مبادرة رفضها المتحف العراقي وتلقفها البريطاني.. لعبة أور الملكية

449

زياد العاني /

في خطوة عراقية جميلة تضاف إلى منجزات العراقيين الذين جلّ اهتمامهم هو رفع راية العراق عالية بين البلدان، وترسيخ الهوية العراقية والحفاظ عليها والتباهي بكل ما أنجزه أجدادنا العظماء، قام أحد المهتمين بثقافة الأطفال، السيد (فواز حسام الصفار)، بإعادة إنتاج لعبة حظ وذكاء يطلق عليها (لعبة أور الملكية)، التي تعود إلى آثار بلاد الرافدين منذ أكثر من 5000 عام.
بعد أن أعاد إنتاجها بجهود فردية، وبشكل شخصي، حين استطاع أن يتعاقد مع المتحف البريطاني ليكون سوقاً لهذه اللعبة، وتحديداً بعرضها في قاعة (بلاد ما بين النهرين).
وقد خصّنا السيد فواز الصفار بحديث لـ “مجلة الشبكة” عن تفاصيل هذه اللعبة وكيف جاءت فكرة إعادة إنتاجها ولماذا.. إذ قال: “كان همي الأول هو أن يشاهد كل العالم هذه اللعبة، إذ أنها أنتجت لأول مرة في بلدي الحبيب العراق، وهذا ما جعلني أفتخر بها كثيراً، فهي ليست لعبة عادية فحسب، إنما هي قطعة فنية جميلة من ناحية التصميم والخامات التي صنعت منها، وهي عبارة عن لوح خشبي مزخرف ومطعم بخامات وألوان عديدة ، كما توجد معها أحجار اللعب المصنوعة من الأحجار الكريمة، مثل الياقوت والزمرد وغيرهما، حتى الذهب موجود في بعض أجزائها، كما أن هذه اللعبة تعد لعبة ذكاء وحظ في آن واحد..”
إعادة إنتاج
وأضاف أن “فكرة إعادة إنتاجها جاءت من خلال عملي كرئيس تحرير لمجلة (الأصدقاء) التي تعنى بثقافة الأطفال، إذ كنت أفكر دائماً بإيجاد أفكار للأطفال، أولاً لإبعادهم عن الأجهزة الإلكترونية، ولو لبعض الوقت، وثانياً لتثقيفهم.. فخطرت ببالنا فكرة إعادة تصنيع (لعبة أور الملكية)، بحيث نضرب عصفورين بحجر واحد. وبالفعل جرى تصنيع اللعبة وتداولها في السوق المحلية بشكل بسيط، وفي هذه الأثناء كنا نتحرك بشكل دوري على بعض المؤسسات الحكومية المعنية بالثقافة، مثل المتحف العراقي، أو وزارة الثقافة عموماً. وبصراحة لم نجد أي تعاون أو تشجيع، لكن إصرارنا على تقديم هذه اللعبة وجعلها في متناول الأيدي بشكل متكرر جعلها حديث الناس، وقد وجدنا بعض أماكن التسوق التي يزورها أجانب، وبصراحة وجدنا أن الأجانب أبدوا اهتماماً كبيراً بها، لكونها تمثل جزءاً من تاريخ العراق الذي يبهرهم دائماً.”
وأكمل الصفار أن “اللعبة، التي رفض المتحف العراقي أن يعرضها داخل أروقته ليقتنيها أطفال العراق، تقبلها المتحف البريطاني، وباهتمام كبير، إذ جرى الاتفاق على أن نصنعها خصيصاً لهم، ليتمكنوا من بيعها إلى زوار المتحف البريطاني، وتحديداً في قاعة (بلاد ما بين النهرين)، وكان ذلك الاتفاق عن طريق الدكتور (إيرفنغ فنكل (Dr. Irving Finkel، عالم السومريات في المتحف البريطاني، وهو أول من ترجم شفرة الرقم الطيني الذي احتوى على فكرة اللعبة وطريقة لعبها، وكان ذلك في العام 1979، الذي أبدى سعادته بإعادة تصنيع اللعبة، على اعتبار أن العراق هو بلدها الأم. في الأيام المقبلة ستزين اللعبة القاعة السومرية في المتحف البريطاني وهي تحمل ختم (صنع في العراق)، وستكون ضمن متجر المتحف. كلنا فخر حين نسهم في التعريف بحضارة بلدنا العزيز التي تمتد لأكثر من 7000 عام.” كما قدم الصفار -من خلالنا- شكره وامتنانه إلى السيد Ashly Barlow المدير التنفيذي لمؤسسة المحطة – The Station لتبنيه مهمة الذهاب إلى المتحف البريطاني واللقاء بالدكتور إيرفنك فينكل..
وتحدث الصفار أيضاً عن مشاركته في التصنيع على اعتبار أنه ليس خبيراً فيه، وقال إن “هذا العالم كبير ومتشعب جداً، كما أن تصنيع لعبة كذه لها قيمة معنوية ومادية لم يكن من السهل، باستخدام خامات وتقنيات عديدة، وكل شيء له ثمنه، لكن اخترنا أن تكون غير مكلفة ليسهل اقتناؤها من قبل الجميع.”