حسين نعمة.. يحلّق في سماء الأغنية بأجنحة “الشبكة”
أحمد سميسم _ عدسة: حسين طالب /
رافقت “مجلة الشبكة ” كادر قناة العراقية المتوجّه الى محافظة ذي قار لتصوير أغنيتين جديدتين للفنان الكبير حسين نعمة من إنتاج شبكة الإعلام كخطوة مهمة لدعم الفنانين الرواد الذين يمتلكون خزيناً من الإبداع الفني الزاخر على مدى عقود من الزمن ولتدور عجلة الفن الأصيل الرصين من جديد.
الأغنيتان الرائعتان لطائر الجنوب جعلتاه، حسب قوله، يحلق مجدداً في سماء الفن بعذوبة صوته الشجيّ وطلّته المحبوبة للجمهور العراقي بشكل عام ولجماهير ذي قار بشكل خاص، الذين تجمهروا في الشوارع والأزقة خلال مراحل التصوير محيين الفنان حسين نعمة ومبدين إعجابهم الكبير به، لاسيما كبار السن منهم الذين رافقوه أينما حل، بعد ان كان مبتعداً عن الساحة الفنية لأشهر مضت.
أماكن التصوير
الأغنيتان تم تصويرهما في أماكن متعددة من محافظة ذي قار، تلك البيئة الجملية المترعة بالطبيعة الخلابة والمناظر الجميلة الساحرة رغم بساطتها كالأهوار، وزقورة أور الأثرية، وشارع الحبوبي، والمقاهي القديمة التراثية، والبساتين ، وبعض الكازينوهات والفنادق المرموقة المنتشرة في ضواحي المدينة، فيما ارتأى مخرج العمل عدنان هادي أن تصور بعض لقطات الأغاني في بيت الفنان حسين نعمة، وبالتحديد في (مرسمه) الخاص الذي يزاول فيه هواية الرسم. وفعلاً تم ذلك ما أضفى لمسة فنية جميلة على طريقة الإخراج. الأغنية الأولى التي تم تصويرها حملت اسم (العذال) من كلمات الشاعر الكبير كريم العراقي وألحان علي سرحان، والأغنية الثانية هي (نفس الشعور) كتبها الشاعر الكبير الراحل كاظم إسماعيل الكاطع ولحنها الملحن الكبير الراحل طالب القره غولي، والأغنيتان كانتا من إخراج عدنان هادي.
شكراً للشبكة ولرئيسها
استقبلنا الفنان حسين نعمة بحفاوة وظهرت ملامح الفرح والغبطة تملأ وجهه عند رؤيتنا وكأنه “يوم ميلاده”، على حده قوله..
– سألناه عن أجواء التصوير وانطباعه عن العمل وما رافقه من قضايا عديدة، لاسيما بعد فترة انقطاعه عن الفن.
فأجاب: في البدء أقدم شكري العميق لكادر قناة العراقية ولمجلة “الشبكة” على تحملهم عناء السفر ومجيئهم لمحافظة ذي قار، وللسيد
رئيس شبكة الإعلام العراقي الصديق مجاهد ابو الهيل الذي أعاد لي ومضة الأمل وكأني في بداياتي الفنية التي أصفها “بيوم ميلادي”، وهي التفاتة مهمة لإعادة الحياة للفنانين الرواد جيل حقبة السبعينات كالفنان ياس خضر والفنان فاضل عواد وآخرين، وايضا الشكر موصول للمخرج عدنان هادي الذي اتصل بي وأبلغني بتفاصيل العمل بعد أن تمت موافقة شبكة الإعلام العراقي على إنتاج الأغاني .
إعادة الحياة
بحوزتي ثمانى أغانٍ مؤرشفة جميعها مسجلة منذ سنوات، فكرت في إعادة الحياة لهذه الأغاني من خلال تصويرها لترى النور من جديد، لذا اخترت أغنيتين من تلك الأغاني، الأولى أغنية (العذال) التي قمت بتصويرها سابقاً لكنها ظُلمت ولم تأخذ استحقاقها بسبب تلف او إلغاء نسخة الأغنية المصورة الأصلية، والأغنية الثانية (نفس الشعور)، التي لم تصور من قبل، وهي أغنية طربية رومانسية تختلف عن إيقاع الأغنية الأولى، ولله الحمد أمنيتي تحققت في إكمال تصوير هاتين الأغنيتين اللتين أخرجتا بطريقة حديثة بجهود المخرج المثابر عدنان هادي الذي بذل كل الإمكانات المتاحة وغير المتاحة وبأفقه الواسع من أجل نجاح العمل لتعرضا أخيرا في قناتنا العراقية الفضائية إن شاء الله لتنالا استحسان المشاهدين.
سأعتزل
– بعد هاتين الأغنيتين هل هناك شيء يلوح في الأفق ستقبل علية ام ستكتفي بهذا القدر؟
* ربما ستفاجأ ويفاجأ القارئ أيضا إن قلت لك إن لدي مؤشراً ينبئني بأني سأعتزل بعد هاتين الأغنيتين الرائعتين! لأسباب كثيرة منها أني بدأت أشعر بأني أستجدي، وانا كرامتي فوق كل اعتبار ومللت الشكوى، وحال الفنان العراقي المزري، لاسيما الرواد منهم الذين قدموا الإبداع على مدى عقود من زمن، بالمقابل لم يوفوا حقهم، أنا أمامك الفنان حسين نعمة لدي خدمة فنية 46 سنة وحاصل على شهادة الدبلوم في التعليم وراتبي 400 الف دينار، هل يعقل هذا؟ وهل يكفي هذا المبلغ لسد الاحتياجات اليومية، لذلك من المعيب على الحكومة ان تمنح الفنان “فتاتاً” ولا تكترث لأمره.
– ما قصة الأغنية الوطنية التي كتبتها وسجلتها ولم ترَ النور؟
* نعم، كنت قد كتبت أغنية وطنية عن حادثة جريمة (سبايكر) وقمت بإرسالها الى عدد من القنوات الفضائية لغرض بثها، لكن الغريب في الأمر لم تستجب تلك القنوات لبث الأغنية، وما يثير الشك والريبة هو أن إحدى القنوات، لا أريد ان أذكر اسمها، وضعت شرطاً لبث الأغنية بأن أمحو مفردة “الحشد” من النص الغنائي لكنني رفضت ذلك! واقولها وبكل صراحة لولا الحشد لما كنا آمنين في منازلنا.
مبادرة
كما كان لمخرج العمل عدنان هادي دور بارز في إبراز الوجه المشرق لبيئة محافظة ذي قار من خلال توظيف الأمكنة التراثية والسياحية في الأغنيتين.
المخرج هادي الذي له باع طويل في إخراج الأغاني لأغلب الفنانين العراقيين ابتداء من جيل السبعينات وحتى الثمانينات وايضا تجربته العربية لاسيما مع الفنان عبد الله رويشد، والفنانة سميرة سعيد وآخرين .
عن عمله مع شبكة الإعلام العراقي وتجربته مع الفنان حسين نعمة يقول: كانت مباردة طيبة من شبكة الإعلام العراقي ورئيسها مجاهد أبو الهيل لاهتمامه بالفنانين الرواد من خلال الاجتماعات الاخيرة التي حصلت في أروقة الشبكة والتي من شأنها إعادة الحياة والنشاط لهؤلاء الفنانين المبدعين من خلال إنتاج أعمالهم الفنية القديمة والحديثة، وعلى هذا الأساس تم الاتفاق معي على إخراج أغنيتين للفنان حسين نعمة، وكنت قبلها قد أخرجت للفنان حميد منصور أغنية اسمها (أجيال) وعرضت على شاشة قناة العراقية، أما تجربتي مع الفنان حسين نعمة في أغنيتين اخترت أن أخرجهما في محافظة ذي قار، تلك البيئة الجميلة، فوجدته مرحباً بالفكرة. عملت كشفاً للمواقع التي يتم التصوير فيها فوجدتها غاية في الجمال، وتم التصوير ليلاً ونهاراً واستغرقت في تصويرهما خمسة أيام في عدة مواقع، واعتمدت في الإخراج كاميرا واحدة فقط وكأنه عمل سينمائي، لكن عند عملية التقطيع والمونتاج تظهر للمشاهد كما لو كان التصوير من عدة كاميرات، وهنا تكمن حرفنة المخرج، وأظهرت حسين نعمة في الفيديو كليب كأنه سائح في مدينة الناصرية يتجول فيها من مكان الى مكان لأني دائماً استخدم عنصر التغريب في مجمل الأغاني، اي أجعل كل شيء مألوف في الحياة يبدو غريباً للمشاهد لكي يستمتع.
مدير الإنتاج في شبكة الإعلام العراقي خليل أسعد الذي كان منهمكاً بعمله في مواقع التصوير نجده متنقلاً بين الحين والآخر يتفقد سير العمل مع المخرج ومدير التصوير، فيعطي التوجيه والإرشاد بكل أمانة وإخلاص وحرص ودقة رغم المشقّة، ولاتخفى عنه أية شاردة وواردة، كما يقول، ذلك هو المنتج الحقيقي الذي يحول فكرة ما الى عمل فني متكامل بكادره وبخصائصه الفنية.
كذلك كان الحال لمدير التصوير رياض غني الذي كان سعيداً بعمله، على حد قوله، رغم ما يصاحب عمله من عناء لأنه يتلاءم مع كل الظروف المحيطة به في مواقع التصوير فنراه تارة يستلقي على الأرض مسترخياً بجسمه سواء في منطقة الأهوار او في زقورة أور والبساتين من أجل الوصول الى لقطة جميلة متكاملة تخلو من الأخطاء التصويرية.