يافعة يوسف ناني: الروس مهتمون بتعلم العربية
هند الصفار/
ولدت يافعة يوسف ناني في بغداد لعائلة مسيحية موصلية الأصل، حصلت على منحة للدراسة في روسيا فأكملت دراسة البكالوريوس في اللغة الروسية بجامعة موسكو، ثم أكملت دراستي الماجستير والدكتوراه بالترجمة في جامعة سانت بطرسبورغ عام 1983 وأصبحت التدريسية العراقية الوحيدة في كلية الدراسات الشرقية عام 1985.
تقول عن هذه المرحلة: “لقد أحببت اللغة الروسية رغم صعوبتها وحاولت الاختلاط مع الروس كثيراً لإتقان لغتهم والتخصص فيها.”
تزوجت ناني واستقرت في روسيا، لكنها ظلت تحاكي عراقيتها وتحاول إظهار الصورة المميزة عن العراق، وحتى من خلال تدريسها للترجمة من اللغة العربية الى الروسية، عملت على إظهار الفلكلور العراقي والحياة البغدادية من خلال مادة اللهجة البغدادية.
تكريم جديد
في يوم الترجمة، أقامت جمعية المترجمين العراقيين احتفالاً بالمناسبة، وقامت بتكريم عدد من المبدعين، ومن ضمنهم الدكتورة يافعة يوسف ناني.
عن ذلك، يقول الدكتور قاسم الأسدي، رئيس الجمعية : “إن هذا التكريم إشارة واضحة الى أن الجمعية ترعى مبدعيها من الأدباء والمترجمين ولا تنساهم أبداً.”
من جهتها، أعربت ناني عن اعتزازها بهذا التكريم وقالت: “لم أتوقع هذا التكريم أبداً، أنا ممتنة جداً للجمعية ولتقديرها الجميل لي، وهو تكريم مهم جداً بالنسبة لي لأنه من جمعية عراقية.” مشيرة الى “أنها سبق وأن حصلت على تكريم من كلية الدراسات الشرقية في جامعة بطرسبورغ وآخر من مركز الوثائق التاريخية في البحرين, كما حصلت –ولمرتين- على تكريم من المؤسسة المصرية الروسية للعلوم والثقافة..”
يحبون العربية
وبينت ناني أن اللغة العربية لم تكن صعبة على الطلبة الروس، لأنها اعتمدت أساليب مميزة في تدريسها، ولكون العربية هي لغتها الأم فإنها استطاعت أن تحبب الطلبة فيها.
وتعتقد ناني أن “تجربتها كانت ناجحة جداً، وهذا واضح من ردود الأفعال الإيجابية من قبل طلبتها، وهناك أكثر من حافز لدى الروس لتعلم العربية، من بينها قراءة القرآن والحصول على وظائف وفهم الأدب العربي.”
مع ذلك، فإنها تشير الى أن هناك معوقات في عملها: “هناك معوقات كثيرة، أولها وأهمها أن غالبية المستعربين لا يحبون العرب, وكل ماهو عربي، لذا حاولت –وأحاول- أن أوضح الحقيقة التي كانت في دولنا العربية للطلاب (قبل الربيع العربي). الكلام هنا كثير ولايكفي الورق لشرحه. “
ومن خلال لقاءات سابقة بطلبتها أكدوا أنهم يحبون اللغة العربية وأن درس الترجمة الذي تقدمه يافعة يوسف هو درس مميز جداً، وقد تبينت درجة إتقانهم للعربية بشكل لافت عند الحوار معهم، فقد كانت إجاباتهم باللغة العربية وهم طلبة المرحلة الثانية فقط.
تمييز روسي
ولا يخفى أن وجود العراقيين والعرب في دول أخرى قد يكون صعباً من خلال أساليب الحياة وتعامل أبناء البلد مع هؤلاء الأجانب، ولاسيما اذا كانوا يحصلون على مناصب وظيفية حكومية.
تقول ناني إنها “تعاني من سوء معاملة بعض الزملاء الروس لها لكونها عربية وتدرس في الجامعة، كما أن ابنتها التي أكملت الدكتوراه في اللغة العربية أيضاً، وعلى الرغم من جنسيتها الروسية التي تحملها أصلاً من والدها الروسي، لم تكن درعاً لها لحمايتها من التهكمات عليها وحرمانها أحياناً من المشاركات الخارجية بدعوى أن لها عرقاً أجنبياً.”
يبدو أن التمييز ليس في بلاد العرب، كما يبدو، لكنه سمة بشرية لا تنتمي الى بلد معين، وإن كانت الديانة واحدة. فكل شخص يجد ما يميزه عن غيره ليتعالى به على الآخرين ويتعامل معهم بعنصرية .
إن أهم مايميز تجربة ناني هو كمّ المشاركات السنوية لإحياء يوم اللغة العربية في جامعة سانت بطرسبورغ، حيث تقوم مع ابنتها الدكتورة أمالي بكتابة سيناريوهات أفلام ومسرحيات وأوبريتات عربية قصيرة ينفذها الطلبة أنفسهم، بل إن الطلبة أصبحوا يعدون أفلاماً كوميدية باللغة العربية مستوحاة من التراث العربي.
كما قدمت الدكتورة يافعة يوسف بحوثاً ومقالات وألفت كتباً تخص العربية، وعن أهم مؤلفاتها تقول: “لربما هي المؤلفات التي نشرت في مجلة (الوثيقة) البحرينية, وذلك لأن المادة مأخوذة من الأرشيفات التي فتحت للقارئ بعد انهيار الاتحاد السوفييتي (زمن البيروسترويكا – إعادة البناء)، هذه المؤلفات للقارئ العربي. أما بحوثي عن الفلكلور العراقي واللهجة البغدادية فهي مهمة للقارئ الروسي، الذي يهتم أيضاً بالمخطوطات. ولا أكتب بحثاً أو مؤلفاً لا أحبه، كما أن هناك كتباً تدريسية جرى تأليفها لتدرس ضمن مقررات الكلية في جامعة سانت بطرسبورغ”.
يافعة.. بابتسامتها وروحها العراقية غرزت نبتة جميلة وصورة رائعة عن العراق في قلب روسيا. إنها صورة امرأة مثقفة عراقية بإطار روسي .