ينافس البشر في اختصاصاتهم الذكاء الاصطناعي يقتحم ميادين الثقافة

228

لندن – الشبكة
في محاضرة تلامس ما يشغل عقول البشرية في أيامنا الحالية، قدم المقهى الثقافي العراقي في لندن ندوة مهمة عن الثقافة والعلوم والتكنولوجيا والمجتمع، وعواقب كل هذه الأمور على مستقبل الإنسان والكوكب والحياة.. أدارها مهندس الكهرباء كريم السبع.
حاضر في الندوة الدكتور عادل كنيش مطلوب، الذي قدمه السبع عبر سطور تلاها على الحضور: “حاصل على البكالوريوس من جامعة بغداد في الهندسة الإلكترونية، وعلى شهادتي الماجستير والدكتوراه من جامعة مانشستر في هندسة الحاسبات، ونظم الحاسبات ذات الأداء والكفاءة العالية والمتوالية، وله خبرة طويلة في العمل الأكاديمي بمختلف الجامعات.. كان مستشاراً علمياً سابقاً في وزارة العلوم والتكنولوجيا بالعراق. وهو مختص بنظم التعامل مع اللغة العربية وإيجاد المصطلحات العلمية لأنظمة التعليم العلمي الآلي، مهتم بالنشر العلمي باللغة العربية لآخر مستجدات العلوم الحديثة، على شكل مقالات مترجمة وحوارات متعددة في وسائل الإعلام.”
ثم ابتدأ الدكتور عادل محاضرته بإيراد التعاريف المتفق عليها لكل من العلوم والثقافة، وركز على تأثر كل منهما بالآخر، فقال: “العلوم والتكنولوجيا والثقافة حقلان مختلفان، لكنهما يشتركان في الابتكارات لكل ما هو جديد؛ منها الإنساني البنّاء الذي يسهم في خلق حياة بخدمات راقية تلبي كل الاحتياجات التي تتطلبها الحياة البشرية.” وأضاف مؤكداً: “لم يعد من الممكن بعد الآن الاحتفاظ برؤية للعلوم على أنها مستثناة من التأثيرات الاجتماعية، إذ إن دقة أو (حقيقة) النظرية العلمية لا يمكن أن تؤخذ لتفسير قبولها، لأن قبول المجتمع العلمي هو الذي يحدد النظريات التي تعد دقيقة و صحيحة.”
وعن تداخل الذكاء الاصطناعي مع الثقافة قال: “من الأمثلة البارزة الحديثة على التفاعل بين العلوم والتكنولوجيا والثقافة هو توغل الذكاء الاصطناعي في الميادين الثقافية التي هي، تاريخياً، من اختصاص البشر، فقد اكتسب الذكاء الاصطناعي بعض القدرات الرائعة للتلاعب وتوليد اللغة، سواء بالكلمات أو الأصوات أو الصور، وبذلك اخترق الذكاء الاصطناعي نظام العمل في حضارتنا.”
وجاء د.عادل على ذكر أن: “الأب الروحي للذكاء الاصطناعي (جيفري هينتون، عالم النفس المعرفي وعالم الحاسوب البريطاني الكندي) صرح لـ بي بي سي نيوز، في 3 من أيار 2023 قائلاً: في الوقت الحالي، فإن ما نراه هو أن أشياء مثل GPT-4 تتفوق على البشر في مقدار المعرفة العامة التي تمتلكها وتتفوق علينا كثيراً. أما من ناحية التفكير/ التسبيب (reasoning) فإنها ليست جيدة بما فيه الكفاية، ولكنها تقوم بأعمال فيها بالفعل تفكير بسيط.” وأكد المحاضر على أنه: “يمكن لآلة لديها فهم السبب والنتيجة أن تتعلم أكثر مثل الإنسان، من خلال التنبؤ والتراجع.”
وأشار كذلك إلى أن الباحثين يميلون في الذكاء الاصطناعي دائماً لافتراض التلازم بين السببية والارتباط، إذ إن العلاقات السببية تبدد الغموض الذي يخشاه العقل.” وأضاف: “في العاشر من نيسان 2019 نشرت Springer Nature أول كتاب تدريسي تم تأليفه باستخدام الذكاء الصناعي؛ أظهر ما تجيده الروبوتات في التأليف. الكتاب، بعنوان (بطاريات أيونات الليثيوم Lithium-Ion Batteries)، وهو ملخص جرى إنشاؤه آلياً من الأبحاث المنشورة في وقتها، كما يوحي الاسم، فهو موجز للبحوث التي استعرضها النظراء حول الموضوع المعني. ويشمل اقتباسات وارتباطات تشعبية للعمل المذكور، ومحتويات المراجع التي جرى إنشاؤها تلقائياً، كما أنه متاح للتنزيل والقراءة عبر رابط على الشبكة العنكبوتية.”
وعرض المحاضر على الشاشة الكبيرة فيديو وعلق عليه قائلاً: “منذ عام 2018، استكشفت تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (ML) العديد من التطبيقات في المجالات الفنية والثقافية والطبية. ففي 11 تموز/ يوليو 2023 نشر في مجلة Nature بأنه يمكن لتقنيات الفن الرقمي الآن ابتكار بروتينات جديدة بالكامل يمكن أن تغيّر من العلاجات الطبية، مخصصة وعاملة حسب الطلب. في الفيديو الذي يعرض أمامكم أداة ذكاء اصطناعي تسمى RFdiffusion صممت بروتيناً يرتبط بهرمون الغدة الدرقية. هذا البروتين لم ينتجه التطور الطبيعي أبداً، خلال أكثر من ثلاثة مليارات سنة!”
ثم تولى عرض فيديوهات توضح بشكل لا يقبل الشك الإمكانات الهائلة والإبداعية في نفس الوقت، التي كانت حكرا على الإبداع الإنساني، ويسود الاعتقاد أنها تكتنز الأحاسيس والمشاعر الإنسانية منها، وكذلك كان مدير الندوة قد أبدى ملاحظات مهمة في هذا الشأن.
حظيت الأمسية بمداخلات وأسئلة من الحضور، مثل الأستاذ الصيدلاني صباح يعقوب والأستاذ قحطان طالب والفنان التشكيلي فيصل لعيبي، وقرأ المصور سمير طبلة مداخلتين جاءتا عبر الأثير، الأولى للناقد مؤيد الحيدري والثانية للبروفيسور محمد الربيعي.
تناوب المحاضر ومدير الأمسية التعليق والإجابة على تلك المداخلات، وقارب وقت الأمسية الساعتين وكانت متابعة الحضور لها باهتمام واضح، كذلك بعدد حضورها، وبهذا يثبت المقهى الثقافي العراقي في لندن سعيه لتقديم كل جديد في المجال الثقافي.