عتيق رحيمي يتراجع وينتصر السرد

1٬123

  مقداد عبدالرضا/

كلما شرعت في قراءة رواية وتمتعت تمنيت ان لاتنجز كفلم والامثلة كثيرة, الكاتب عتيق رحيمي روائي من افغانستان هرب الى فرنسا ويعيش هناك, له روايات عدة, لكنه جرب ان يدخل عالم السينما بروايتين، انجز في العام 2004 فلمه الاول المأخوذ من روايته “ارض ورماد” وبنفس الاسم.

على الرغم من جمال الصورة التي رسمها في الفلم لكنه ظل اقل شأنا من الرواية ,, في العام 2012 انجز رحيمي فلمه الثاني الماخوذ عن روايته وبنفس الاسم ايضا “حجر الصبر” ,, يقول رحيمي عن هذه الرواية: لقد كتبتها عن شاعرة افغانية قتلها زوجها حينما وجد بحوزتها ديوان شعر ألفته بعنوان “الازهار الحمراء الميتة” ,,, حكم على الزوج بالسجن, سقط مريضا وراح بعدها في غيبوبة. قرأت الرواية بمتعة كبيرة وصار عندي يقين بأن هذه الرواية ستفسد إن تحولت الى فلم,, كيف؟ اولا انها تعتمد برمتها على السرد,, امراة اصيب زوجها بطلق ناري اثناء الحرب وراح في غيبوبة,, ثانيا هي الوحيدة التي تتطهر من خلال السرد تنفث كل ماعلق بها من الم الماضي مع الزوج, الاب, المجتمع. لم تستطع الممثلة جولشفته، وهي ايرانية، ان تحمل على عاتقها سير الفلم لساعة ونصف, اذ بدت في بعض الحالات غير موفقة على الرغم من سحر طلتها وجمالها الاخاذ, القهار القهار, القهار,, هكذا تبدأ الحكاية,, الزوجة تبوح (لانعرف حتى اسمها) مع انفاس زوجها الداخل في غيبوبة,, من بعيد نستمع الى نداء الحرب, انها الدعوة بالتوجه الى حمل السلاح والقتال حتى يتحقق الانتصار, تفزع الزوجة تترك زوجها راقدا وتهرع مع بنتيها الى بيت خالتها الغانية والتي حولت البيت الى متعة سريعة,, تنصحها الخالة بان الرجال الذين يذهبون الى الحرب لايجيدون ممارسة الحب,, تقدم لها نصيحة,, عليك مناجاة حجر الصبر,, انه جزء من اسطورة يلجأ اليها اصحاب الالم لعل في بوحهم عزاء في تفتيت ذلك الحجر,, تنفذ الزوجة نصيحة الخالة وتبدأ في البوح, تبدأ من ابيها مربي الطيور والذي زوجها وهي لما تزل ابنة العشرة اعوام,, ابوها مربي الطيور البائس, ام الزوج التي تصر على ان الزوجة عقيم ولابد من بديل, ليلة العرس، وحتى لايكتشف الزوج ان زوجته غير عذراء تحدد موعد العرس في فترة طمثها, سنعرف لاحقا من الذي اغتصب عذريتها,, كنت خائفة تماما, كنت تثير تقززي ونفوري,, ابي الذي كان من حبه للطيور يلجأ في بعض الاحيان الى وضع الطير في سرواله الداخلي, في احد الايام وكان يوم جمعة بينما كان ابي في الجامع يصلي, اخرجت الطير من قفصه وتركته يطير, في تلك اللحظة كان هناك قط تائه, يتربص فوق الحائط, التقطه القط واخذه نحو زاوية كي يلتهمه بهدوء, تبعته وبقيت التذ مع القط، لم انس في حياتي ذلك المشهد الاثير, كنت سعيدة جدا, لكني فجاة شعرت بالغيرة, اردت ان اكون انا القط فهو لم يكن يعرف شيئا عن قيمة هذا الطير, لذلك لم يكن بمقدوره مشاركتي فرحي وانتصاري,, وبقفزة واحدة هجمت على القط كي انتزع منه ماتبقى من الطير, لكنه خمش وجهي وهرب حاملا الطير معه,, شعرت من الاثارة والياس بمكان, لدرجة انني رحت الحس كالذبابة بضع قطرات من دم الطير المراق على الارض,, هذا التداعي البديع لم يوفق المخرج في تشكيله ولا الممثلة في ادائه, اذ جاء سريعا منقوصا,, هذا التداعي والتطهير يقطعه بين فترة واخرى طرق تجفل له الزوجة, يطلب منها شيخ الجامع التوجه الى الصلاة, وحتى تتخلص منه تخبره بانها في دورتها الشهرية, يطرق عليها الباب ثلاثة مسلحين يبحثون عن اى شيء تقع ايديهم عليه, وحتى لايتم اغتصابها تخبرهم بانها بائعة هوى تبيع جسدها لقاء مبلغ, ينفرون منها ويشتمونها, انهم لايفضلون الا العذراوات,, من بين الثلاثة شاب ياتيها بعد فترة, نراه خجولا منكسرا حزينا, يخرج لها بضعة نقود ويطلب منها الحب, نتعرف عليه، انه شاب ممتهن من قبل جماعته المسلحة يخرج لها جسده لترى الطعنات التي رسمت عليه,, تتعاطف معه وتعلمه الحب حتى اننا نشعر بانها اصبحت أماً له,, نقترب من نهاية الفلم حيث ينتفض الزوج من غيبوبته في اللحظة التي تخبره ان الطفلتين هما من صلب اخيه وليس منه لنكتشف خطأ أمه من أن الزوجة عقيم,, يرفع الزوج يده محاولا خنق الزوجة والاجهاز عليها, في تلك اللحظة تخبره بانها استطاعت ان تعيده الى الحياة لكنها ماتلبث ان تسحب خنجرا وتغرسه في قلبه لينتهي الفلم بربكة مقبولة,, السرد هنا اتعب الممثلة، والأماكن القليلة اتعبت المخرج,, “حجر الصبر” رشح لجائزة الاوسكار لكنه لم يدخل المسابقة,, الرواية حصلت على ارفع جائزة فرنسية (جونكور),, الاماكن كان لها سحر خاص، ربما هي الحسنة الوحيدة في الفلم.