هل يعود كورونا إلى المتعافين منه؟

683

#خليك_بالبيت

رجاء الشجيري /

بين التعامل مع فايروس كورونا على أنه جديد تماماً، أو الاعتماد نسبياً على سلالة السارس وغيرها القريبة منه، ظهرت إصابات ثانية عند المتعافين منه، فهل يا ترى هي إصابة ثانية فعلاً بعد الأولى؟ أم أنها بقايا الفايروس الأول الميت وقد نشطت من جديد؟ هل أعراض الإصابة الثانية هي في خطورة الأولى؟ ماذا عن بيان منظمة الصحة العالمية؟ أهو إعلان إيجابي أم أنه تخلِّ عن دورها وعلميتها ومسؤوليتها تجاه الناس؟
“الشبكة” رصدت حالات عدة لأناس أصيبوا هنا في بغداد والمحافظات مع آراء أطباء متخصصين عن تفسير عودة الإصابة الثانية بفايروس كورونا وشرح أعراضها…

محاولة تفسيرات علمية..
منظمة الصحة العالمية أعلنت عدم وجود دليل على أن المصابين يكتسبون مناعة ضد فايروس كورونا، وأن المناعة لا تحمي من الإصابة الثانية، وهي بهذا الإعلان إنما تخلي مسؤوليتها أمام العالم بتصريح كهذا.. كوريا الجنوبية كانت أول من أعلنت عن وجود إصابات ثانية، مشيرة إلى أنها شخّصت 91 حالة لمواطنين أصيبوا بالفيروس مرة أخرى بعدما تعافوا منه في السابق، وهو ما يلقي كثيراً من علامات الاستفهام حول فهم العلماء لطبيعة الفيروس الجديد وطريقة تفاعله مع الخلايا البشرية، لتستخلص بعد ذلك وتعلن أن الإصابة الثانية هي بسبب عودة الفايروس الميت بالجسم وتفعيله مرة أخرى وليست إصابة بفيروس جديد، وأعلنت تقارير صينية أيضاً أن ١٤ بالمئة من المتعافين عاد المرض إليهم مرة أخرى.
الدكتور (جهاد سعادة)، اختصاص الأمراض المُعدية والمناعة، أكد بالقول: حسب الإحصاءات والحالات الموجودة، فإن الإصابات المتكررة لدى أشخاص متعافين من فايروس كورونا لا تتعدى 31%، إلا أن دخول المصاب مرحلة حرجة في إصابته الثانية غير وارد، إنما هي إصابة خفيفة تشبه نزلات البرد، والمناعة إجمالاً تضطلع بها أجسام بروتينية يكوّنها الجسم كنوع من الذاكرة، وفي ما يتعلق بسلالة كورونا فإن ذاكرة الجسم ومناعته ضدها قد تدوم من سنة إلى سنتين تقريباً، بعدها ينساها الجسم وهذا لا يدعو إلى القلق.
في حين فسر الدكتور (غسان الأعور)، اختصاص أمراض جرثومية ظهور الأعراض بعد أسبوع أو عشرة أيام من الفحص والتشافي للأشخاص بأنه إما خطأ طبي في الفحص إذا لم يتشافوا كلياً، أو عودة الحياة لخلايا الفيروس الميتة من جديد وتفاعلها مرة ثانية ولكن بنسبة بسيطة لم تثبت فعاليتها في انتقال العدوى إلى الآخرين أو الخطورة في الأعراض.
وهذا ما ذكرته الدكتورة (رغد السهيل)، المتخصصة في علم المناعة، إذ تقول: حتى الآن لم تثبت في العالم إصابات ثانية علمياً إلا ما ندر جداً، والخطأ في التشخيص دائماً، أما في المسحة الأولى، أو الثانية أحياناً، تظهر بقايا لفيروس متحلل فتجعلهم يعتقدون أنها إصابة مرة أخرى، وهي ليست سوى بقايا لا أكثر.

مشاهير تكررت إصابتهم
الأرجنتيني (باولو ديبالا)، لاعب نادي يوفنتوس، أصيب مرات عدة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). يقول عالم الفيروسات الدكتور (جيوفاني دي بيري) حول حالته: إن معظم الأشخاص يتعافون بعد 14 يوماً، ولكن كل جسم يختلف عن الآخر، فهناك أشخاص يتمسك الفيروس بهم لفترة طويلة، إنه أمر ليس معتاداً، فالشفاء قد تحقق بين 8 أيام حتى 37 يوماً، لكن في بعض الحالات قد يصل ذلك إلى شهرين.
وكان ديبالا قد أعلن في 21 مارس/آذار الماضي إصابته بفيروس كورونا، وخضع للعزل المنزلي، وبعد انتهاء فترة العزل التي امتدت لأسبوعين وتعافيه، ظهرت فحوص جديدة تثبت إصابته للمرة الرابعة!!

عودة إصابات
هناك من أصيبوا مرة ثانية ولم نستطع التكلم معهم بسبب ظروفهم الخاصة، وهناك من تحدثوا لـ”الشبكة” عن تفاصيل إصابتهم منهم الطبيبة (زمان عبد اللطيف)، متخصصة في طب الأسرة، بقولها: أول إصابة لي كانت قبل معرفتنا بفايروس كورونا وانتشار الوباء، اذ بدأت أعراضه القوية في الأول من كانون الأول عام 2019، وكانت أعرضه الحرارة المرتفعة جداً ومشاكل الرئة وصعوبة بالغة في التنفس وفقدان حاسة الشم، وبقيت هكذا حتى اليوم الخامس الذي تيقنتُ فيه من الموت إذ انخفضت نسبة الأوكسجين إلى دون الثمانين مع خفقان وارتفاع في الضغط وتعب في الرئة، لكن بعد أربعة أسابيع بدأت أتشافى دون معرفة ما الذي حدث معي، ومرت الأيام، وعند انتشار الفايروس بعد ذلك أصبت للمرة الثانية بتاريخ 19_7_2020، لكن الأعراض كانت أخف، ومن فوري أخذت مسحة مع (ربد تيست) أكدت إصابتي بفايروس كورونا، لكن هذه المرة مع حرارة عادية وإسهال وإنهاك بسيط وعدم فقدان حاسة الشم، حتى تماثلت للشفاء بعد أسبوعين فقط..
أما أولى الحالات في شمال العراق، وفي كركوك تحديداً، ممن أصيبوا بفايروس كورونا للمرة الثانية، كان الدكتور (شمال طه) في مستشفى آزادي التعليمي، وقد تحدث عن حالته ومتابعتها كطبيب: الإصابة الأولى كانت صحيحة والأعراض خفيفة جداً، في اليوم الثاني عشر عملت مسحة وكانت النتيجة سالبة وتشافيت، وأثناء هذه المدة بقيت في تماس مع أصدقائي والمرضى المصابين أعالجهم، إلى أن تشافوا أيضاً وأخذوا مسحة للتأكد من الشفاء وأخذت مسحة معهم للتأكد أيضاً وكانت النتيجة سالبة، بعد ذلك حصلت الإصابة الثانية كالآتي: قبل بدء الأعراض الثانية بأربعة أيام كنت في مصرف الدم للتبرع ببلازما الدم، وكانت تلك المرة الثالثة التي أتبرع فيها، وعملت فحص دم CBC قبل التبرع، لكن النتيجة أظهرت أن كريات الدم البيض قليلة في دمي، وهذه الحالة تكون لدى المصابين بكورونا، وفي كل الأحوال استبعدت الأمر وذهبت إلى عملي ومرضاي، بعدها بيوم بدأت الأعراض تشتد وسقطتُ طريح الفراش مع سعال، وحرارة مرتفعة، ورجفة، وضيق تنفس، وصداع شديد، وخمول، ونزول في نسبة الأوكسجين بالدم عن 90% مع يقيني كطبيب أنها فعلاً إصابة للمرة الثانية وتعاملي معها كبروتوكول علاج إلا أني أخذت مسحة جديدة وبالفعل تأكدت إصابتي للمرة الثانية.
(علاء غازي) من بغداد ذكر أن إصابته الأولى كانت بتاريخ 6_6_2020 مع عائلته البالغ عددهم ١٢ شخصاً، وكذلك إصابة بعض الأقرباء الذين كانوا بالقرب منهم، شدة الأعراض أيضاً كانت في الجهاز التنفسي، ذاكراً أنه هو بالذات، دون أهله، كانت الأعراض لديه أشد، وأنه فقد أحد عشر كيلوغراماً من وزنه في ١٢ يوماً، وأنه عانى جداً من نزول نسبة الأوكسجين، لكنه بعد أسبوعين شُفيَ واختفت الأعراض، وبعد 30 يوماً من اكتساب الشفاء التام أخذ (ربد تيست) وكانت النتيجة سلبية، لكن بعدها في اليوم الأربعين عادت الأعراض مرة أخرى مع ارتفاع ملحوظ في ضغط الدم والسكري، برغم عدم أصابته بهما من قبل، وعند أخذ مسحة ثبتت إصابته مرة أخرى، إلا أنه أصيب وحده هذه المرة والحمد لله.
(حيدر الشريفي) من محافظة ديالى ممن تكررت إصابتهم مرة أخرى، تحدث قائلاً: الإصابة الأولى كانت قبل عيد الفطر الماضي بخمسة أيام وكانت أعراضها قوية في الرئة والحرارة العالية، بعدها شُفيت بعد التأكد بأخذ مسحة، إلا انني بعد أسبوعين من شفائي عدت وأصبت مرة ثانية بعد التأكد من التحليل أيضاً، لكن الأعراض كانت أخف كثيراً مع وجود حرارة ونحول وفقدان لحاسة الشم..
إجمالاً، ومع عدم حسم الجدل والتفسير بشان حدوث الإصابة الثانية بفايروس كورونا، إلا أن الأمر الإيجابي هو خفّة الأعراض وزوال الخطر والحالات الحرجة التي تحدث في الإصابة الأولى، وذلك ما نأمل أن يزيل هلع الناس وخوفهم.