وهو يحتفل بالذكرى 101 لتأسيسه… الجيش العراقي يستعيد مكانته بين أقوى جيوش المنطقة

121

إياد عطية الخالدي – تصوير : علي الغرباوي /

يحتفل الجيش العراقي بالذكرى 101 لتأسيسه وهو يتطلع لتعزيز قدراته العسكرية وبناء منظومته التسليحية التي تمكنه من أداء مهامه دون الحاجة الى أية مساندة من دول أخرى، في وقت مازالت البلاد تعيش تحديات كبيرة على المستويين الأمني والسياسي. ومنذ إعادة بنائه بعد سقوط النظام السابق، ارتكز الجيش على عقيدة جديدة تضمن عدم تدخله في السياسة ولا في قمع المواطنين، ونجح خلال الحرب مع تنظيم داعش وما بعدها في كسب ثقة الشعب، وظل يقف في المكان الصحيح في كل المخاضات الصعبة التي شهدتها البلاد، ولاسيما خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.
ويمكن القول إن انتصاره الساحق على تنظيم داعش في معركة الموصل، التي تعد واحدة من كبريات المعارك في التاريخ، وضع الجيش العراقي مرة أخرى في مقدمة جيوش المنطقة، وأكثرها خبرة في مواجهة الإرهاب الذي يعصف بدولها، كما دفع العناصر الإرهابية الى تبني أساليب جديدة تتحاشى فيها أي نوع من التصادم المباشر مع القوات العراقية، ولاسيما بعد سحقها وتحطيم معنوياتها وكسر شوكتها في معارك التحرير، وتعمل القيادات العسكرية في البلاد خلال هذه المدة على إتمام سيطرتها على سماء البلاد ومنع أي اختراق لحدودها، من خلال تعزيز قدرات الدفاع الجوي وتدريب مقاتليه.
الدفاع الجوي أولوية
يؤكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء (يحيى رسول) أن “المهمة الأولى لنا دائماً هي العمل على تنظيم المنظومة العسكرية، ولاسيما الدفاع الجوي، كما نركز جهودنا على تطوير طيران الجيش لأننا نسعى لبناء جيش مهني احترافي، جيش قادر على أداء مهامه في الدفاع عن العراق وسيادته.”
واوضح رسول أن “وزارة الدفاع استكملت إبرام عقود مع فرنسا لتزويد الدفاع الجوي برادارات كشف لأية أهداف قد تخترق الأجواء العراقية، ونحن مهتمون بتأمين أجوائنا من أي اختراق، والآن لدينا أسطول جيد من طائرات إف 16 وهي طائرات تعمل بكفاءة وتؤدي مهام قتالية خاصة، وسننجز قريبا قاعدة الصويرة الجوية التي ستكون مخصصة لطائرات تي 50 الكورية الجنوبية، وتدريب الطيارين العراقيين.”
الحدود السورية
وأشار رسول الى أن “هناك جملة من التحديات التي تواجهها القوات العراقية، من بينها الفراغ الأمني على الحدود السورية، الذي بات يشكل خطراً على العراق، حيث تتحرك عناصر التنظيم عبر هذه الحدود غير المسيطر عليها من الجانب السوري، ولهذا فإن تأمين الأراضي الحدودية مع سورية يحتل مساحة كبيرة من جهودنا، وقد بذلنا جهوداً لتأمينها من خلال وسائل عديدة من بينها إنشاء خندق بين حدود البلدين، وهناك ساتر وكاميرات مراقبة ولدينا قطعات الجيش وحرس الحدود، كما نقوم بعمليات نوعية استباقية، ونحاول أن نبني نوعاً من التعاون مع الجانب السوري، لكن هذا التعاون صعب لوجود عناصر التنظيم في مساحة واسعة على الشريط الحدودي بين البلدين.”
أما عن دور التحالف الدولي في دعم جهود الجيش العراقي لسحق التنظيمات الإرهابية، فقد “كان له دور مساند للقوات العراقية، إذ أنفق التحالف ملايين الدولارات لتجهيز وتدريب القوات العراقية، فضلاً عن الدعم الجوي المستمر، لكننا الآن نريد الاعتماد بشكل كامل على أنفسنا، كما هو الحال على الأرض، حيث يمتلك الجيش العراقي تفوقاً كبيراً ومقاتلين على درجة عالية من الجاهزية والتدريب. ولهذا نسعى للحصول على الطائرات المتصدية المتعددة الأغراض، وهناك مساعٍ جادة في هذا الصدد، كما نسعى للحصول على صواريخ متطورة لمواجهة أي اختراق جوي لسمائنا.”
وأكد رسول أن “الجيش يولي مسألة الاعتماد على التسليح المتطور اهتماماً كبيراً، ولهذا فإن وزارة الدفاع تدعم بشكل جدي عملية التصنيع العسكري، وعلى الأقل في هذه المرحلة بحيث يمكننا أن نحصل على الذخائر واحتياجات الجيش الأساسية من الأعتدة والمعدات من خلال التصنيع العسكري.”
الجهد الاستخباري
فيما يؤكد العميد (خالد محمد المحل) أنه “على الرغم من هزيمة عناصر التنظيم الإرهابي المسمى داعش، فإن التصدي له وملاحقة فلوله يمثلان أولوية في اهتمام الجيش العراقي، ولاسيما أن الجيش انسحب من المدن وبات يطارد فلول التنظيم في تخوم الجزيرة وعلى جبال حمرين، حيث لجأ عناصر التنظيم الى هاتين المنطقتين كونهما تمثلان بجغرافيتهما المعقدة ملاذاً أكثر أمنا لهذه العناصر، غير أن الجهد الاستخباري العراقي ظل يحاصر هذه العناصر ويضيق عليها تحركاتها، إذ يجري رصدها وقصفها في حال تجمعها في أماكن قريبة، او مباغتتها بهجمات سريعة، ومع هذا فإن هذه الفلول المهزومة تحاول أن تثبت وجودها من خلال عمليات غادرة كانت آخرها هجمة على ثكنة عسكرية في كركوك راح ضحيتها أربعة من جنودنا الشجعان.”
ومنذ مطلع العام الحالي كثف الجيش، بمساعدة قوات الحشد الشعبي، عمليات التمشيط والمداهمة لملاحقة عناصر التنظيم الذي يحاول عبثا إثبات وجوده بعد هزيمته، وبعد تلقيه ضربات موجعة ومتواصلة من القوات العراقية.
وتخوض قوات من الحشد، الذي ظل السند الأول للجيش في كل معاركه، منذ أيام، عمليات عسكرية في محافظة ديالى بقيادة قائد عمليات ديالى (طالب الموسوي)، حيث شرعت قوات الحشد بتنفيذ عملية نوعية ودقيقة استنادا للمعلومات الاستخبارية الواردة من قبل المديرية العامة للأمن والانضباط الى هيئة الحشد الشعبي، بتحديد أماكن أوكار الإرهابيين بدقة ومراقبة تحركاتهم ومتابعتهم من قبل قسم استخبارات قيادتنا.
الغطاء الجوي
يقول الباحث في الشؤون الستراتيجية العقيد المتقاعد في الجيش العراقي (لطيف غالي) إن “الجيش العراقي يعد من أكثر الجيوش العالمية قدرة وشجاعة على خوض أصعب المعارك البرية، وإن ما يحتاجه في هذه المرحلة هو مواكبة التطور العالمي في مجال الاستخبارات والتسليح بعد التطور الكبير الذي بلغته جيوش العالم بإنتاج أسلحة بتقنية عالية، وخاصة تلك التي شكلت انعطافة مهمة في الحرب الروسية الأوكرانية.”
وأشار الى أن “القيادات العسكرية تدرك تماما أن المعارك الحديثة تحتاج إلى تكامل بين مختلف صنوف الجيش، وقد لمسنا خلال تحركها والعقود التي تبرمها مع دول متطورة في تصنيع الأسلحة، أن هناك اهتماماً كبيراً بملف السلاح الجوي، وهو بصراحة يشكل ثغرة في عملية بناء منظومة عسكرية متكاملة، على الرغم من أهمية القوات البرية وعديدها وتدريباتها، لكن هذه القطعات لا يمكنها التحرك من دون غطاء جوي يحميها، وبالطبع فإن أي جيش لا يمكنه السيطرة بشكل كامل مهما بلغت قوته من دون غطاء جوي، ولاسيما أن القوات العراقية تتحرك في أراضٍ شاسعة عن مراكزها وتبقى دائما بحاجة الى الغطاء الجوي.”
وأوضح غالي أن “تهديد عناصر داعش مازال قائما رغم سحقهم، لكن القوات العراقية ينبغي أن تركز كثيراً على بناء قدراتها الجوية، إذ لا يمكن للجيش أن يتقدم في أراضي العدو من دون تأمين السيادة الجوية الكاملة التي تتيح لقطعاته التحرك بمرونة، ومن الواضح أن العراق ما زال يعتمد على قوات التحالف الدولي في تأمين غطاء جوي لتحركاته على الأرض، وهذا ينبغي أن ينتهي، فبلدنا لديه كل الإمكانات لتعزيز منظومته الجوية، ولا ينبغي أن يرهن أمن البلد وسيادته الى دول أخرى.”