150 مدرسة عربية في بريطانيا

2٬302

رؤيا الغالب /

وسط أجواء تمنح الحريات للأبناء وتنصفهم القوانين، يزداد خوف الآباء وخشيتهم على أبنائهم في مجتمع يختلف تماماً عن بيئتهم العربية وأجوائهم المحافظة. فقوانين الأسرة والدين والمجتمع في بريطانيا تحمي الأبناء وتعطيهم الحرية الكاملة في التصرف وتحفظهم من العنف الأسري وتسمح لهم باتخاذ القرارات بعيداً عن تدخل العائلة، الأمر الذي ترفضه العائلات العربية، فالأبناء يكبرون وسط بيئتين مختلفتين تماماً.
فقوانين المجتمع أكبر تاثيراً من قوانين الأسرة، لذا كان اللجوء الى تعليم الأبناء اللغة العربية والتربية الإسلامية أفضل الحلول لتلقي الأجيال الجديدة قوانين الأسرة العربية عن طريق المدارس العربية لتعليم اللغة والقرآن الكريم وفهم العادات والتقاليد العربية بعد جهود كبيرة قامت بها الجاليات العربية لإيجاد حلول للتناقض الأسري والمجتمعي وجعل الأبناء يتكلمون اللغة العربية ويكتبون بها ويتعلمون الدين الإسلامي ويفهمون التقاليد العربية. ولأن المدرسة أكثر تاثيراً من البيت استطاعوا أن يفتتحوا أكثر من 150 مدرسة عربية وإسلامية تنتشر في عموم المملكة المتحدة، منها ما يعمل بدوام كامل مثل أكاديمية الملك فهد والتي تدرس اللغة العربية للطلاب خاصة من الجالية السعودية، وبعض المدارس تعتمد الدوام الأسبوعي، أي أنها تخصص يوماً واحداً في الأسبوع وهو مايعرف بـ ((مدارس السبت))، أي أن المدارس تفتح أبوابها فقط أيام السبت لتعليم الطلاب اللغة والثقافة العربية وتدرّس المبادئ الإسلامية وتعرّف الأجيال الجديدة ببلادهم الأصلية .

المدارس العراقية

تتمركز أغلب المدارس العربية في العاصمة البريطانية لندن، فهنالك أكثر من 50 مدرسة تفتح أبوابها أيام السبت غالبيتها بإدارة عراقية ولبنانية وتعتمد نفس المناهج التعليمية المعتمدة في بلدانهم كل حسب جنسيته، وذلك في محاولة لتقريب الثقافة العربية والإسلامية الى الأبناء من الجيل الجديد وتعمل على تقديم أكبر قدر من المعلومات للطالب في يوم واحد خاصة أنها تتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع .

ومن أشهر المدارس العراقية التي تدرّس اللغة العربية والتربية الإسلامية: مدرسة الإمام الصادق للبنين ومدرسة الزهراء للبنات ومدرسة الهدى والإيمان والنور والنجاح ومدرسة دجلة ومدرسة الفرات وغيرها حيث تتمركز معظم الجالية العراقية في لندن .

يقول أحمد كاظم الحيدري، أستاذ سابق عمل في تدريس اللغة العربية في المدارس العراقية:

إن المدارس العربية تهدف الى تعليم أبناء الجاليات العربية اللغة والثقافة العربية فضلاً عن التربية الإسلامية وتعرّفهم ببلدانهم الأصلية، حيث أن علاقة الجيل الجديد، الذي نشأ في بريطانيا، مع اللغة العربية تشكل مصدر قلق مستمر للأُسر العربية، إذ تخشى من فقدان أولادها للّغة العربية او التعثر بالنطق، مؤكداً أن الأطفال فرحون بتعلم لغة آبائهم حيث يشعرون بالتواصل معهم وفهم مفرداتهم وتمكنهم من الكتابة بالعربية او القراءة ايضاً مشيراً الى أن معظم المدارس العراقية وضعت مناهج تعليمية بألوان حديثة للتعليم على مختلف المستويات وهي توفر الجو التعليمي والاجتماعي خلال إجازة نهاية الأسبوع مع التركيز على تقوية النطق بالعربية، فضلاً عن فهم علوم اللغة العربية وتوفير بيئة تربوية عربية ذات قيم وأخلاق إسلامية وإقامة الحفلات والفعاليات في جميع المناسبات الدينية والاجتماعية التي تعزز فهم التقاليد العربية والإسلامية .
بريطانيا واللغة العربية

ازدهرت اللغة العربية في المراكز الإسلامية ومنظمات الجاليات، فضلاً عن القطاع الخاص، وأدخلت اللغة العربية كأحد الخيارات للطلاب الدارسين في المرحلة الثانوية في المدارس البريطانية، وبالتالي أصبح تعلّم اللغة العربية، إضافة الى أهميته الثقافية والاجتماعية، مطلباً أكاديمياً، خصوصاً فيما يتعلق بالتخصصات السياسية والاقتصادية، واعتبر المجلس البريطاني أن اللغة العربية هي من بين عشر لغات حيوية ضرورية للمستقبل خلال العقدين المقبلين خصوصاً بعد توجه بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي والانفتاح على العالم. وفي دراسة للمجلس الثقافي البريطاني أشار فيها الى أن اللغة العربية هي ثاني أهم لغة في المستقبل من اللغات التي تدرس في المدارس، وبدأ الترويج لها في المدارس البريطانية وأن اللغة العربية تعتبر ثاني لغة للعاملين في المستقبل بعد اللغة الإسبانية. وأكدت الدراسة ضرورة الأخذ بالاعتبار علاقات التصدير والعلاقات الدبلوماسية والأمنية وأن الدفع باتجاه تعليم اللغة العربية هو جزء من خطة للمجلس البريطاني لإرسال حزمة تعليمية عن اللغة والثقافة الى المدارس في جميع أنحاء بريطانيا لإقناع الطلاب من أجل الإقبال على تعلم اللغة العربية وشرح الثقافة في العالم العربي .

ويقول السيد سامي فارس، رئيس جمعية المدارس العربية التكميلية في المملكة المتحدة، وبمناسبة الملتقى التربوي الذي افتتحته السفارة العراقية في لندن، إن اللغة العربية هي معجزة الله الكبرى في كتابه المجيد وأهميتها في تربية الأبناء وتواصلهم مع البلد الأم العراق، مشيراً الى الجوانب النفسية والتربوية وأثرها في بناء الشخصية عند تعلم الأطفال اللغة العربية منذ الصغر وتربيتهم كمواطنين صالحين يحترمون ثقافة هذا البلد ويحافظون على اللغة الأم ويعملون على نقل الخبرات العلمية لأنهم الثروة البشرية التي يجب أن نحافظ عليها وبهم تنهض الأوطان .. وأكد فارس أن النجاح الذي حققته الجمعية خلال ثلاث سنوات منذ تأسيسها في مجال الدورات التطويرية والملتقيات التربوية والتوعية الأسرية، فضلاً عن دعمها لبرامج الطفولة والمرأة والتواصل مع المدارس العربية وتوفير مقر ثابت لها وتغطية نشاطاتها الثقافية والتربوية والتعليمية التي تقيمها باستمرار ودعم مدارس نهاية الأسبوع والهيئات التعليمية فيها من أجل أن تؤدي رسالتها التربوية والتعليمية في المجتمع، مؤكداً أن تعلم اللغة العربية منذ الصغر له دور أساسي في تعزيز الثقة بالنفس لدى الأبناء، وبالتالي تفاعلهم الإيجابي لكل مايدور حولهم من محيط وأفراد، فضلاً عن دور اللغة العربية في ترسيخ الأخلاقيات والقيم والمبادئ في هذه النفوس النديّة .

وفي الوقت الذي ترفض هيئة الرقابة على التعليم البريطانية (أوفستيد)بعض المناهج التعليمية العربية او الإسلامية التي تدرّس في المدارس الخاصة وتعتبر أنها تقوّض القيم البريطانية وتميّز بين البنات والبنين وتقيّد البنات في تعليم الحياكة والخياطة بدلاً من فصول التكنولوجيا. وفي تقرير لـ “أوفستيد” كشف أن بعض المدارس تستعمل مناهج دراسية وضعت في منظور إسلامي وهي تقلل من أهمية الديانات الأخرى عدا الإسلام وأن بعض المتشددين الإسلاميين يسيطرون على بعض المدارس الإسلامية، الأمر الذي يقلق المجتمع البريطاني الذي يعمل لحماية التلاميذ من التطرف وعدم التسامح مع الديانات الأخرى. وتقوم هيئة الرقابة على التعليم البريطانية بزيارات تفتيشية لتلك المدارس لحماية الطلاب والتأكد من المناهج التعليمية. .