خطة واعدة لإعادة الحياة إلى الصناعات العراقية
طه حسين /
محاولة حكومية لأخذ زمام المبادرة وإعادة الحياة لصناعات طالما عرف العراق بتميزه فيها، الخطوات الأولى بدأت في مصانع تجميع السيارات، وامتدت لتشمل صناعات عراقية أخرى عرفت بجودتها، كالصناعات الكهربائية والإنشائية والغذائية، ولاسيما صناعة التمور التي كان العراق يحتل صدارتها عالمياً.
عدد من مؤسسات الدولة فتحت آفاقاً جديدة لوضع اللبنات الأساسية لتطوير واقع الصناعة في البلاد والنهوض بها والعمل على زيادة الإنتاج والانتقال به من مرحلة تغطية الحاجة المحلية إلى مرحلة التصدير، فالعمل على عودة الصناعة المحلية إلى سابق عهدها بات ضرورة ملحة، ولاسيما أن عودتها تسهم في إيجاد فرص كثيرة للعاطلين عن العمل، إضافة إلى توفير العملة الصعبة للبلاد. لذا فإن تشجيع الصناعة المحلية وتقديم الدعم المناسب لها مادياً ومعنوياً وتوفير الحماية للمنتج المحلي لنتمكن من منافسة المنتجات المستوردة، مهمة وطنية يجب النهوض بها ومساندتها من قبل الجميع.
خطة واسعة لإعادة الحياة للصناعة المحلية
مدير العلاقات والإعلام في وزارة الصناعة والمعادن (مرتضى الصافي) أكد في حديث لـ”مجلة الشبكة العراقية” أن الوزارة باشرت بتنفيذ خطة واسعة لإعادة الحياة إلى غالبية المصانع التابعة لها، ولاسيما المصانع الحيوية التي تسهم في تصنيع وإنتاج عدد من الصناعات الحيوية بهدف دعم المشاريع التي تنفذها الوزارة وباقي وزارات الدولة، كالمنتجات والمعدات الكهربائية والإنشائية وأنابيب النفط والاسطوانات، وغيرها من المنتجات التي كان لها الأثر الواضح في تغطية احتياجات تلك الدوائر وإثراء السوق المحلية بها.
منتجات رصينة ذات كفاءة عالية
أضاف الصافي أن الوزارة حرصت على تقديم منتجات ذات جودة عالية تنافس المستورد وتتغلب عليه من حيث النوعية وكفاءة العمل، مشيراً إلى أن الوزارة تمكنت من العودة بعدد كبير من الصناعات المحلية إلى سابق عهدها، ولاسيما في مجال الصناعات الكهربائية من خلال شركات عدة تابعة لها أهمها الشركة العامة للصناعات الكهربائية في بغداد، وشركتا أور وديالى للصناعات الكهربائية في ذي قار وديالى، التي تمكنت الوزارة من خلالها من تغطية الحاجة المحلية من أكثر المنتجات الكهربائية كالمحولات والقابلوات وغيرها من المنتجات الأخرى، فيما كان لإنتاج معامل الوزارة من المواد الإنشائية كالإسمنت وحديد التسليح والماستك والإسفلت، الأثر الكبير في دعم مشاريع البناء وإعادة الإعمار في البلاد.
أسواق محلية
وبيّن مدير العلاقات والإعلام أن الوزارة، ومن خلال النجاحات التي حققتها في إنتاج مواد ومنتجات تتميز بنوعيتها وجودتها العالية، تمكنت من فتح أسواق عربية وإقليمية لتصدير منتجاتها، إذ تمكنت الوزارة من تصدير منتجات عدة، ولاسيما المعدات الإنشائية إلى دول الخليج كالإمارات والسعودية وقطر، فضلاً عن تصدير القابلوات الكهربائية إلى سوريا، إضافة إلى وجود طلبات مشابهة من دولتي إيران وتركيا لشراء منتجات أخرى، مشدداً على أن العمل مستمر من قبل الوزارة لدعم باقي الصناعات المحلية والعمل على تشغيل الخطوط الإنتاجية المتوقفة لأسباب مادية، بهدف تطوير الصناعات المحلية والوصول بها إلى مستوى الطموح.
تاريخ عريق
نائب المدير المفوض لشركة تصنيع التمور العراقية (حسان عبيد حمادي) أوضح في حديث لـ”مجلة الشبكة” أن البنى التحتية لصناعة التمور تضررت بشكل كبير وتأثرت بصورة واضحة بالأحداث التي تعرضت لها البلاد من حروب وحصار وغيرها، أدت إلى تراجع هذه الصناعة المهمة، التي كانت أحد الروافد المهمة التي تسهم في دعم ميزانية الدولة, ولاسيما في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، وعند هبوط أسعار النفط إلى مستويات متدنية، كان لمردودات بيع التمور وتصدير الصناعات المحلية لهذه المادة الحيوية الأثر الواضح والكبير في دعم الموازنة العامة، لتكون الرقم واحد في ذلك أحياناً لما كان لهذه الصناعة من طلبات عربية وعالمية، إذ كان العراق يحتل المرتبة الأولى في ذلك.
ارتفاع في الإنتاج
ولفت حمادي إلى أن وتيرة الإنتاج المحلي للتمور في تزايد خلال الأعوام الأخيرة، ولاسيما بعد الاهتمام الواضح الذي أولته وزارة الزراعة والحكومة بشكل عام لدعم هذا القطاع الحيوي باتخاذها جملة من القرارات التي منعت وأوقفت من خلالها عمليات التجريف التي طالت بساتين النخيل لتحويلها إلى أراضٍ سكنية، وتشجيع المزارعين والفلاحين على إعادة ترميم البساتين المهملة، إضافة إلى زراعة مساحات جديدة بأشجار النخيل، مشيراً إلى أن الإنتاج المحلي من التمور قد يصل إلى ما يقارب المليون طن، فيما لم يتعدَّ إنتاج العام الماضي الخمسمئة ألف طن، وبيّن أن من بين أهم الدول المستوردة للتمور العراقية هي الهند، التي تستورد مايزيد عن مئة ألف طن من التمور العراقية بجميع أصنافها، إضافة إلى عدد من الدول العربية والأجنبية، مشيراً إلى أن الشركة تتلقى عروضاً جديدة ومتزايدة على شراء المنتجات العراقية من التمور -بجميع أصنافها- بسبب جودتها وأسعارها المناسبة.
أسعار التمور
وشدد حمادي على ضرورة فتح “بورصة” محلية لمراقبة صعود ونزول أسعار التمور عالمياً، مشيراً إلى أن البورصة الوحيدة للتمور في المنطقة موجودة في دولة الإمارات، وفي دبي تحديداً، مسيطر عليها من قبل أربعة تجار هنود يتحكمون من خلالها بأسعار التمور، وأضاف أن العراق ليس البلد الوحيد الذي يقوم بإنتاج التمور في المنطقة، فهناك منافسة شديدة من قبل دول عدة، ولاسيما إيران والسعودية، إضافة إلى مصر، لذا فإننا مطالبون بإعادة حساباتنا وفق متطلبات السوق لنتمكن من أن نكون منافسين حقيقيين في مجال هذه الصناعة وتطويرها، ولاسيما أن التمور تدخل في صناعة أكثر من 63 مادة غذائية، كما أن السكريات المستخلصة من التمور تكون صحية لأنها من النوع السكريات الأحادية لا الثنائية التي تكون لها تأثيرات سلبية على الصحة العامة للمستهلك.