إذاعة الفرقان تنفرد بالختمة المجوَّدة الأولى للقرآن الكريم
زياد جسام /
مع حلول شهر رمضان المبارك تبث إذاعة الفرقان من شبكة الإعلام العراقي ختمة القرآن الكريم المجوَّدة بالطريقة العراقية بصوت الحاج عامر الكاظمي، التي تعد إنجازاً مهماً، ذلك أنها الختمة الأولى المجوَّدة بالطريقة العراقية.
ولأهمية هذا العمل المشترك بين القارئ الحاج عامر الكاظمي وبين شبكة الإعلام العراقي، حاورت “مجلة الشبكة” القارئ الحاج عامر الكاظمي، والدكتور عامر ذنون، المشرف على المونتاج والمتابعة والتدقيق، والأستاذ طه غريب قارئ المقام والخبير في الأنغام العراقية.
حدثنا أولاً الدكتور عامر ذنون عن بداية هذا المشروع قائلاً: في عام 2007 جرى التنسيق مع الحاج عامر الكاظمي لتسجيل ختمة مرتَّلة، وكانت في وقتها مسجلة على (شريط كاسيت). اشتهرت هذه الختمة كثيراً بين الناس، فقلتُ للحاج الكاظمي إن هذه الختمة المرتَّلة أخذت نصيبها من الانتشار على نحو واسع، فلماذا لا تسجل هذه المرة ختمة مجوَّدة؟.. كان هذا الكلام في عام 2019، وافق الحاج الكاظمي على هذا الرأي بشكل مبدئي وطلب مني أن أساعده في تنفيذ الفكرة، ثم توجهت بالحديث إلى قناة الفرقان حيث تمت موافقة الزملاء القائمين عليها، وفي كانون الأول 2020 بدأنا بتسجيل الختمة المجوَّدة وبالطريقة العراقية المميزة بصوت الحاج الكاظمي الجميل. أتذكر حينها أن الجو كان بارداً جداً، ومع ذلك كنا نذهب إلى الإذاعة لنسجل في الساعة السابعة صباحاً، علماً أن التسجيلات عادة ما تُجرى مساءً لأن الصوت يستقر في المساء، هذا شيء يعرفه المتخصصون، أنا كنت مشرفاً على المونتاج والمتابعة والتدقيق، ولا يفوتني أن أذكر اسم الزميل حسام ناصر الذي كان يساعدني كثيراً في ذلك.
وعن الصعوبات التي واجهت العمل تحدث الدكتور ذنون قائلاً: لم تواجهنا صعوبات إلا في شيء واحد وهو نقاوة الصوت، إذ اختلف بعض الشيء، والسبب في ذلك أننا سجلنا في أكثر من ستوديو، فمرة في ستوديو الفرقان ومرة أخرى في الستوديو الاحتياطي، لكننا عالجنا الأمر في المونتاج وأجرينا التحسينات الصوتية وسارت الأمور على نحو طيب، وهذا يؤكد مهنية قناة الفرقان وأن لديها تقنيات حديثة وجيدة جداً.
تحقيق الحلم
القارئ الحاج عامر الكاظمي تحدث عن هذه الختمة والفرحة تملأ وجهه فقال: كانت أمنيتي أن أختم القرآن مجوَّداً ومرتَّلاً بالطريقة العراقية، هذه الختمة بالنسبة لي حلمٌ تحقق، الله (سبحانه وتعالى) هيأ لي أخاً ساعدني في ذلك، هو الأستاذ عامر ذنون، الذي يعد من كبار القرّاء والمحققين في هذا الجانب، وقد اتفقنا على اختيار قناة الفرقان، والحمد لله جرى التسجيل على نحوٍ مرضٍ للجميع، وكانت ختمة منسّقة ومرتّبة وكان هناك تدقيق وتمحيص عاليان جداً، وها هي الختمة المجوَّدة تُبث من أثير قناة الفرقان بقراءة عراقية، أنغامها تدخل القلب بدون استئذان. لا يفوتني أن اقدم جزيل شكري وامتناني للعاملين في هذه القناة كافة ابتداءً من مديرها حتى أبسط العاملين فيها، سائلاً الله (عزّ وجلّ) أن يوفقهم في عملهم جميعاً، دائماً ما أعزو نجاحاتي هذه إلى دعاء والدتي إذ كانت تدعو لي وأنا طفل بأن أكون قارئاً للقرآن، وها أنا ذا حققت لها تلك الأمنية بمساعدتكم جميعاً.
وعن الجمهور العربي للمدرسة العراقية في قراءة القرآن وتجويده قال الحاج الكاظمي : قبل بضع سنوات وفقني الله أن أكون رئيس وفد قرآني إلى جمهورية مصر العربية، وكنا مسؤولين عن حفظ 20 جزءاً من القرآن الكريم، قرأت قراءة فخرية دامت نحو 12 دقيقة بالأداء العراقي، وكان هناك حكام من سورية والأردن ولبنان وغيرها من الدول العربية والإسلامية، حينها جاء إلي رجل معمّم قدم نفسه لي بأنه من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية المصرية، وقال “ياحاج أنا لم أسمع هذه القراءة من قبل، وبصراحة فإن القلب يخشع لها،” ثم استرسل بالكلام وقال: “أين القراء العراقيون من هذا النغم الجميل والمميز؟” وطلب مني أن أرافقه في جولة إلى مساجد القاهرة ليتعرف قراؤها على النغم العراقي من خلال قراءتي له، وكان لي الشرف بذلك. أنا من منبركم هذا أدعو جمعية القراء العراقيين والأوقاف وجميع المعنين بالأمور الإسلامية في العراق أن يروّجوا للطريقة العراقية في تجويد القرآن.
هوية عراقية
الأستاذ طه غريب، قارئ المقام المشهور وخبير الأنغام، كان له رأي في هذه الختمة المجوَّدة إذ قال: نحن اليوم بحاجة إلى إحياء الطريقة العراقية في قراءة القرآن الكريم لأسباب عدة، منها أن هذه الأنغام العراقية تشكل جزءاً كبيراً من الهوية العراقية، ومن هذا التراث الذي تمتد جذوره إلى أقدم الحضارات الإنسانية في العراق، التلاوات غير العراقية انتشرت في الآونة الأخيرة انتشاراً كبيراً ولا نريد أن نقلل من قيمتها، لكن التراث العراقي أولى بأن يتصدر المشهد القرائي، الطريقة البغدادية طريقة صعبة للغاية، لأن قارئ القرآن يجب أن تكون لديه معرفة بالأنغام والمقامات العراقية، وهذا علمٌ قائم بذاته.
أما عن الحاج عامر الكاظمي، فقد حاول أن يدخل إلى هذا المضمار بقوة وتمكن من ذلك، لأنه أبدع في أداء الأنغام العراقية ووظفها على نحو ممتاز في تلاوة القرآن الكريم، وأجاد في تصوير الآيات القرآنية بأنغام عراقية، مُتّبعاً في ذلك نهج الحافظ خليل اسماعيل والحافظ صلاح الدين، وهذه الختمة مشروع كبير لا تستطيع الاضطلاع به إلا المؤسسات الكبيرة، لأن تجويد القرآن الكريم يحتاج إلى تدقيق بالأحكام ومخارج الحروف، ناهيك عن الأنغام، ففي المقامات العراقية لدينا أصول يجب الالتزام بها وهذه مهمة صعبة أداها الحاج عامر لأنه ملتزم بالأحكام والمدود والتوقفات، وملتزم بالأنغام أيضاً، وهذه مسألة شاقة يتهرب منها القراء لصعوبتها، أسأل الله أن يبارك لكم في رمضان، وكل التوفيق للقارئ وللزملاء في شبكة الإعلام العراقي على جهودهم الطيبة في إحياء تراثنا الديني الأصيل.