فنانون: أسبابُه ارتباط الفن والثقافة بالمؤسسات الحكومية

760

أحمد سميسم /

لا يُلام هذا الفنان الشاب أو ذاك في الكلام على نجوميته، فهو يعتبر أن مجرد الشهرة هي النجومية، كما لا تلام تلك الفنانة المخضرمة أو هذه في الكلام أيضاً على نجوميتها، فهي ترى أن مجرد سنوات في العمل هي النجومية. لكن إذا كانت النجومية هي الشهرة أو سنوات العمل، فماذا عن المستوى الفنّي؟
وإذا كانت النجومية هي الشهرة والمستوى وسنوات العمل معاً، فماذا عن الفنانين الذين لم يحظوا بالشهرة العارمة على رغم أن مستواهم الفني أعمق من مستوى النجوم؟ وثمة تساؤلات من قبيل: هل يمتلك الفنان العراقي في مجال (التمثيل) مواصفات النجم الحقيقي كما هو سائد في الدول العربية؟ وما المعايير التي تحدد نجومية الفنان من عدمه؟
«مجلة الشبكة” طرحت كل تلك التساؤلات على طاولة النقاش مع عدد من الفنانين العراقيين الذين أدلوا بدلوهم متحدثين بشكل صريح عن مجريات هذا الموضوع.
الفنان مقداد عبد الرضا أوضح بأن العراق لا يمتلك مواصفات النجومية (للفنان) طالما بقيت الفنون والثقافة والأدب مرتبطة بالحكومة، إذ أن النجومية تصنع من خلال المؤسسات الخاصة التي تعنى بهذه القضية وتسلط الأضواء على الفنان وتدعمه من جميع النواحي. الفنان في العراق تراه يركض وراء لقمة عيشه ويدور هنا وهناك من أجل تأمين وضعه الاقتصادي، فبعضهم لا يمتلك ثمن المواصلات فمن أين تأتي النجومية إذن؟! وسط هذه الأجواء المزرية التي يعيشها الفنان.
فيما أشار الفنان كاظم القريشي الى أن معيار النجم الحقيقي هو (شباك التذاكر) الذي يحدد نجومية الفنان وأهميته في الشارع. مضيفاً: أجزم أنه لا يوجد في العراق نجم فني بل فنان معروف، لأن النجم يحتاج الى صناعة فنية ومؤسسات تدعم الفنان، وحتى إن وجد ذلك النجم فإن هناك مؤسسات قد تحاربه وتكسر معنوياته لأننا، وبكل صراحة، نعيش في بيئة طاردة للإبداع وليست مستقبلة للموهبة او المنتج، لذا فمتى ما توفرت المؤسسات الخاصة الحقيقية الفنية التي تتبنى صناعة النجوم، كما هو معروف في الدول العربية، سيكون لدينا نجوم بالمقاييس العربية، وربما الأوروبية أيضاً.
في حين أعرب الفنان حكيم جاسم عن أسفه الكبير لغياب القطاع الخاص والشركات الإنتاجية الفنية الخاصة اللذين من شأنهما دعم وصناعة الفنان والعملية الفنية بشكل كامل، مؤكداً على أن النجومية تصنع من خلال السينما التي لها أهميتها ووقعها الكبيران على الفنان والانطلاقة الأولى نحو النجومية، العراق الآن لا يمتلك صالات لعروض السينما وهذا أمر مؤسف حقاً في خارطة الفن العراقي .
علينا أن نؤسس لعملية فنية صحيحة ابتداءً من الإنتاج الى أبسط التفاصيل لكي نجاري على الأقل الدراما الفنية العربية لأننا نمتلك تلك المقومات التي تجعل الفن العراقي (رقم واحد) بين الدول العربية لكننا نفتقر الى كثير من العناصر التي تبطئ من انتشار الفن أولها عملية التسويق الفني.
من جهتها، قالت الفنانة الدكتورة شذى سالم: يفتقد العراق مسألة (صناعة النجم)، نحن لا نمتلِك مع الأسف هذه الفعالية في كيف نصنع أناساً نجوماً، نحن صنعنا أنفسنا بأنفسنا، نحن كفنانين وكممثلين من خلال أعمالنا ومن خلال التجربة، حتّى من خلال مُشاركاتنا الخارجية، نحن صنعنا ذلك، لكن كصناعة نجوم والعناية بهم، مع الأسف لا توجد مثلاً أشياء كهذه والدليل على ذلك أنّ عندنا مواهب شبابية فنية كبيرة لكن ليس هناك من يرعاها بالشكل المطلوب.
فيما أكد الفنان فلاح ابراهيم على عدم وجود ممثل نجم سوى في الغناء، وقال: نعم ليس لدينا نجوم في العراق، إذ ليست لدينا مؤسسة إعلامية متطورة لصناعة نجوم وليس لدينا انتاج يقدم الفنان العراقي بشكل لائق، عندنا نجوم فقط من المطربين، لأنهم اشتغلوا على أنفسهم والهالة الإعلامية التي جعلت منهم نجوماً ليست عراقية، أعتقد أن الخلل ليس في الفنان العراقي بل في الإعلام العراقي والإنتاج، فالإنتاج هزيل والأعمال كل ما مطلوب منها أن تنتج بأقل مبلغ ممكن، والممثل الجيد هو الممثل الحافظ، والمخرج الجيد هو الذي يصور 40 مشهداً في اليوم، لذلك هذه الأفكار لا تخلق نجوماً، أيضاً هناك سبب آخر لعدم وجود نجومية في العراق، فالسينما غير موجودة، النجم على مستوى التمثيل تصنعه السينما ولا توجد سينما في العراق ولايمكن أن تكون هناك سينما في العراق بسبب عدم وجود دار عرض سينمائية واحدة في العراق، ولا يوجد مشاهد يعرف ما السينما، جيل كامل لم يدخل سينما، فكيف يمكن أن يصنع النجم، التلفزيون لا يصنع نجماً، النجوم العرب كلهم خلقتهم السينما، وطالما لا توجد سينما في العراق فهذا يعني أنه لا يوجد نجم.