العثور على معبد بابلي في محافظة ميسان
جبار عبد الله الجويبراوي/
بسبب شح المعلومات عن ميسان المدينة والإقليم مقارنة بالمعلومات المتوفرة عن المدن العراقية القديمة، الأمر الذي فرض صعوبة في رسم هيكلية حضرية وعمرانية واضحة عنها كونها مدينة قديمة في التأريخ، ففي روايات بعض المؤرخين ورد ذكرها خلال قصة هبوط سيدنا آدم (عليه السلام ).
العهد البابلي
تضم محافظة ميسان أكثر من (371) موقعا أثريا مكتشفا والعديد منها تحت الأرض مازالت بعيدة عن تنقيب الآثاريين. وقد تم اكتشاف معبد يعود إلى العهد البابلي قبل (2000) عام قبل الميلاد في موقع السور الذي يقع في منطقة الطيب شرقي مدينة العمارة ـ محافظة ميسان. والمعبد المكتشف بيضوي الشكل يحيط به سور بيضوي أيضا وله أربع بوابات ويحتوي على عدد من الغرف يعتقد أنها كانت تستخدم للكهنة.
وعثر في ساحة المعبد على عدد من القبور إضافة إلى قبر قرب السور مهم جدا ونادر وذلك للترميمات العديدة التي أجريت عليه في ذلك الزمن.
كما عثر داخل المعبد على قاعة مركزية لممارسة الطقوس الدينية تضم دكة لتقديم القرابين مطلية بمادة الجص ووسط القاعة تم اكتشاف بئر دائرية الشكل مبنية بالطابوق ومادة القير. كما تم العثور على بعض الأواني والجرار وتمثال نادر منحوت من الحجر الأبيض بارتفاع (75) سم وعليه ثلاثة حقول من الكتابات المسمارية، فضلا عن أربع سنارات لفتح وغلق الأبواب.
عاصمة العيلاميين
التنقيبات قادت أيضا الى العثور على بعض الجدران الشاخصة فوق مسطبة، مبنية باللبن أو الطوب اللبن، وهي تدل على نمط من البناء يعود إلى فترات موغلة في القدم، كما تم الكشف عن بناية ضخمة بنيت جدرانها من اللبن المهندس (المهندم) من الخارج، أما باطنها فقد بني من اللبن والطين وكانت جدرانها بعرض أكثر من (1متر)، وبعض الجدران لغرف مختلفة.
وحسب التنقيبات فإن هذا الموقع هو تل (أبو شيجة) في محافظة ميسان الذي يقع في منطقة الطيب، الواقعة قرب الحدود العراقية الإيرانية، على الضفة الغربية لنهر الطيب المنحدر من إيران، مخترقا سلسلة جبال حمرين التي تشكل عازلا طبيعيا بين البلدين في هذا الجزء من بلاد الرافدين. ولا يبعد هذا الموقع الكائن على بعد (66) كيلو متراً شمال مدينة العمارة (مركز المحافظة) عن مدينة (سوسة) عاصمة العيلاميين الشهيرة بأكثر من ( 80 ) كيلو متراً في حين يبعد عن مدينة (لكش) التي تمثل أقرب الحواضر السومرية إليه بحوالي (144) كيلو متراً.
ويمثل تل (أبو شيجة) أقرب نقطة تطل منها حضارة بلاد وادي الرافدين على بلاد عيلام في إيران، حيث إن تأثير هذه الحضارة على دول المنطقة أصبح حقيقة معروفة، إذ إن الآلهة شرعت لان تفتح بابا واسعة لن تغلق ثانية أبدا، وأخذت شمس بلاد الرافدين كجبار ذي أكتاف ملتهبة، تسير قدما في طريق افتتاحه للسماء، ولم تضئ تلك الشمس بأنوارها سهل وحوض النهرين العظيمين، دجلة والفرات، حسب بل أضاءت كل المنطقة المحيطة بها.
لقد بدأت أعمال التنقيب في هذا الموقع في عام ( 2007 ) بعد إن أحدث مجرى نهر الطيب إضرارا بالغة فيه، نتيجة وقوعه على حافة النهر بشكل مباشر.
أبو شيجة
وموقع (أبو شيجة) مستطيل الشكل تقريبا تبلغ مساحته حوالي (50دونما)، ـ والدونم الواحد يساوي حوالي 2500 متر مربع ـ وأعلى نقطة فيه تعلو عن السهل المجاور بحوالي ( 6 ) مترات، وعن حوض نهر الطيب بحوالي (1) متر، ومن الناحية الطبيعية يتصل الموقع بأراضي المنطقة الحصباء المنبسطة نحو الغرب، وهذه تشكل جزءا من الأراضي الصحراوية الممتدة ما بين سلسلة جبال حمرين ونهر دجلة، وجيولوجيا تتكون تربة المنطقة من مزيج من الغرين والمواد الكلسية، ونتيجة لانجراف ذرات الغرين الخفيفة الوزن بمياه الأمطار والرياح المحلية، تشكلت طبقة كلسية بيضاء تبلغ سماكتها حوالي (1) سنتمتر فوق السطح.
إن تسمية هذا الموقع بـ (أبو شيجة)، ربما جاءت تحريفا للاسم (شوادا)، وهو اسم الإله الرئيس للمدينة القديمة ( Bashime )، الذي يضمها هذا الموقع.