مرضى يُسرقون بورقة مشفّرة

1٬095

آية منصور /

حاملاً ورقة بيضاء، لا يعرف (أحمد الربيعي) الى أين يتجه بعدما تنقل بين سبع صيدليات من اجل الحصول على دوائه “المشفّر”، يسرد مبتسماً عندما التقته “مجلة الشبكة”: ذهبت الى اكثـر من صيدلية وكان الجواب واحداً من الجميع: الخط غير مفهوم، لا نعلم ما المكتوب في الوصفة.
بعد تعب وجهد طويل اضطررت للعودة لذات الصيدلية القريبة من عيادة الطبيب الذي كتب وصفته وحينما أخبرتهم بالأمر، أكدوا لي أن أصحاب الصيدليات التي راجعتها ليسوا بصيادلة، “لقد كان عذرهم أبشع من خط يد الطبيب”، لكني لم أخرج قبل أن أقول لهم: “تعمدتم فعل ذلك لتربحوا 5 آلاف دينار إضافية.”
بالطبع، أحمد لم يكن الأول ولا الأخير ممن يعانون من خط الأطباء، هذه الحالة أصبحت ظاهرة بسبب جشع بعض الأطباء وتواطئهم مع بعض أصحاب الصيدليات، اذ يجبر الطبيب “بخط مشفر” مرضاه على شراء الدواء من صيدلية معينة دون غيرها، بنسب من العائدات المالية.
قرار متأخر
كان لنقيب الأطباء (عبد الأمير الشمري) رأي آخر حيث أصدر، ولكثرة الشكاوى، قراراً بمنع كتابة الوصفات الطبية بخط اليد ابتداء من آذار المقبل، اذ يؤكد لمجلتنا أن صعوبة قراءة خط الأطباء يدفع بكثير من أصحاب الصيدليات لتسليم دواء مغاير ما يشكل أزمات كبيرة، ولذلك أصبح المريض “يشك” بكون الوصفة مشفّرة، وأن هناك “اتفاقات” بين بعض الأطباء والصيدليات، وهذا الشك يرجع الى وجود بعض الأشخاص من خارج الوسط الطبي يعملون في الصيدليات ويجدون صعوبة في قراءة خطوط الأطباء لذلك يقولون إنه (مشفر)، وقد يمارس البعض من الأطباء اتفاقات مشينة مع الصيادلة لاستغلال المريض من خلال إجباره على جلب العلاج من صيدلية معينة، ولكن ليس عن طريق تشفير الوصفة، لأن تشفير الوصفة مستمسك قانوني يدين الطبيب، لذلك من الصعب فعله وتسليمه بيد المريض.
صعوبة التطبيق
القرار نوقش قبل سنه وتريثت نقابة الأطباء بسبب صعوبة التطبيق، ولكن كثرة الشكاوى من قبل الناس حول وجود شكوك الوصفة المشفّرة ولرفع الشك وإعادة بناء الثقه مع المرضى، اتخذ هذا القرار. يكمل النقيب الشمري: نحتاج الى دعم نقابة الصيادلة وإلزام الصيدليات بتطبيق القرار وعدم صرف وصفة طبية رسمية غير مطبوعة، وسوف نوزع برنامجاً إلكترونياً مجاناً للأطباء لتسهيل طباعة الوصفة.
شركات الامتيازات المؤجرة
فيما يرى الطبيب (حيدر سلام)، اختصاصي في جراحة العيون، أن السبب الرئيس لهذا الموضوع يتحدد بأمور عدة، أهمها شركات الأدوية، التي تروج وتدعم مالياً من أجل تسويق أدويتهم، ومن ثم الصيدليات، لأن أغلب أصحابها يقومون بتأجير الامتيازات، فيكون هدف الكثير منهم هو الربح المادي فقط، لذلك يقومون بتقديم العروض المغرية للطبيب ليرسل بمرضاه اليهم حصراً.
بالإضافة الى اتفاق مندوبي شركات الأدوية التي تكون رؤوس أموالها عالية وتمتلك مكاتب ومذاخر داخل العراق، وإن كانت تحت مسميات علمية لكنها تابعة لشخصيات مدعومة لما تدره من أموال وفيرة مع الطبيب لبيع عدد من الأدوية خلال فترة معينة وعدد معين مع تقديم عروض مغرية، كالسفر الى أوروبا او أية دولة يرغبها الطبيب، اضافة الى فوائد مادية. يضيف الطبيب سلام: هنا سيقوم بعض الأطباء بكتابة هذه الأدوية التي قد لا يحتاجها المريض فقط من أجل صفقته.
ويستدرك: إن قرار طباعة الأدوية لن يحل النتيجة، لأن ما يحتاجه الوسط الطبي هو ضبط شركات الأدوية، وعلى أن يحمل صاحب الصيدلية، الضمير الإنساني والمهني، فيجب تفعيل الدور الرقابي لوزارة الصحة وعدم منح إجازات الشركات الدوائيه والمذاخز لأية جهة. وباعتقادي أن الإجازت أصبحت تمنح بناءً على العلاقات والتأثيرات الأخرى، التي تسمح لشركات الدواء بتصريف منتجاتها على المرضى بطرق ملتوية.
مساوئ على الجميع
يخبرنا الدكتور الصيدلاني (نبيل) أن الاتفاقات موجودة ولكن ليس كما يصورها الناس والإعلام، وبحسب رأيه فإنه يجد أن نسبة الاتفاقات لا تتعدى الـ20%، وفي جميع الأحوال فلن يقوم الصيدلي بصرف دواء مضر للمريض، لكنه سيكتب دواء الشركة التي تقدم له الفوائد المادية الأكثر، وبسبب هذه التصرفات الفردية، طالت السمعة السيئة الجميع وأصبحوا في قفص الاتهام، فتولدت فجوة كبيرة بين الكوادر الطبية والمريض.
وعند محاولتنا التواصل مع المسؤول الإعلامي لوزارة الصحة السيد (سيف البدر) لغرض توضيح دور الوزارة، كان رده: الموضوع يخص نقابة الأطباء فقط فهي التي شرعت القانون وهي مسؤولة ايضا عن متابعة العيادات الخاصة.