البطلة الرياضية نجلاءعماد.. الإرهابيون لم يكسروا عزيمتها

598

أميرة محسن – تصوير : صباح الإمارة /

ولدت البطلة نجلاء عماد في مدينة البرتقال –ديالى-، في صغرها كانت تلعب وتمرح مع أخواتها، لكن تلك الطفولة البريئة لم تسلم من أيدي الإرهاب الغادرة، ما أدى إلى فقدانها اليد اليمنى والساقين لتصبح مقعدة تماماً.

لكن إصرار نجلاء على مواصلة حياتها دفعها إلى إكمال دراستها وممارسة هواياتها الرياضية التي فتحت لها آفاقاً جديدة، فدخلت الرياضة من باب ألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة وهي بعمر العاشرة، لتختار كرة الطاولة (المنضدة) وتتألق فيها بعد أن شجعها الأهل والأصدقاء على ممارستها.
عن مسيرتها الرياضية وسبب اختيارها كرة الطاولة ومشاركتها الأخيرة في بارالمبياد طوكيو، كانت محاور حديثنا مع بطلة العراق نجلاء عماد في هذا الحوار:
حادث إجرامي
* كيف دخلتِ ميدان الرياضة ومن شجعكِ على اختيار لعبة كرة الطاولة؟
ـ كنت أحب الرياضة منذ صغري وأمارس الكثير من الألعاب، لكن الذي حصل لي منذ الطفولة جعلني مقعدة، كنت في السنة الثالثة من عمري عندما تعرض والدي إلى عملية تفجير سيارته بعد أن وضع الإرهابيون عبوة لاصقة أسفل الباب الأمامي، وعندما جاء والدي إلى البيت أردت فتح باب السيارة، حينها انفجرت اللاصقة لتبتر ساقيَّ ويدي اليمنى، وبمرور الوقت قررت أن أدخل المدرسة وأكمل الدراسة، كنت أشاهد الفتيات وهن يلعبن الكرة الطائرة أو كرة السلة والألعاب الأخرى، فأدخل في حزن كبير، إلا أن أهلي شجعوني على ممارسة الرياضة داخل البيت من خلال شرائهم طاولة (منضدة) لي، فأخذت أمارسها بين الحين والآخر بيدي اليسرى -كون اليمنى مقطوعة-، وتمكنت من ممارسة التمارين بيدي اليسرى، إصراري وعزيمتي جعلاني أتفوق على الإعاقة.
في أحد الايام، وعندما بلغت العاشرة، زارنا في البيت المدرب حسام حسين، فشاهدني وقال لي: لابد لك من ممارسة كرة المنضدة لكي تصبحي بطلة في هذه اللعبة، واستمر بتشجيعي لدخول هذا المجال، فباشرت بالتدريب في البيت والنادي لمدة ستة أشهر، بعدها سنحت لي فرصة المشاركة في بطولة العراق للمعاقين، وحصلت خلالها على المركز الثاني في أول مشاركة لي. يومها كان قد شاهدني رئيس اتحاد كرة الطاولة ورئيس اللجنة البارالمبية الأستاذ عقيل حميد فقاما باستدعائي إلى المنتخب الوطني للمعاقين.
*وهل انتقلتِ إلى بغداد لإجراء التمارين؟
– بعد اختياري ضمن صفوف المنتخب لكرة الطاولة أجريت التمارين في نادي ديالى ثم في بغداد تحت إشراف المدرب الدولي جمال جلال، الذي علمني كل شيء عن اللعبة، ولاسيما أنه أحد لاعبي المنتخب الوطني السابق.
بطولات رياضية
*أي البطولات كانت مشاركتك فيها؟
– عام 2015 حققت بطولة العراق لكرة الطاولة، ثم توالت الانتصارات على الصعد كافة، وفي عام 2016 كانت مشاركتي في بطولات دولية كثيرة أذكر منها بطولة الأردن الدولية إذ حصلت فيها على المركز الثالث، بعدها بطولة آسيا في الإمارات عام 2017 ، كما شاركت في بطولة دولية في تايلند عام 2018، وعام 2019 في بطولة دولية في مصر حيث حصلت على المركز الأول، كذلك حققت المركز الأول في بطولة الصين، وشاركت في بطولة دولية في إسبانيا عام 2020 وحققت المركز الأول، ومشاركتي الأخيرة كانت في أولمبياد طوكيو 2020 في اليابان حين جرى اختياري كأصغر لاعبة تشارك في الأولمبياد.
أولمبياد طوكيو
*حدثينا عن مشاركتكِ في أولمبياد طوكيو الأخيرة..
– كانت مشاركة مفيدة كسبت خبرة كبيرة منها، كنت على وشك الحصول على وسام، لكن الخبرة تفوقت عليّ، إذ واجهت اللاعبة الروسية المصنفة الثالثة عالمياً في أولى المباريات وانتهت المباراة بخسارتي بثلاثة أشواط مقابل شوط واحد، لقد جاريت اللاعبة الروسية، لكنها تفوقت علي بفارق قليل من النقاط، الحقيقة أن خبرتها جعلتها تفوز. ومباراتي الثانية كانت مع الكورية الجنوبية التي كانت قوية أيضاً، وقد تفوقت عليها في شوط، لكني خسرت الشوط الآخر. عموماً كانت مشاركتي -كما قلت- مجدية وذات فائدة لي من خلال مجاراتي لبطلات العالم في لعبة كرة الطاولة، كنت أضغط على نفسي من أجل إسعاد الشعب العراقي، وأنا فخورة وسعيدة بما قدمته في أولمبياد طوكيو.
طموحات
*طموحكِ في البطولات المقبلة؟
– طموحي يتمثل برفع العلم العراقي في المحافل الدولية، فاللجنة البارالمبية ورئيسها الدكتور عقيل حميد دائماً يوفرون لنا كل المستلزمات التي تسهم في نجاح مهمة اللاعب في البطولات التي نشارك فيها، حقيقة وبدون مجاملة أن رئيس وأعضاء اللجنة البارالمبية العراقية حريصون جداً على متابعة اللاعبين من خلال توفير الاحتياجات كافة، وهم مشكورون على كل ما يقدمونه لنا، وهذا يعطي حافزاً كبيراً للاعب على تقديم الأفضل في البطولات الخارجية، إذ تحرص اللجنة البارالمبية على أن توفر لنا أجواء مثالية قبل المنافسات الرسمية، فتقيم لنا معسكرات تدريبية في بلدان متعددة لغرض الحصول على أعلى درجات الجاهزية قبل التوجه إلى المشاركة.
* صعوبات كانت تواجهك؟
– لقد واجهتني الكثير من الصعوبات في بداية حياتي الرياضية، لاسيما مشكلة انتقالي من البيت إلى المدرسة فالنادي، إلا أني استطعت أن أتغلب وأتأقلم عليها بمرور الوقت، فقد وضعت في قاموسي أن أكمل دراستي، ولاسيما أنني الان في الصف الخامس الإعدادي وأطمح أن أحقق معدلاً عالياً في امتحانات السادس الإعدادي لأدخل إحدى الكليات المرموقة، وأنا قادرة على ذلك بفضل وقوف الأهل معي وتحفيز كبير من أساتذتي في اللجنة البارالمبية العراقية، وهم مشكورون على كل ما يقدمونه لي، أيضاً أنا أتطلع إلى تسجيل نجاحات في الرياضة وأحلم دوماً في رفع العلم العراقي في المحافل العالمية.. وأنا قادرة على ذلك.