مواطنون: الحظر رصاصة الرحمة للقطاع الخاص
ريا عاصي – تصوير: يوسف مهدي /
نحن نعيش في بلد إذا ارتفعت درجات الحرارة فيه تعرّضنا لأزمة، وإذا أمطرت السماء تغرق مدننا في شبر ماء، وقُصارى ما تتخذه الدولة من إجراءات هو تشكيل اللجان، لكن هل أوجدت هذه اللجان لنا حلولاً لأي من أزماتنا الماضية أو الراهنة؟
وزارة الصحة والإشاعة
عملت وزارة الصحة مشكورة بجهود حثيثة ومحاولات شتى لاستيعاب الوباء في العام الماضي، وكان الجيش الأبيض أحد أهم عناصر الدفاع عن المواطن العراقي في أيام الأزمة، وأغلب المرضى بالرغم من شحة المواد واندثار البنى التحتية اللازمة لاحتواء الأزمة كانوا شاكرين لأفراد الجيش الأبيض الذين عملوا في أقسى الظروف وأشدها.
إلا أننا بعد مرور عام على الوباء ما زلنا ننتظر اللقاح حتى اليوم.
اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية
شكل مجلس الوزراء اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية في 26 آذار 2020 إثر انتشار وباء كورونا، وعُدّت الجهة العليا المعنية بمكافحة انتشار فيروس كورونا، برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء والأمين العام لمجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزي العراقي ومستشار الأمن الوطني وعدد آخر من المسؤولين.
ومن مهام اللجنة وضع السياسات والخطط العامة والإشراف على تنفيذها، والتنسيق مع السلطات التشريعية والقضائية والأطراف الدولية ذات الصلة بمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد.
أما مهام خلية الأزمة فهي الإشراف على الإجراءات الاحترازية وتقديم الخدمات الصحية للمواطنين، كما أن عليها رفع التوصيات إلى رئيس مجلس الوزراء لإقرارها.
آخر اجتماع لهذه اللجنة تمخض عن إجراءات عدة وخمس وعشرين فقرة من ضمنها فرض حظر التجوال التام ثلاثة أيام (الجمعة والسبت والأحد) وأربعة أيام من الحظر الجزئي من الثامنة مساء حتى الخامسة صباحاً، وفرض لبس الكمامة مع فرض غرامة مقدارها خمسة وعشرون ألف دينار لمن لا يلبسها، ومنع إقامة الأعراس والمآتم في القاعات ورفع الأذان ومنع صلاة الجماعة، ومنع التجمعات وتحديد أعداد راكبي السيارات العامة والخاصة، وغلق الكافيتريات والمقاهي والمولات، والمسابح والقاعات الرياضية ودور السينما، وأن تتم الدراسة عن بعد مع تقليص الدوام، وغرامة المخالف خمسة ملايين دينار.
الكمامة ولا الغرامة
سألت “مجلة الشبكة” عدداً من متصفحي مواقع التواصل الاجتماعي عن قرار اللجنة بفرض الحظر الجزئي والشامل وباقي الفقرات فكانت ردودهم كالآتي:
فاطمة ثامر (31 عاماً، تعمل في مؤسسة ثقافية) تقول: الحظر ليس هو الحل، وفي حال كان كذلك، فهو الحظر التام والشامل، وهذا في الحالات القصوى وليس في الوضع الحالي للإصابات في العراق. تضيف فاطمة: الخلل يكمن في عدم الالتزام بشروط الوقاية، لدينا قصور في الثقافة المجتمعية، ودور الدولة ومؤسساتها هو رفع الوعي لدى المواطن وتثقيفة بشكل جدي وعدم الاكتفاء بتوصيات مكاتب الإعلام والفضائيات، بل يجب أن تكون على تماس مباشر مع المواطن، وأنا مستعدة أن أشتري لقاحاً من السوق السوداء لحماية عائلتي فأنا أذهب يومياً للعمل.
مخلد نزار (مخرج تلفزيوني، 35 عاماً) يقول: الحظر لا يعد حلاً، بل هو إجراء وقائي لو طبق بنحو صحيح، وهذا غير موجود في العراق للأسف بسبب عدم جدية المجتمع في الوقاية من الفايروس، فمنذ نهاية الحظر الأخير والحكومة لم تهيئ نفسها لنكسة أخرى بل إنها أغلقت بعض مراكز الحجر، والغريب في الأمر أن الدول بدأت بأخذ اللقاح وحددت آلية لتوزيع الجرعات، وآخرها كانت لبنان التي تسلمت الشحنة الأولى وتم تحديد مراكز التوزيع والفئات المستهدفة، ونحن حتى الآن لا نعرف كيف ومتى سوف يوزع اللقاح.
يختم نزار بالقول: أرغب بشراء اللقاح، ليس بالضرورة من وزارة الصحة، إذا كان مستورداً بطريقة قانونية، وليس مسروقاً من مخازن وزارة الصحة كما يحدث مع أدوية مرضى السرطان.
سجى هاشم (صحفية،30 عاماً) تقول: الحظر الجزئي يسبب تزاحم المواطنين أيام الدوام في دوائر الدولة والأسواق والشوارع. في العام الماضي حين كان الحظر كلياً تبادلت العوائل الزيارات وجلسات السمر ولم تبالِ بالوباء، الخلل يكمن في ضعف الوعي الصحي لدى المواطن العراقي وهو لا يقدر قيمة الحياة، ولستُ مقتنعة باللقاح وإن توفر لن آخذه.
حنين فارس(ربة بيت،35 عام) ترى أن: الحظر جزء من الحل ويجب ان يصاحبه التزام من الناس بصورة جدية، لكن للأسف الوعي المجتمعي متدنٍ لدرجة أنهم حتى الآن يعتقدون أن المرض ليس خطيراً، بل إن قسماً كبيراً منهم لا يعترفون بوجوده. الدولة من جهتها لم توفر حتى الآن أجهزة تنفس كافية ولا معامل أوكسجين تفي بالغرض وفي بعض المستشفيات لا توجد أسِرّة كافية للمرضى، كما أن الكوادر الصحية غير كافية، والكل متضرر من الحظر، ولاسيما الطلاب وأصحاب الأعمال الحرة، الوحيد غير المتضرر هو الموظف الذي يعد وجوده وعدمه واحد.
ريما عدنان (موظفة في القطاع الخاص،26 عاماً) تقول: الحظر حل جيد إذا ما قابله التزام المواطن، لكن الوعي متدنٍ للأسف، من جهة أخرى الحظر سيؤثر تأثيراً سلبياً مباشراً على العمال والكسبة وأصحاب الأعمال الخاصة، إن سوء تخطيط الحكومة وجهل المواطن سيعيداننا إلى المربع الأول.
الحظر طلقة الرحمة على القطاع الخاص والعمالة في العراق
لؤي الصفار (تاجر خمسيني) يقول: الحظر أسوأ من الوباء، إنه رصاصة الرحمة على كل القطاع الخاص والعمالة في البلد.
في الجانب الآخر صرح السيد حسين عرب (نائب، رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية) في لقاء متلفز قائلاً: القرارات التي تؤخذ على عجالة ستنتج عنها مشاكل أكبر، فمن أين للفقير أن يدفع مبلغ خمسة وعشرين ألف دينار لعدم ارتداء الكمامة، إذ لعله لا يملك ثمنها، كذلك لم يؤخذ في الحسبان أن العمال المياومين تعتمد حياتهم وقوت عيالهم على حصولهم على العمل يومياً.
زين محمد (صاحب مقهى،32 عاماً) يقول: ما يؤسف له أن الدولة تعمل عشوائياً دون خطط مسبقة، مثلاً كان عليهم إمهالنا وتنبيهنا لكي لا نشتري حاجيات سريعة التلف ولوضع خطة لتقسيم المهام بين العاملين كي لا يخسر الكل عملهم.
يضيف زين: أكبر قطاع عمل خاص في العراق هو القطاع السياحي، والمطاعم المسجلة تبلغ قرابة أربعة وعشرين ألف مطعم مسجل لدى ملفات وزراة الصحة والضرائب، فإن تُغلق هذه المطاعم بدون إعلام مسبق ولا معلومات عن الفترة التي سيتم الاغلاق فيها فذلك كسر للاقتصاد وزيادة في البطالة.
ثم يقول: في الحظر السابق عُطل عمل ما يقارب الخمسمئة ألف عامل، اللجنة التي أوقفت العمل في مطعمي وأقرت بأني التزمت بالإغلاق سبعة أشهر، سلمتني كتاباً لمراجعة دائرة الضمان لأني كنتُ قد سجلتُ عمال مطعمي لدى الضمان الاجتماعي، وحين راجعت وزارة العمل طالبوني بكتاب من وزارة الصحة التي رفضت تسليمي أي كتاب، وكل ما طلبته هو تخفيض أجور الضمان التي يجب علي أن أدفعها لهم كل ثلاثة أشهر، وأمانة العاصمة أجبرتني على دفع رسوم رفع النفايات رغم الإغلاق بأثر رجعي ما اضطرني لتسريح العزاب من العاملين لديّ.
وختم زين بالقول: لا أطلب من الدولة أن تدعمني، لكن أن تتعامل بأسلوب حِرفي لا أن تأتيني لجنة تتحدث بأسلوب: “إن لم تدفع سنضع صبّة ونغلق محلك”، كأننا خالفنا التعليمات أو ارتكبنا جناية، هذه الضغوط وارتفاع سعر الدولار وعدم تعويض خسائرنا جعل الكثير منا يفكرون بهجرة العمل وفتح مشاريع في دول الجوار بدلاً عن العراق.