التأخير في إنجازه ينعكس سلباً على خطط التنمية.. العراق عازم على إجراء التعداد العام للسكان

141

بغداد ـ طارق الأعرجي
تصوير: حسين طالب/

يؤكد العراق عزمه هذه المرة على المضي قدماً في إجراء عملية التعداد العام للسكان وتجاوز العقبات التي حالت دون إجرائه على مدى أكثر من ربع قرن، إذ تعمل وزارة التخطيط على إنجاز متطلبات إجراء التعداد العام للسكان في تشرين الثاني المقبل. وعلى ما يبدو فإن الوزارة ما زالت بحاجة الى ميزانية إضافية تقدر بنحو 250 مليار دينار لإنجاح التعداد الذي سيجري في جميع محافظات البلاد وبضمنها محافظات إقليم كردستان بهدف إنجاز خطة فاعلة تضمن نجاحه ودقة المعلومات التي تسعى الوزارة للوصول إليها من خلال هذا التعداد.
آخر تعداد عام 1997
يقول الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي لـ “مجلة الشبكة” إن “العراق أجرى آخر تعداد عام للسكان في العام 1997، ولم يكن تعداداً شاملاً لأنه لم يغطِّ محافظات إقليم كردستان في حينها، وبالتالي حصلت فجوة كبيرة من الحاجة الى البيانات والمؤشرات التي ترسم الواقع وتعكسه بنحو دقيق، وعليه، وبعد سقوط النظام المباد، انطلقت في العام 2010 محاولة جادة لتنفيذ التعداد، وقد وصلت الوزارة الى مراحل نهائية لتحقيق هذا المبتغى، لكنه أجل ولم ينفذ نتيجة الأوضاع السياسية، بسبب المناطق المختلف عليها، ولم تفلح كل الجهود في معالجة هذه المشكلة.”
مبيناً أن ” المحاولة الثانية انطلقت في العام 2020، لكن عدم الاستقرار في البلاد، بسبب التظاهرات وتوقف بعض الفعاليات، ثم تغيير الحكومة ودخول العراق في الأزمة الصحية نتيجة تفشي كوفيد 19 وبالتالي فإن هذه المحاولة لم يعتد بها لأنها لم تقطع شوطاً بعيداً، وعليه فإن العراق لم يشهد إجراء تعداد سكاني منذ 26 عاماً.”
تحديد موعد التعداد
يؤكد الهنداوي أن “مجلس الوزراء والهيئة العليا للتعداد، برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط، اتخذت قراراً يقضي بضرورة إجراء التعداد السكاني في العراق هذا العام 2024. وفي ضوء قرارات مجلس الوزراء ووفق أولويات البرنامج الحكومي وتوجيهات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، جرى وضع خطة بتوقيتات زمنية محددة لإجراء التعداد في شهر تشرين الثاني المقبل من هذا العام. وهناك الكثير من المتطلبات سوف تسهم بإنجاح هذا الإجراء، إذ إن هذا المشروع يعد من المشاريع الضخمة والصعبة والمعقدة، فالأمم المتحدة تصف التعدادات السكانية في كل بلدان العالم بأنها الاصعب والأضخم في حال قيام أية حكومة في العالم بتنفيذها.”
خطة لتنفيذ المتطلبات
وكشف الناطق باسم الوزارة عن “وضع خطة بتوقيتات زمنية محددة لإكمال جميع المتطلبات، أبرزها توفير الأجهزة اللوحية، إذ سينفذ التعداد إلكترونياً، ما يتطلب توفير 120 ـ 130 ألف جهاز لوحي (تابلت)، يجري التعاقد عليها مع شركات عالمية متخصصة لتجهيز العراق بها.” منوهاً بأن “مدة التعاقد والتوريد والتجهيز تتراوح بين 5 ـ 6 أشهر، ونتحدث أيضاً عن إجراء تعداد تجريبي خلال شهر أيار المقبل، الى جانب تدريب العدادين الذين تصل أعدادهم الى 130 ألفاً من المعلمين والمدرسين، إضافة الى الحاجة لعملية الحصر والترقيم، التي تمثل العمود الفقري للتعداد، وتتطلب مدة قد تصل الى ثلاثة أشهر لإنجازها، كذلك الحاجة لإنشاء مركز وطني لمعالجة البيانات يشتمل على أحدث التقنيات، مع توفير الصور الفضائية للوحدات الإدارية على مستوى المحافظات والأقضية والنواحي والقرى، والحاجة الى التغطية الهاتفية وشبكة الإنترنيت لتغطية جميع مناطق العراق، لأن التعداد سيكون إلكترونياً، اضافة الى تناقل البيانات بشكل مباشر من الميدان الى المركز بسرعة ودقة أمنية عاليتين، فضلاً عن متطلبات أخرى، لوجستية وإدارية ومالية.”
250 مليار دينار
وخمّن الهنداوي حاجة الوزارة الى “250 مليار دينار لإنجاح إجراء التعداد العام للسكان في عموم البلاد، بما فيها محافظات إقليم كردستان في شهر تشرين الثاني المقبل.” مبيناً أنه “ضمن موازنة عام 2023 المنصرم جرى تخصيص 100 مليار دينار عراقي، ومن المؤمل تخصيص أموال إضافية هذا العام 2024 لاستكمال كل المتطلبات الخاصة بإنجاح التعداد العام للسكان.”
أهميته تكمن في توزيع الثروات
وشدد الناطق باسم وزارة التخطيط على أن “أهمية اجراء التعداد تكمن في توفير قاعدة بيانات شاملة متكاملة عن الواقع في العراق بكل تفصيلاته ومفاصله وقطاعاته، من خلال توثيق الخصائص الديمغرافية والصحية والسكنية والتعليمية والخدماتية للأسرة، التي سيجري على أساسها وضع الخطط والسياسات التنموية المستندة الى الحقائق والوقائع، كما أنه سوف يساعد في حل الكثير من الإشكالات المرتبطة بتوزيع الثروات بين المحافظات على وفق نسبها السكانية، من دون تشكيك او شعور بالغبن من قبل بعض المحافظات التي يعتقد بأن عديد السكان الموجود فيها هو غير ما يجري تقديره سنوياً، فضلاً عن أهميته في توفير جميع البيانات التي تتطلبها خطط التنمية والباحثون في معالجة جميع الإشكالات.”