ثلوج كردستان العراق تجذبُ السيّاح
ضحى مجيد سعيد /
المعروف هو أن السياحة في كردستان تزدهرُ وتنشطُ في فصلي الربيع أو الصيف، لما تمتاز به الأجواءُ والطبيعة فيهما، إلا أن فصلَ الشتاءِ لا يخلو من أجواءٍ شتوية تجذبُ عُشاقها للاستمتاع بها، ولاسيما أثناء تساقطِ الثلوج وما يعقبه من جمالٍ أخاذٍ للصور والقطع الفنية التي يرسمها بريقُ وبياضُ الثلج الذي يُغطي الطبيعةَ والجبال والتضاريس، ليُنتج أجملَ لوحات الطبيعة الخلابة.
وشمال العراق قد مَنَّ اللهُ عليه بطبيعةٍ لها جمالها في كل فصول السنة، ولاسيما في الشتاء، الذي يرسم لوحته الجميلة على الجبال والوديان والأراضي الخصبة فيه، بما يجعل من النظر إليها متعةً تجذب السيّاح من كل مكان. وربما يكون جبل كورك هو الملتقى الأهم الجاذب للسيّاح، وذلك لكثرة تساقط الثلوج على سفوحه المترامية، إذ أن قمة هذا الجبل ترتفع قرابة 2127 متراً عن مستوى سطح البحر و1500 متر عن مستوى سطح الأرض، كما أن التلفريك هو الوسيلة الأفضل لهم، بما يوفره من مناظر ساحرة وخلابة خلال سير المقطورة على مرتفعات الجبل، فضلاً عن سرعة وانسيابية الوصول للقمة.
جبل كورك
العائلاتُ العراقية تحاول إيجادَ متنفسٍ لها في المناطق السياحية للترويح عن نفسها، لذا فإن من أبرز المناطق التي يتوافد عليها السياح هي مناطق حاج عمران وكذلك جبل كورك ، كما أن المصايف في محافظة دهوك، مثل سرسنك وعقرة والعمادية، تكون هي الأخرى مقاصد للسيّاح خلال فصلِ الشتاء.
وعلى الرغم من أن فصل الشتاء يكون مُرادفاً للخمول، كما هو متعارفٌ عليه في بعض الأحيان، لكنه في إقليم كردستان يتحول الى محطة نشاط يرغب في زيارتها كثير من السيّاح، فيكون المتنفس الجميل في نهاية الأسبوع والعطل للهروب من صخب الحياة اليومية والاستمتاع بالمناخ والطبيعة الشتوية الخلابة.
(دلير محمد علي)، مدير عام سياحة أربيل وكالة، حدثنا عن السياحة في شتاء كردستان قائلاً إنها “تزدهر في بداية شهر كانون الأول وحتى بداية شهر آذار، مع أن هناك فوارق إلى حدٍ ما، وذلك بسبب استمرار الدراسة في المعاهد والجامعات، لكن هناك نشاطات كثيرة تُقام في المناطق التي تتمتع بتساقط الثلوج، وبالتحديد جبلا حسن بك وهلگورد.”
وأضاف: “في فصل الشتاء تنشط السياحة في هذه الأماكن وتُقام أنشطة سياحية متنوعة، فيقضي السائح أكثر أوقاته في المناطق السياحية التي تشهد تساقط الثلوج. وفي نفس الوقت فإن مراكز المدن تعتبر من المناطق الحيوية التي تُمارس فيها الرياضة، كذلك توفر مدن الألعاب والمراكز التجارية والمطاعم السياحية، فضلاً عن الكثير من النوادي الليلية.”
وأكمل: “لا توجد أرقام دقيقة عن عدد السيّاح في فصل الشتاء، لكن مع بدء تساقط الثلوج تبدأ الرحلات عن طريق المجموعات السياحية، وكذلك يتجه العديد من العوائل بسياراتهم الخاصة إلى مدن الإقليم، وفي الحقيقة أن هناك العديد من وسائل الترفيه وقضاء الوقت في ظل استتباب الأمن والأمان في عموم مناطق كردستان التي تمنح السياح الاطمئنان لقضاء وقت ممتع.”
مشكلة حقيقية
وعن التحديات التي تواجه السياحة في الإقليم قال: “التحدي الحقيقي هو عدم الاهتمام بنظافة البيئة، وذلك لعدم وجود الإرشادات الصحيحة التي توجه السيّاح، وهذه مشكلة حقيقة تواجه الحكومة في كردستان، وأن التسهيلات تبدأ من دخول السائح إلى أربيل من النقطة الحدودية إلى الخدمات المقدمة في المدن، كما أن هنالك تنسيقاً عالي المستوى بين جميع دوائر الإقليم لخدمة الحركة السياحية، وهذا ما يسهم في زيادة عدد السياح يوماً بعد يوم.”
ومن أجل الاطلاع بشكل أكبر على آراء السياح الوافدين إلى الإقليم خلالَ فصلِ الشتاء، التقينا السيدة (نهاد محمد جاسم) من محافظة ذي قار التي جاءت مع زوجها لقضاء شهر العسل، التي أوضحت لنا أنها اختارت جبل كورك لكي تشاهد الجبال المُغطاة بالثلوج -على حد تعبيرها- رغم عدم قناعة زوجها بالذهاب إلى المكان لشدة البرودة.
وأضافت: “تعمدت أن أضع تاريخ زفافي تحديداً في فصل الشتاء، وأحببت أن نقضي شهر العسل بين الجبال والثلوج على الرغم من عدم قناعة زوجي لشدة البرودة، لكنه سرعان ما غير رأيه خلال الطريق، وكان الطريقُ زلقاً لكثرةِ تساقط الثلوج، وكنا نُنبه بعضنا بعضاً بضرورةِ مسك أحدنا الآخر خوفاً من أن تنزلق أو تنغرس أقدامنا، تبادلنا كرات الثلج ورسمنا قلوب الحب على الثلج وصنعنا (رجل الثلج)، ولكن المفاجئ والمضحك في الموضوع هو أننا كنا بدون قفازات، وهذا ما جعل يدينا تتألمان بشده, وبعد مرور بعض الوقت تناولنا وجبة الغداء وهممنا بالعودة بعد أن قضينا أوقاتاً رائعةً مليئة بالحب والمودة..”