لماذا اختير بيت السويدي داراً للمخطوطات؟

219

ملاذ الأمين /

بنيت دار رئيس الوزراء توفيق السويدي في ثلاثينيات القرن الماضي كطراز معماري يحاكي أجواء العراق، وذلك باستخدام الطابوق والجص والحديد (الشيلمان) لعقد السقوف، بالإضافة إلى اعتماد السرداب مع الأساس أسفل البناء ليزيد من متانه الجدران. وتقع الدار في شارع حيفا قرب جسر الأحرار في جانب الكرخ، حيث كانت الأسواق قريبة من الدار، فيما كانت البساتين والمزارع تحيط بالمنطقة من الجهة الغربية، ما يمنحها أجواء مفعمة بالهواء العليل المنعش.
وكان السويدي، المولود عام 1891م، والمتوفى عام 1968م، قد تولى منصب رئاسة الوزراء خلال العهد الملكي في العراق، حيث كان رئيساً للوزراء في أربع حكومات في السنوات 1929، 1930، 1946، 1950. كما شغل السويدي مناصب وزارية أخرى عندما لم يكن رئيساً للوزراء، كمناصب وزير التعليم ووزير الخارجية في حكومة الاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن في عام 1958.
ويعد السويدي من أوائل رجال القضاء في العراق، فقد تخرج في جامعة السوربون، وهو من أوائل المدرسين في مدرسة الحقوق ببغداد، التي تحولت -فيما بعد- إلى كلية الحقوق. ومن كتبه القانونية التي كانت تدرس في معاهد الحقوق العربية كتابه (حقوق روما) وترجمته لكتاب (مبادئ الاقتصاد السياسي) لشارل جيد، وكلاهما طبع عام 1923، كما أنه مثّل العراق في عصبة الأمم، وشغل مناصب شتى أخرى، منها عضو هيئة النيابة على العرش، ورئاسة مجلس النواب، ورئاسة مجلس الأعيان، كما كان أول أمين عام مساعد لجامعة الدول العربية عند تأسيسها.
دار للمخطوطات
اختيرت دار السويدي كمقر لدار المخطوطات العراقية، والسبب في هذا الاختيار يعود إلى كون الدار تمثل طرازاً بغدادياً، وينتصب أمامها تمثال لتوفيق السويدي، كذلك كونها تمثل طراز البناء المعتمد في تلك الحقبة، وهي تعد الآن من أملاك الدولة – وزارة الثقافة، إذ تقطن فيها دار المخطوطات العراقية منذ حقبة الثمانينيات كمركز إداري للدار. وهذه البناية -كما ذكرنا- بنيت على الطراز البغدادي القديم، وفق المعايير البنائية في ذلك الوقت، فقد صممت الشبابيك بحيث تدخل أكبر كمية من ضوء الشمس طيلة النهار، كما وضع الزجاج الملون ليخفف من أشعة الشمس المحرقة في منتصف أيام الصيف.
جمال الطابوق
تحتوي الدار على أكثر من 10 غرف نوم، مع صالتين، واحدة في كل طابق، ومطبخ واسع وطارمة خارجية، وشرفتين في الطابق العلوي تطلان على الحديقة والشارع العام.
مصمم الدار هو المهندس (نعمان منيب المتولي) الذي كان له الفضل في تعريف المعماريين الإنكليز على جمال الطابوق العراقي وصناعته .
يذكر أن السويدي قد أسهم في رسم اتجاهات السياسة العراقية والتدخل في مجراها طيلة فترة الحكم الملكي الذي استمر بين عامي 1921-1958 وقد كان وزيراً لخارجية الاتحاد العربي الذي انعقد بين العراق والأردن عام 1958.
وتعتني وزارة الثقافة بهذه الدار كما تعتني بعدد من الدور التراثية الأخرى في العاصمة بغداد ومدن الموصل والبصرة وكركوك والناصرية … كي تبقى شواهد على براعة العراقيين في الهندسة والبناء والتخطيط، وإرثاً حضارياً للأجيال المقبلة.