المالية والغذائية للعوائل المتعففة.”
وعن تناقص أعداد المسيحيين المشاركين في الاحتفال، أشار القس الى أن “عدد المسيحيين في العراق كان يشكل ما نسبته 5 % لكن بعد حادثة كنيسة النجاة 2010 انخفضت أعدادهم نتيجة الهجرة، ولا توجد لدينا إحصائيات دقيقة، إلا أن الكنيسة كانت تستقبل قبل 2010 أكثر من 3000 عائلة أسبوعياً والآن نستقبل أقل من 70 عائلة.”
وأعرب القس عن أمله في أن تبذل الحكومة الكثير من الجهود لوقف هجرة المسيحيين.
“لقد كانت كنيستنا تعمل قداساً ليلاً وآخر فجراً، والناس مجتمعون بأعداد تزيد على 12 ألف مواطن، وحالياً حضر قداس الأحد الأخير خمسة اشخاص فقط، وفي أيام الأعياد حضر 120 شخصاً فقط.”
وأشار القس الى أن قضاء الحمدانية كان لوحده يضم 65 ألف عائلة قبل دخول داعش عام 2010، وقد تمكن هذا التنظيم الإرهابي من تهجير 40 ألف عائلة، فبعد أن كانت الحمدانية تضم أكبر عدد من المسيحيين في العراق، أصبحت اليوم لا تضم سوى القليل منهم، الذين يحاولون بيع ممتلكاتهم بأسعار رخيصة بقصد الهجرة.”