المخرج السينمائي: سعد العصامي أستعد لعمل روائي كبير

1٬138

رجاء الشجيري /

مخرج شاب.. أخذ على عاتقه مسؤولية بث الحياة من جديد في صناعة السينما العراقية بكل ما أوتي من إصرار وإبداع وتميز، عبر أفلام عدة آخرها فيلمه “الشيخ نويل” الذي مثلت عربته الملونة صفعة بوجه إرهاب شرس حاول سلب الحياة منا.. إنه المخرج “سعد العصامي” الذي التقته “الشبكة” بين أروقة مهرجان النهج السينمائي فكان هذا الحوار…

صناعة الأفلام

*ما الذي يميز الفيلم القصير عن الروائي الطويل في إخراجه و إدارته و أيهما أصعب؟

-هو سؤال مهم، حيث أن الفيلم القصير ليس الوقت هو كل ما يميزه فقط عن الفيلم الطويل، بل أن كل شيء فيه مختلف من حيث السيناريو والميزانية الإنتاجية ومعدات التصوير والممثلين, ويمكن لنا أن نشبّه الفيلم القصير بالقصة القصيرة في الأدب وما لها من خصوصية و اختلافات عن الرواية الطويلة.

وينبغي هنا الإشارة إلى أن تأريخ السينما بدأ بالأفلام القصيرة منذ “الإخوة لومير” وفيلمهم الشهير “وصول قطار في محطة لا سيوتا” و استمر الى وقتنا الحاضر، حيث أن الكثير من المخرجين الشباب و الهواة يصنعون الفيلم القصير للتعريف بطاقاتهم و إبداعهم في مجال الفن السينمائي.

بصمة ومهرجانات

*ما بين أفلامك ( الفرصة وبائعة البخور والشيخ نويل ) بصمتك واضحة فيها من تفرد ورؤيا حدثنا عن أسلوبك في تقديمها؟ وما المهرجانات التي شاركت فيها؟

-بالبداية أود الى أن أشير إلى أن هذه الأفلام هي من إنتاج مجموعة قنوات كربلاء الفضائية والتي لها الفضل الكبير على مسيرة سعد العصامي، حيث أن أي مخرج عندما يحصل على جهة إنتاجية تلبي طموحه فإنه سيقدم الأفضل في أعماله, في فيلم الفرصة من إنتاج عام 2015 وهو من بطولة الفنان الراحل عبد الجبار الشرقاوي والفنان إياد الطائي إضافة إلى نخبة من نجوم الفن العراقي، الفيلم عن قصة حقيقية حصلت في الانتفاضة الشعبانية أردت تقديمها للجمهور العراقي والعربي لكي يطلع الجميع على معاناة الشعب العراقي إبان تلك الفترة، شارك الفيلم في العديد من المهرجانات السينمائية حول العالم و حصد جوائز عدة منها جائزة أفضل فيلم عراقي في مهرجان بابل السينمائي 2016 كم حصد جائزة أفضل إنتاج في عام 2017.

أما فيلم “بائعة البخور” وهو من إنتاج عام 2016 فقد كان الموضوع مختلفاً بعض الشيء لأني وقفت أمام نص جيد كتبه الفنان العراقي ماجد دردندش وهو مأخوذ عن أحداث قصة حقيقية عن زهراء (بيسان الشواك) وهي يتيمة الاب والأم و تعيش مع جدتها المريضة (حياة الشواك) وأخيها الصغير أحمد (سيف علاء).. إن 70% من مشاهد الفيلم صورت في أحد التقاطعات المرورية حيث كانت زهراء تعمل مع مجموعة من الأطفال, مشاهد الشارع كان تصويرها أصعب شيء لأنه كيف لك أن تتحكم بمجموعة من الأطفال للعمل كباعة متجولين في شارع مزدحم. لكن الحمد لله أستطعت مع فريق عملي الرائعين من الخروج بنتائج جيدة في هذا الفيلم.

“بائعة البخور” كان هو الأكثر حظاً في المشاركة في المهرجانات السينمائية حيث عرض في أكثر من ثلاثين مهرجاناً سينمائياً حول العالم منها ( المغرب – كندا – أمريكا – فرنسا – ألمانيا – الهند – إيران – سوريا – لبنان – ايطاليا – الارجنتين).

فيلم “الشيخ نويل”، إنتاج عام 2017، ولقد كتب السيناريو السيناريست المتألق ولاء المانع والذي عملنا معاً لأكثر من عام على سيناريو الفيلم. قصة الفيلم تروي أحداث الشيخ عمر عبدالرحمن (الفنان صاحب شاكر) والذي يعيش مع حفيده (عبد الله الغريب) في مناطق حررت مؤخراً من داعش، وعلى مقربة منهم يقع مخيم للنازحين تربط أطفال المخيم والذين هم من الديانة المسيحية علاقة صداقة بالحفيد. وفي أعياد ولادة السيد المسيح يحاول الشيخ عمر إدخال الفرحة على قلب حفيده و أصدقائه فيقوم بمغامرته الأخيرة.

وهو حالياً مستمر بمسيرته المهرجانية حيث عرض الفيلم في مهرجان كالكوتا في الهند ووصل الى المراحل النهائية من اختيارات (جائزة الإنجاز المتميز) كما عرض الفيلم في أهم مهرجان لسينما الشباب والأطفال في فرنساFESTIMA .

ومن مشاركاته المهمة أيضا اختياره في المسابقة الرسمية لمهرجان مالمو للفيلم العربي في السويد وأيضا في المسابقة الرسمية لمهرجان الفيلم العربي و المنعقد في هولندا روتردام, إضافة إلى مشاركته المهمة في مهرجان SCHLINGEL لدورته 22 والتي ستنعقد في ألمانيا والذي يعتبر من أهم مهرجانات العالم في تخصصه.

رسالة محبة بين الأديان

*فيما كتبه الناقد السينمائي علي الياسري عن الشيخ نويل” أن الشيخ نويل ليس مجرد فيلم قصير بل هو طاقة نور ملونة مثلتها عربته والأطفال في وجه ظلمة الإرهاب وهو حجر زاوية الفيلم ما رأيك بذلك؟

-نعم أتفق مع الناقد السينمائي الأستاذ علي الياسري حول ما تفضل به، و هذا هو ما يميز أي فيلم سينمائي أن هناك فعلاً سيقوم به البطل عاجلاً أم آجلاً, في فيلم الشيخ نويل فأن الشيخ عمر عبد الرحمن سيقدم رسالة مهمة حول التعايش السلمي بين الأديان، و لهذا فأن عربة الشيخ نويل تمثل البلد الذي نعيشه والإرهاب بكل أنواعه يحاول حرق هذه العربة و تدميرها.

*حدثنا عن كواليس فيلم الشيخ نويل وما رافقتك من مواقف ومصاعب؟

– الشيخ نويل كان الفيلم الأقل صعوبة في التصوير، لكنه لا يخلو من مواقف لطيفة ومضحكة ومن هذه المواقف في أحد أيام التصوير الباردة وصلت لموقع التصوير فلاحظت عدم وجود أي أحد من فريق العمل، فأتصلت بمدير الإنتاج الذي رد علي وقال أنهم خرجوا جميعاً للبحث عن الحمار الذي يسحب العربة لأنه هرب منذ الصباح الباكر! وبعد محاولات كثيرة رجع فريق العمل دون جدوى, اتفقنا على أن يأخذ فريق الإنتاج صورة الحمار ويذهب إلى سوق لبيع المواشي في أطراف المدينة و بعد عدة ساعات استطاعوا الحصول على حمار مشابه للذي كان مستخدماً في التصوير وأكملنا التصوير, وهنا بدأت المشكلة الحقيقية وهي كيف يمكن إقناع أصحاب الحمار الأصلي أنه قد ضاع وهو الذي كان يعيل عدة عوائل, و بعد عناء طويل استطاع مدير الإنتاج إقناعهم و تعويض أصحاب الحمار و دفع ثمنه..

ابن الشاعر محمد الغريب

*كنت تذكر دوماً أنك لن تجلب أطفالاً في أفلامك في المرة القادمة ثم تفاجئنا ببطولة لأطفال مميزين مالذي يجعلك تعود لهم وكأبطال تحديداً؟ومن هو بطلك في الشيخ نويل؟

– صحيح أني قلت هذا الكلام عند تصوير بائعة البخور، لما عانيته من صعوبة في إدارة حركة الأطفال في الشارع, لكن الموضوع أختلف تماماً، حيث أني كنت قد شاهدت الطفل الموهوب عبد الله الغريب وهو ابن الشاعر الراحل “محمد الغريب” عند تصوير فيلم بائعة البخور ولقد بقت صورته في بالي، وعند اختيار الممثلين في الشيخ نويل كان هو من يستحق الدور لما يمتلكه من كاريزما و قدرة تمثيل رائعة و إقناع أمام الكاميرا وهذا هو كان رأي كل من شاهد الفيلم، لذلك كان بطل الفيلم مع الفنان القدير صاحب شاكر.

*ما هو جديدكم من أفلام قادمة، وهل ستشاركون هذا العام في مهرجان النهج السينمائي في كربلاء؟

-أنا حالياً أكتب و أطور سيناريو فيلمي الروائي الطويل الأول مع السيناريست ولاء المانع، إضافة إلى الاستعداد لتصوير فيلمين جديدين لعام 2018, أما بالنسبة لمهرجان النهج فأنا أعتبره مهرجاني ولهذا فحضوري به هو شيء واجب علي ولي الشرف بالمشاركة به دوماً.

*هل أنت متفائل لمستقبل أن تكون لنا سينما كما نريد؟

-المخرج النشيط هو الذي لا يجلس مكتوف اليدين، بل يتحرك ويبحث عن منح إنتاجية من الخارج لتمويل فيلمه بدل الجلوس وانتظار أن تمول فيلمه وزارة الثقافة, وفي ظل هذه الظروف فلا أعتقد أنه ستكون لنا سينما كما نريد لكن الأمل موجود دائماً.