أحمد عزيز سامي: وظيفة المترجم خلق النصّ لا نقله

1٬075

علي السومري /

أحمد عزيز سامي، كاتب ومترجم، ولد في بغداد العام ١٩٨٥، تخرج في كلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها في الجامعة المستنصرية العام ٢٠١٢، أصدر حتى الآن وبمشاركة زوجته المترجمة سارة أزهر الجوهر ثلاثة كتب، هي (كونديرا، كتاب الضحك الشيطاني) و(رسائل جورج أورويل) و(أنا عبوة ديناميت! حياة فريدريك نيتشه).
وهو يرى أن الكتاب المترجَم يحظى باهتمام بالغ وبمرتبة متقدمة في مضمار النشر اليوم، وأن كل نص مترجم هو نافذة على العالم الآخر، وعتبة جديدة في طريق المعرفة. ومن أجل معرفة مشاريعه الجديدة وآرائه، كان لمجلة (الشبكة) هذا الحوار معه، حوار ابتدأناه بسؤال:

•من الذي حرضك على خوض تجربة الترجمة، وهل كانت هذه المهنة واحدة من أحلامك؟
-منذ تخرجي في قسم آداب اللغة الإنجليزية في الجامعة المستنصرية، وهاجس الترجمة يطاردني. ولأنني نشأتُ على قراءة الروايات والكتب المترجمة، فإنني لم أقوَ على مقاومة غواية ولوج هذا العالم المعرفي والثقافي. لكن الأمر لم يكن بتلك السهولة، فالترجمة عمل ثقافي مضنٍ لا يقتصر على عمل المترجم في نقل النص إلى لغة أخرى، وانما يتطلب كما هو معروف داراً للنشر تتكفل بدفع الحقوق المالية الأجنبية وحقوق المترجم، وتوفير مدقق لغوي ومصمم وتفاصيل فنية أخرى. راسلت بعض دور النشر المهمة، لكنها لم تكن مهتمة بالتعامل مع مترجم يافع، وفي وقت ما فقدت الأمل. لكن الفضل الكبير في خوضي لغمار هذه التجربة يعود لزوجتي وشريكتي سارة أزهر التي لطالما دفعتني قدماً، والصديق الروائي أحمد سعداوي الذي آمن بقدراتنا أنا وسارة، عندما كلفنا بترجمة كتابنا الأول “كونديرا، كتاب الضحك الشيطاني”.
•ما السر في مشاركتك زوجتك المترجمة سارة أزهر في ترجمة الكتب التي صدرت حتى الآن لكما، ومن الذي يقوم باختيار الكتاب قبل ترجمته، وهل في النية تقديم أعمال منفردة لكل منكما على حدة؟
-في الحقيقة سارة أكثر تخصصاً مني في الترجمة، فهي حاصلة على شهادة بكالوريوس من قسم الترجمة في الجامعة المستنصرية، ووجودها إلى جانبي ضروري جداً، وأعتقد أننا نشكل ثنائياً جيداً ومتناسقاً تماماً. نعمل معاً على اختيار الكتب التي نرى أنها ذات قيمة معرفية عالية وذات أهمية للمكتبة العربية، كما حصل مع كتابنا الثالث “أنا عبوة ديناميت! حياة فريدريك نيتشه”. في بعض الأحيان لا يقع الاختيار على عاتقنا فقط، وإنما قد تُكلفنا دار النشر بترجمة كتاب ما، كما حصل مع كتابنا الثاني “رسائل جورج أورويل”. في الوقت الراهن لا نفكر بالعمل على ترجمات منفردة، فالعمل معاً يكسبنا مهارات متبادلة في التعامل مع النص، كما أن هناك متعة كبيرة في عملنا معاً.
•كيف ترى حركة الترجمة في العراق، وهل للكتاب المترجم حصة في حركة النشر الواسعة اليوم؟
-أرى أن عجلة الترجمة تسير بشكل متسارع في العراق في الآونة الأخيرة، بفضل البيئة المناسبة التي توفرها دور النشر المحلية وحتى العربية للمترجم العراقي. لقد كان ازدياد عدد دور النشر في العراق سبباً رئيساً في تعرف القارئ العراقي، والعربي بشكل عام، على مترجمين جدد وشباب، يعملون بشغف على رفد المكتبة العربية بكل ما هو جديد وملء المساحات الفارغة في رفوف هذه المكتبة بالكتب المهمة والجديرة بالقراءة. أعتقد أن الكتاب المترجَم يحظى باهتمام بالغ وبمرتبة متقدمة في مضمار النشر اليوم، سواء أكان أدبياً أو فلسفياً أو سياسياً أو حتى اقتصادياً، فكل نص مترجم هو نافذة على العالم الآخر وعتبة جديدة على طريق المعرفة، لكنني بالرغم من ذلك، آمل أن تولى عناية أكبر لثقافة الترجمة.
•هنالك مقولة تقول، ما معناه، أن الكتاب المترجم دائماً ما يتضمن روح مترجمه لا كاتبه، ماذا تقول؟
-للإجابة عن سؤال إشكالي مثل هذا بشكل مقتضب، دون أن نسقط في فخ التسطيح والتبسيط، سأقول: نعم، إن عمل المترجم عمل إبداعي لا عمل موظف استنساخ – وهذا عمل الترجمة الحرفية – فوظيفة المترجم هي خلق النص، لا نقله، بما يتناسب ولغته ومحيطه الاجتماعي، لا مناص من أن المترجم سيضفي على النص لمسته الخاصة، وسيأخذ بيد النص إلى منطقة الفهم التي يريد، لكن عليه ألّا ينسى مسؤوليته بصفته أميناً على نصه، وإلا فإنه سيوصم بتهمة الخيانة! أرى أن ما يفصل بين الترجمة الأمينة “الخلّاقة” والترجمة الحرفية “الباردة” هو حد القراءة، فالترجمة قراءة عميقة لدلالات النص وإشاراته ورموزه وإحالاته الضمنية والعلنية، وهذا ما يتطلب مهارة عالية في تحويل النص إلى نص آخرجديد.
•لنتحدث عن راهن الحركة الثقافية في العراق، كيف تراه، وهل للمثقف تأثير ودور في المتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تحصل فيه؟
-أعتقد أن حركة العراق الثقافية مرتبكة، تسير بشكل جيد على صعيد ثقافي معين ولكنها متعثرة على أصعدة أخرى، فعلى الرغم من الأوضاع الحالية، فإن المؤسسات الثقافية “الخاصة” تعمل بجهد على إنتاج الكتب والأفلام والمسرحيات. لكن على ذكر التغيرات، أرى أن المثقف العراقي يواجه صعوبة في التعامل مع الشارع، لأن الشارع الآن هو من يمسك بزمام المبادرة. لكن علينا ألّا ننسى أن للمثقف دوراً كبيراً في محاولات صناعة تغيير حقيقي في حقب سابقة، ولذلك فإنني أعتقد أن الحركة التي تجري اليوم كان قد أسس لها المثقف مسبقاً.
•ما جديدك، أو لنقل ما جديدكما؟
-صدر قبل فترة قصيرة عن دار (نابو) كتاب “أنا عبوة ديناميت! حياة فريدريك نيتشه” للمؤلفة النرويجية – البريطانية (سو بريدو)، الذي يتناول حياة الفيلسوف المثير للجدل نيتشه، يعمل الكتاب على تهديم الأسوار الشاهقة المشيدة على سوء الفهم التي تفصل بين القارئ ونيتشه، وقد يصدر بعد مدة عن دار الرافدين كتاب “رسائل جورج أورويل”، وهو كتاب من أدب المراسلات، يستعرض الكتاب بعض أهم رسائل الروائي الشهير جورج أورويل مؤلف مزرعة الحيوان و1984، وهذا ما يضع القارئ في مواجهة مباشرة مع كاتبه المفضل أورويل.