ريسان الخزعلي:مواقع التواصل غيبت الإبداع الأدبي

501

حوار : علي السومري

شاعر وناقد، يُعد من الأسماء البارزة في الساحة الثقافية العراقية، ولد في ناحية الهدام التابعة لقضاء الميمونة في ميسان العام 1952، كتب الشعرين: الفصيح والشعبي، ونشر العديد من الدراسات الأدبية في الصحف والمجلات المحلية والعربية، حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية من الجامعة التكنلوجية العام 1976، وهو عضو في الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العراقيين..
إنه ريسان الخزعلي، الشاعر والناقد والكاتب الذي يؤكد على وجود أسماء لامعة في النقدية من أصحاب المنجزات المعروفة، وممن يلاحقون ويتابعون النتاج الأدبي المتميّز، وبأن الشعر الشعبي يختلف عن الشعر العامي، وأننا يمكن أن نطلق على الشعر المكتوب باللغة الفصيحة الشعر الشعبي أيضاً!
الخزعلي أصدر ما يقارب الثلاثة وعشرين كتاباً في الشعرين الشعبي والفصيح والدراسات الأدبية، من بينها:
(أشجار الحلم والماي)، و(غنج)، و(تطريز)، و(الليلة وما بعدها)، و(أقرب إلى الوضوح)، و(تراكم الجمر والندى)، و(حسب الشيخ جعفر- الطائر والنخلة)، و(تحوّلات أدونيس الشاغلة)، و(مظفر النواب – بستان الرازقي)، و(خضير ميري – قوّة الجنون)، و(روايات طه الشبيب – ضفيرة الأبجديات).
ومن أجل تسليط الضوء على منجزه الإبداعي، ارتأت مجلة (الشبكة) إجراء هذا الحوار معه..
* في الشعر، تكتب بالفصحى والشعبي (العامي)، أيهما الأقرب إلى روح الخزعلي؟
– الشعر، كإبداع فني وجمالي، لا تحدده ُ اللغة أو اللهجة – إذ لكل ٍ منهما استخدامات عامة وأخرى فنية – وإنما يقوم على عناصر متظافرة تمنحه ُ الطاقة الإيحائية التعبيرية العالية، ومنها جماليات: اللغة أو اللهجة، الصورة، البناء، الرمز، فكرة الشعر، وعي الكتابة، عمق التجربة، ثقافة الشاعر، الموهبة …الخ . من هنا يكون القرب أو البُعد عن الشعر من كلا اللونين.
العامي والشعبي
*بالحديث عن الشعر، ما الفرق بين الشعرين (الشعبي) و (العامي)؟
ــ عندما نقول (عامّي)، فهذا مرتبط بالعامّة، وهي الأغلبية غير المتعلّمه. أما (شعبي) فالتوصيف مرتبط بالشعب وطبقاته المتعددة. ويمكن أن نصف الكثير من الشعر المكتوب بالفصحى بأنه شعبي أيضاً، والشعر المكتوب باللهجة، في بدايات نشوئه كتبه ُ شعراء من العامة واستهوى العامة كون اللهجة تشتبك بأعصاب الناس أكثر من اللغة وقاموسيتها، ومن هنا، أُطلق عليه الشعر العامي أو الشعر باللغة المحكيّة، ولكن بعد التحولات الشعرية التجديدية التي شهدها الشعر العربي على أيدي الرواد، فقد كتبه شعراء مثقفون ذوو تحصيل دراسي وأكاديمي، وبمفردات قريبة جداً من مفردات اللغة وبعيداً عن المفردات المستهلكة الموغلة في القِدَم، أي بلغة التداول اليومي بين طبقات الشعب. وهكذا اكتسب توصيفه: الشعر الشعبي.
* كيف ترى النقدية العراقية اليوم، وهل يمكن القول بقصورها وعدم تمكنها من اللحاق بما يتم انتاجه من أدب اليوم ؟
– النقدية العراقية فيها أسماء لامعة جداً، ولها منجزها المعروف، وما زالت تُلاحق وتتابع النتاج الأدبي المتميّز، كما فيها مَن يكتب المقالات التي تحاول أن تتماس مع ماهو في عداد النقد وبطرائق متباينة. وفي كل الأحوال، فإنَّ النقّاد قلّة مقارنة ً مع الكم الكبير من الشعراء والروائيين والقصصيين وكتّاب الفنون الإبداعية الأخرى، ومن هنا يحصل ما يمكن وصفه بعدم إمكانية اللحاق بما يتم إنتاجه اليوم، فقد ازدادت بشكل ملحوظ مساحة النشر والإصدار بعد عام 2003 وأصبح النقّاد يكتبون عن ما يُهدى لهم من نتاج في الوقت الذي يستوجب المتابعة. وما يمكن قوله أيضاً، إنَّ العمل الجيد هو الذي يستهوي الذائقة ومجسات النقد، ولا أنفي بعض ما يحصل من ظواهر غريبة تقوم على العلاقات والمحاباة عند البعض ممن يكتبون النقد هذه السنوات.
استسهال النشر
*برأيك، هل أسهم انتشار مواقع التواصل الاجتماعي في تهشيم ما كان يُطلق عليه سابقاً بأدب المركز وأدب هامشه؟
– نعم، مواقع التواصل الاجتماعي وفّرت مساحة كبيرة من النشر، وقصّرت المسافة بين الجهات، وما عادت هنالك فواصل بين المراكز والهوامش، لكن غاب النوع الإبداعي إلى حد كبير، إذ أصبح استسهال النشر ظاهرة لا يمكن السيطرة عليها، ظاهرة منفلته غير محكومة بضرورات النشر، وغير محكومة أساساً بما هو إبداعي. أظهرت فقراً ثقافياً ولغوياً وإملائياً ومعرفياً، وهي كذلك ظاهرة تهكميّة لا تستجيب للملاحظة. وهنا لا أقصد إلا مَن تعنيه هذه الإشارة مستثنياً بذلك أصحاب المواهب والتجارب اللامعة.

السلاح الأقوى
* كيف تُقيّم موقف المثقف العراقي من الاحتجاجات المطالبة بالعدالة الاجتماعية، هل كان موقفاً قوّياً أم خجولاً ؟
– المثقف العراقي، ومن كل التنوّعات الثقافية: السياسية، الفكرية، الأدبية، الفنية، الاجتماعية، لا يُقيم علاقاته مع الواقع بالتطامن والمهادنة حينما يكون هذا الواقع متراجعاً عن ممكنات الحرية والعدالة الاجتماعية، إن احتجاجه يكمن في ابداعه أولاً، وهو السلاح الأقوى لديه، وهذا ما حصل فعلاً على مستويات عدّة ، كما أنه لم يغب عن المواجهة الميدانية، وقد قدّم تضحيات كبيرة ومعروفة من أجل وجود أبقى وحياة أنقى وعالم أرقى، وضمن هذه التوصيفات لا يمكن وصف موقفه بالخجول. وهنا أتحدّث عن المثقف الذي هو خارج عباءة السلطة مهما كان توجهها.
* ما جديد ريسان الخزعلي؟
– في نهاية عام 2021 صدر لي كتاب: تراكم الجمر والندى، الأعمال الشعرية غير الكاملة الجزء الأول، من منشورات دارَي: الصحيفة العربية – العراقية والعرّاب السورية.