التسلسل الجيني لسكان الأهوار يمتد الى السومريين

2٬122

جبار عبد الله الجويبراوي /

توصلت دراسة حديثة الى ان عرب الاهوار ينتمون الى شعوب مابين النهرين “السومريين” و تتبع بحث الطبعة الوراثية عند عرب الأهوار في العراق عبر مسح لكروموسوم (Y) الذكري والحامض النووي(mt DN A) لـ(143) شخصاً يعيشون في هور الحويزة.
في بحث ارسله لي الطبيب البروفيسور علي جاسم هاشم الساعدي الاستشاري والأستاذ المساعد في كلية الطب ـ جامعة بغداد والمتكون من (16) صفحة باللغة الإنكليزية، ترجمة وتلخيص الدكتور الطبيب جاسم مهدي الهاشمي. حاول فيه الباحث تتبع الطبعة الوراثية عند عرب الأهوار في العراق عبر مسح لكروموسوم (Y) الذكري والحامض النووي(mt DN A) فقد أخذت عينات (5 ـ 10 مللتر دم ) من (143) شخص ممن يعيشون في هور الحويزة (وهو الهور الوحيد في جنوبي العراق الذي لم يجف).
وجميع هولاء الأفراد لا يمتون لبعضهم بصلة قربى. وسجل لكل فرد منهم تسلسل عائلته لأربعة أجيال على الأقل، وللمقارنة جمعت عينات دم من (154) فردا من عامة شعوب العالم عربيا وأوربيا وأفريقيا وآسيويا.
نتائج
وخلصت نتائج البحث الى ان سكان الأهوار شعب أصيل في ـ الميزوبوتاميا ـ ولهم علاقة وثيقة ومتينة بالسومريين. واكد البحث في دراسته، أن سكان الأهوار هم الأقرب إلى شعوب الشرق الأوسط من أية مجاميع أخرى، وأنهم اليوم أفضل مصادر التسلسل الجيني لشعوب بلاد ما بين النهرين.
فهم يمتلكون الجين الوراثي Y chromosome و mt DNAs العائد لشعوب الشرق الأوسط ،ولهذا فإن زراعة الرز وتربية الجاموس، اللتين قد تكونا وردتا من الهند لم تؤثر على إصالة هذا الشعب الأصيل وارتباطه الجيني بشعبه. ومن تعقبي لزراعة الرز وتربية الجاموس التي وردت في البحث فان زراعة الرز في العراق لم تكن بكثرة، إلا من بعد نهاية العهد البابلي (القرن السادس ق .م)، خاصة في العهد الفارسي الاخميني (539 ـ 331ق.م ) ومع ذلك فالمحتمل أن نبات الرز كان معروفا في العراق في عهد أقدم لعله منذ القرنين السابع والثامن ق.م فقد ذكرت إثبات النباتات المسمارية نباتا يكتب بالعلامات المسمارية (شي ـ لي ـ آ( (a ـ li ـ She) وهو مصطلح سومري يتألف من العلامات ( شي) التي تعني الحبوب كالقمح والشعير ثم العلامة (لي) وتعني الحشيش.
“الشلب”
ولعل هذا المصطلح أصل الكلمة العراقية التي تطلق على الرز غير المقشور أي غير المجروش وهو (الشلب)، وذكر للمصطلح السومري مرادف في البابلية هو (كورنـكـي) المضاهي للكلمة الفارسية القديمة التي يرجح أنها أصل الكلمة البابلية. حسب ما ذكره العالم الآثاري طه باقر في كتابه (من تراثنا اللغوي القديم / ص90).
تدجين الجاموس
وفيما يخص الجاموس، الحيوان الذي ارتبط ارتباطا مباشرا بحياة سكان الأهوار، فقد دَلَّت الاكتشافات الأخيرة على أن الجاموس الذي يكثر في منطقة الأهوار من جنوبي العراق كان موجوداً في أهوار ومسطحات جنوبي العراق منذ أقدم الأزمنة في حالته الوحشية ثم دُجِّن في منتصف الألف الرابع قبل الميلاد . وكان الجاموس الوحشي من الحيوانات المرعبة التي كان يخافها السكان أكثر من خوفهم من الأسود والثيران الوحشية. وتُـشاهد في كثير من النقوش السومرية القديمة صور لأبطال أسطوريين أنصاف آلهة وهم يصرعون الجاموس الوحشي ومن أقدم هذه النقوش نقش يُـشاهد فيه البطل الأسطوري ( كلكامش) الذي تردد اسمه في ملحمته المشهورة، وتكرر تصويره على الألواح والأختام لأعماله البطولية في مصارعة الأسود والجاموس وهو يقاتل الجاموس الوحشي، كما يُـشاهد في نقش آخر يرجع إلى العهد السومري الأكدي يمثل البطل الأسطوري نفسه (كَلكَامش) وهو يسقي الجاموس من كأس ينبجس منها مجريان يمثلان دجلة والفرات، وقد كُـرر المنظر على النقش بغية التنسيق الفني والتناظر وتُـشاهد على الأرض التي يقف عليها البطل والجاموس المياه والحصى، ما يشير إلى أن المنظر يقع في منطقة الأهوار، ويُـعتقد إن هذا النقش يمثل هبة المياه ونعمتها على حياة البشر والحيوان، ولعله يمثل قوة البطل (كَلكَامش) على ترويض الجاموس الوحشي وتدجينه، ومما لاشك فيه إن الجاموس كان موجوداً في منطقة الأهوار قبل أن يظهره السومريون الفنيون على أختامهم وألواحهم بزمن طويل، ويُـعتقد أيضا أنه كان أول الحيوانات الوحشية التي انقرضت في العراق حيث اختفى ذكره بوصفه حيواناً وحشياً بعد منتصف الألف الثالث قبل الميلاد0