أربع ركائز لسعادتك.. اِحذر أن يسرقها عملك!

377

جواد غلوم /

قرأت مؤخرا نصيحة عولمية لرجل أميركي يعدّ من الشباب، وليس شيخاً هرماً بعمامة وجبّة وهندام، وقور، كما اعتدنا أن نسمع النصائح والعظات من كبارنا وموقّرينا الأجلاّء. هذا الناصح من أصول هندية اسمه (ساندر بيتشاي) من مواليد / 1972يعمل في شركة غوغل، تلك النصيحة ألقاها في حيثيات خطاب له أمام زملائه العاملين، وقال من جملة ما قاله :
افترضْ أن الحياة عبارة عن لعبة تحوي خمس كرات؛ عليك أن تلاعبها في الهواء كما يفعل خفيفو اليد الماهرون، وتجتهد بكل ما فيك من مهارة ودرَبَة ألاّ تقع هذه الكرات على
الأرض .
هذه الكرات الخمس أولاها مصنوعة من مطاط، وترمز الى العمل والوظيفة ؛ أما الكرات الأربع الأخرى فهي زجاجية قابلة للكسر والتشظي، إذ ترمز الكرة المطاطية الأولى -المشار إليها- إلى العمل، فهي إن وقعت لا تسبب ضرراً يذكر، لكنها سرعان ما تقفز مجدداً فتعود إليك دون أن تصاب بخدش أو ثلم.
أما الكرات الزجاجية الأربع فترمز كلّ واحدة منها إلى: العائلة، الصحة، الأصدقاء، الروح .
ركائز سعادتك
هذه الكرات الزجاجية قد تكون أهم ركائز سعادتك، وما عليك إلاّ أن تكون فطناً محنّكاً ولاعباً ماهراً حتى لا تقع، لئلا تتناثر وتتشظى، وفي أحسن الأحوال قد يثلم جزء منها، أو قد تتناثر كل أجزائها إذا بدرتْ منك هفوةٌ ما، وهنا تكمن مسؤوليتك وحرصك الشديد في الحفاظ عليها لتديم سلامتها قدر ما تستطيع .
لا تعبأ إذا ما سقطت كرتك المطاطية على الأرض، فإنها حتما ستعود اليك مرتدّةً دون أن يطرأ عليها عطب أو شرخ ما، وقد تقفز أعلى فأعلى، ومن يدري، فقد تحصل على وظيفة أكثر سموّاً وكسباً ولمعاناً وظيفياً مما كنت فيه لو تعالت هذه الكرة، وفي أقل احتمال فإنها ستكون بين يديك.
فيا قارئي العزيز؛ حافظ على كرة العائلة واجهد في الاهتمام برعاية أسرتك وأطفالك ورفيقة عمرك، فهم الملاذ الجميل والمأوى الرحب الصدر والسكينة والهدأة، ومثلما قال وليم شكسبير “إن البيت والعائلة هما جنة الإنسان في أرض الحياة.”
وأيضاً عليك الحفاظ على صحتك البدنية والنفسية ومراقبة وضعك الصحي، لتجهز بقامتك وأنت بكامل المعافاة، وتذكر أن الكثير من الأشياء قابل للعطاء مثل المال والجاه والحظوة والمركز المرموق والجدارة الوظيفية، باستثناء الصحة؛ فلا أحد يمكن أن يهبك قلباً سليماً وعقلاً راجحاً وطلعة بهية سواك، انتقِ الطعام المنتخب بلا نهمٍ أو شراهة، مثلما يقول الهنود الحمر: “كلِ النصف من طعامك وامشِ الضعف وأنت تتريّض .”

الصداقة الراسخة
ابقِ على أصدقائك المنتخبين، فهم آصرتك الاجتماعية المحببة حينما تلتئمون على المحبة والصداقة الراسخة وتلتقون على المودّة، ومن يكون غير الساعد الأيمن والملجأ الآمن والمتكأ القوي عند العوز والضائقة النفسية سوى الأصدقاء؟
فالصديق ليس وقت الضيق، كما يشاع، إنما يكون في وقت الضيق والسعة أيضاً ليحفظ ما تملك، ويكون حارساً صائناً أميناً على ما تحوز، ويقف معك في اليسر كما في العسر.
أما عن شفافية دواخلك ونفسك الكامنة فيك؛ فلتكن روحك نقية خالية من نوازع الكراهية كي تحبّ بلا حدود، اجعلها هانئة البال راضيةً قنوعاً بما يحقق الاكتفاء، فالاستغناء أكثر قيمة وأهمية من الغنى، دون النظر إلى ما يكسبه الآخرون من خيرات، واقنع بما يهبه الله الوهّاب الكريم لك، ونم هانئاً مطمئناً خالي السريرة من الهموم والقلاقل، وليكن الضحك والابتسام بائنين في طلعتك حتى وأنت في أحلك الظروف.