علي مردان.. يبتكر ماكنة تحوِّل النفايات الزراعية والأدغال إلى أسمدة

124

صادق العزاوي/
المبدع علي مردان الحسناوي، خريج إعدادية الزراعة في محافظة النجف الاشرف، ناحية العباسية، كان لنا معه هذا اللقاء في مملكته حيث قال: ولدت في أرض ريفية أباً عن جد، تشتهر هذه المنطقة بالزراعة، ولهذا فهي مكتظة بالأشجار وأنواع النباتات، فضلاً عن اهتمام الأهالي بتربية بعض أنواع الحيوانات، لذا أثرت علي طبيعة هذه المنطقة بما أفاضته من جمال يثير مكامن الإبداع.
يقول: لهذا صرت أعشق مهنة الزراعة وكل ما يتعلق بها، ومن جملة ما حثتني عليه الطبيعة هنا هو التوجه نحو تربية النحل وإنتاج العسل، وبفضل الله وُفقتُ في هذا العمل ولم اُصب بأي إخفاق، ثم فكرت في صنع ماكنة تقضي على المخلفات والأدغال التي كانت تعيق عليّ سبيل النجاح.
وفي الحقيقة كانت تلك المخلفات المعوقة كثيرة، فآثرت البحث في بعض مواقع الإنترنيت، وكان البحث عوناً لي في العثور على مواضيع ترشدني إلى صناعة ماكنة تعيد تدوير المخلفات النباتية وأغصان الأشجار الخضر واليابسة لتحويلها إلى سماد عضوي (الكمبوست)، أو إلى عليقة حيوانية والاستفادة منها بدل تكديسها داخل المزرعة وتعرضها للحرائق أو أن تكون ملاذاً لتجمع القوارض والأفاعي، وكذلك فإنها تغنينا عن استخدام الأسمدة الكيميائية المضرة للتربة والإنسان وجميع الكائنات الحية، لذا كانت نتيجة تفكيري أن أصنع هذه الآلة التي تمكننا من تقطيع بقايا النباتات ثم تحويلها إلى أسمدة تستفيد منها التربة في الزراعة. يذكر أن الآلات المخصصة لمثل هذه الأعمال في بعض دول الخارج تقوم بمعالجة الأجزاء والنباتات فقط.
مخلفات النخيل
وقال: لا أنكر أنني عانيت من مخلفات النخيل وأليافها، إذ تكون عنيدة وعصية على القلع والتقطيع، بخلاف النباتات الأخرى، لكني، وعلى إثر التحديثات، استطعت إنتاج سماد عضوي مهم أفادني كثيرا في التسميد.
من دواعي الاعتزاز هو أن الماكنة قد دوّت أصداؤها في محافظات أخرى بعد أن شاهدها عدد من مواطنينا وأصدقائنا، فطلبوا مني تكرار تجربة صنعها، فكانت النتيجة أن أثابر في تكثيرها حتى غدت لا تقتصر على مزرعتي الخاصة. ومن تلك المحافظات البصرة والناصرية والسماوة ودهوك وغيرها. كما تلقيت طلبات من بعض الجامعات العراقية، فضلاً عن وزارة الزراعة، إذ لبينا طلبها وزودناها بعدد من هذه الماكنات.
الحسناوي أضاف: أود الإشارة إلى نقطة مهمة هي أن هذه الماكنة تلائم ظروف وأجواء مناطقنا ملاءمة تامة. كذلك يمكنها أن تعمل على الكهرباء والبنزين، كما يمكن ربطها بالجرار أو التراكتور الزراعي في حال عدم وجود الكهرباء، فضلاً عن سهولة نقلها، ويوجد فيها مدخل للمخلفات الزراعية وآخر للنباتات وأغصان الأشجار.
مكائن للطحن
وأكمل: لدينا مكائن نستعملها لطحن المخلفات النباتية حصراً، وأخرى تطحن الاثنتين (أغصان النباتات وسعفات النخيل) معاً، فضلاً عن مكائن تطحن البذور وجميع المخلفات. يزورنا أحياناً عدد من المزارعين فيحدثونا عن شرائهم لمكائن مستوردة لا تتلاءم مع أجوائنا، لأن مخلفات النخيل فيها ألياف طويلة قد تؤدي إلى توقف وعطل الماكنة، لكنني قمت بعملية تحوير، والحمد لله تكللت بنجاح تام.
وبخصوص أسعار الماكينات التي نصنعها فإنها أسعار مناسبة، ونستطيع الدخول وبقوة في منافسة مع تلك التي تستورد من الخارج، ولا نبالغ إذا قلنا إن مكائننا ذات كفاءة أعلى. والأسعار تتراوح بين 750 ألف دينار إلى 12 مليون دينار حسب حجم ومواصفات الماكنة.
يضيف: لديّ اهتمامات أخرى فيما يتعلق بالزراعة، فمزرعتي فيها الكثير من النباتات الفريدة والمتميزة، وكذلك عندي مجموعة من الحيوانات التي أحرص على تربيتها ورعايتها والاستفادة من مخلفاتها، إذ إن مزرعتي متكاملة من حيث النباتات الطبية مثل (أكليل الجبل، وحشيشة الليمون، والشاي الأزرق، والمورنكا، ونبات الصبي، أي الألوفيرا، والشيح، والبابنك، وخبز النحل، والختمة).. وغيرها الكثير. كذلك الأشجار الرحيقية والمثمرة مثل اليوكالبتوز بأنواعها وأشجار الباولونيا وأشجار فرشاة البطل، والبابايا، والأجاف، والقرنفل الشجري، والرمان، والحمضيات بأنواعها، وأشجار الزيتون، والتين، والنخيل، وخف الجمل، والبونسيانا، والطلح، وغيرها الكثير.. ناهيك عن النباتات الربيعية التي لايمكن حصرها، وكذلك نهتم جدا بزراعة نباتات تفيدنا في إنتاج العسل من مناحلنا الخاصة، وهذا يقودنا إلى المزيد من الإفادة في مجالات البحوث العلمية للماجستير والدكتوراه، ولاسيما أننا نستقبل وفوداً من الجامعات العراقية التي تقوم بين حين وآخر بزيارة مزرعتنا، من مختلف المحافظات، مثل بغداد والأنبار وديالى وغيرها.. حيث نقيم لهم ندوات علمية تخص التلقيح الاصطناعي لملكات النحل.
عشق الزراعة
أما عن كيفية وصول المبتكر الحسناوي إلى هذا المستوى من الكفاءة والمعلومات فأجابنا قائلاً:
أنا أعشق الزراعة ومتعلقاتها، ولدي حب اطلاع واستكشاف وتعمق في هذا المجال، لذا سافرت وشاركت في العديد من المؤتمرات العلمية التي أقيمت في دول عدة، منها تركيا ومصر وسوريا ولبنان وإيران، من أجل كسب الخبرة والحصول على معلومات أكثر بشأن الزراعة. كذلك لدي مشاركات في أبحاث علمية رصينة بمشاركة أساتذة كبار. كما أني صممت تمثالاً ضخماً لنحلة، هو الآن في متحف التاريخ الطبيعي ببغداد، وطموحي أن تكون الدولة في عوني، فقد قدمت مشاريع كبرى يمكن الاستفادة منها بشكل كبير. كما أني مصمم على المضي قدماً لإكمال المختبر الزراعي الذي أسسته من أجل الأبحاث العلمية في تطوير الواقع الزراعي في العراق.