5 نوفمبر / تشر ين الثاني موعداً لتفجير البرلمان ..!

171

محمد موسى /

فيلم V for Vendetta او (v رمزا للثائر) الذي انتج عام 2005 وصدر العام 2006 ، اصبح ومنذ اطلاقه واحداً من اهم افلام الثورات ضد الظلم او ما يعرف بافلام الديستوبيا (عالم الواقع المرير) ، وقد يكون السؤال الاول الذي يتبادر للذهن لماذا (v) ! حسنا انه الرقم 5 في سلسلة الارقام الرومانية وبهذا التاريخ اي 5 نوفمبر من العام 1605 وفي عهد الملك جيمس الاول ملك بريطانيا حاول رجل يدعى (جاي فوكس) تفجير مبنى البرلمان، وسميت هذه العملية بـ (عملية البارود).
V for Vendetta
صحيح ان العملية قد فشلت، لكن الفكرة ظلت ماثلة امام كاتبتي السيناريو الاختين (لانا وليلي تشاوسكي) والمأخوذة اصلاً عن قصة مصورة صدرت بنفس الاسم للكاتب (آلان مور)، لينقل السيناريو العبقري للعام 2038 حيث بريطانيا دولة شمولية دكتاتورية بقيادة حزب يميني متطرف يحكم الناس بالدين الزائف والديمقراطية المغلفة بالمكر وقهرالانسان، وهنا مربط الفرس، انه الخوف، اهم عامل تركز عليه السلطة، وعلى الجميع ان “يخاف” وان يخاف من كل شيء، وبهذا ستتحقق السلطة الكاملة على ارادة اي شعب.
بداية “v”
في معتقل (لارك هيل)، حيث يتم اعتقال كل من يمثل تهديدا للنظام من مسلمين ومهاجرين واصحاب الرأي الحر ، في هذا المكان كانت تجرى تجارب بايولوجية على المعتقلين لصنع فايروس قاتل يمكن ان يحقق طموحات سياسية واقتصادية للسلطة ، كان من ضمن الضحايا هو (v) المقنع (اناركي) (اللاسلطوي) الذي يلعب دوره ببراعة (هوغو وينفك) صاحب الكارزما والمقنع الفيلسوف الناجي من تجارب الفايروسات اثر حريق كبير يقع في موقع التجارب، الذي شوهه بالكامل، لكنه صنع منه ليس مجرد رجل، انه فكرة والافكار لا تموت ولا تقبل المساومة وليس للرصاص ان يميتها. كان لابد للمقنع من ان ينتقم من نظام فاشل وقاس واول الخطوات كانت درايته بأن الخوف هو الذي يجعل المجتمعات تخضع، لذا وضع ستراتيجية انهاء الخوف عند من الجماهير، ولكي نكون بالصورة بشكل مباشر يلتقي بالشابة (ايفي) التي تلعب دورها الجميلة (ناتالي بورتمان)، يلتقيها في ليلة حظر تجوال حين تقبض عليها مجموعة من الشرطة السرية لكسرها الحظر، واوشكوا على اغتصابها لولا ان ظهر المقنع الذي يقتلهم بحركات قتالية اسيوية .. وهنا يطلب منها الانضمام له لمشاهدة عرض موسيقي ومسرحي هائل فتتعجب من هذه الدعوة وتتهمه بالجنون ويوافقها الرأي ولكن عليها ان تجرب فقط المشاهدة، وماهي الا دقائق حتى تبدأ مقطوعة “جايكوفسكي” تصدح في ارجاء مدينة لندن، تتعجب من مصدر الموسيقى لكنه يخبرها ان العرض لم يبدا بعد ، وهم على سطح احدى البنايات وامامهم قصر العدالة او المحكمة المركزية والتي يعلوها تمثال سيدة تحمل ميزان العدالة والسيف، هنا يبدا العرض بتفجير المبنى وانهيار قصر العدالة الزائف، لكن مع الانفجار تنطلق الالعاب النارية كانه يوم احتفالي .. يسألها المقنع في اي يوم هم فتقول له انه الرابع من نوفمبر ، فيقول على العالم الا ينسى يوم الخامس من نوفمبر يوم ثورة البارود، في تذكير للعام 1605 الذي اشرنا اليه سابقا .
المواطنه ” ايفي”
لقد اخبرها المقنع انه لايلتقي باي شخص صدفة فهو لا يؤمن بالصدف فحتى اسمها فيه الحرف “v” وهذا ليس من قبيل المصادفة. وبالعودة للشابه فهي تعمل في شبكة التلفزيون البريطانية وتخفي تاريخا دمويا بشأن والديها وشقيقها الذين اعدموا على يد النظام لانهم اصحاب راي حر وهذا كفيل ان يدخلوا معتقلات الموت لتنجو هي باعجوبه لصغر سنها وقت اعتقال اهلها، تنغمس ايفي في الحياة العامة دون ان يكون لها موقف من السلطة بل هي اقرب للتأييد وهذا يشير الى ان السلطة تستطيع ان تبرر افعالها وتقنع اقرب الناس للضحايا بعدالة العقوبة . واثناء تواجدها في مبنى التلفزيون يقوم المقنع بمهاجمة المبنى ويبث خطابا تحريضيا ضد السلطة، واثناء الاشتباك مع الحرس عند المغادرة تقع ايفي في وسط المعركة فتنحاز بشكل لاشعوري للمقنع ما يجعلها ضمن قائمة الارهابيين المطلوبين ، فلا يجد المقنع بدا الا ان يحملها معه الى بيته .. حين تصحو من النوم تجد نفسها وسط متحف لنوادر الاشياء ومكتبة كبيرة، انه بيت المقنع او مكتبة الفلسفة الخاصة به وهذا ما يفسر ان على الثائر ان يكون مثقفا والا ما هو الا احمق .
5 أجهزة
بالعودة للرقم خمسة سنجد ان للسلطة 5 اجهزة رئسية تسيطر بها وهي :
1- جهاز “الأنامل ” او قسم الأكياس السوداء وهم البوليس السري لدولة بريطانيا اليمينية.
2- جهاز “اللسان ” وهو الآلة الاعلامية للسلطة والتي من مهامها تلميع افعال السلطة وتكريس الخوف من معارضتها .
3- “العين ” “الاذن” جهازان مهمتهما التقاط كل كبيرة وصغيرة في المجتمع .. التجسس على الكل وفي كل وقت .
4- جهاز ” الأنف ” وهم سلطة المحققين والمفتشين الذين يوكل اليهم التحقيق في كل القضايا السياسية وغير السياسية .
للحديث عن جهاز الانف الذي يراسه (ستيفن ريا ) في دور فينش الذي يقع على عاتقه القاء القبض على المقنع ، فان فينش شخصية ذكية يمتلك حسا امنيا عاليا وكذلك هو في قرارة نفسه يشعر ان الحكومة متورطة باعمال العنف ونشر الفايروس في المياة ورياض الاطفال لتتسنى لها اشاعة الخوف وجعل الناس لايرون ملجأً من الموت الا بالسلطة، وبالفعل فهم يعاد انتخابهم لانهم يجدون الادوية الخاصة لفايروسهم الذي صنعوه هم .. هذا المحقق يحاول ان يصل الى ابعد مما يطلب منه فيدخل مرحلة الاطلاع على الأسرار فيتم تهديده بشكل علني وامام رؤساء بقية الاجهزة اذا ما خرجت منه كلمة فستكون نهايته الحتمية .. هنا يتأكد لفينش ان الجميع بلا قيمة مهما عظمت مكانتهم في الدولة ، المهم ان يبقى سيادة المستشار (ادم ساتلر) الذي يلعب دوره الرائع (جون هرت) على رئس السلطة
11/5 وقت الأقنعة وإزالة السلطة
منذ تفجير محكمة الدولة او تمثال العدل حدد المقنع يوم الخامس من نوفمبر موعدا لتفجير البرلمان وبهذا تكون للحزب الحاكم مدة عام للقبض على المقنع .. قبل يوم التفجير يرسل المقنع الاف الأقنعة المجانية الى البيت على شكل طرود، ما يشوش على السلطة التمييز بين الحقيقي وغيره ، في الحقيقة اراد السيناريو ان يقدم المواطن كلابس للقناع وهو حقيقي وهو مسؤول وغير خائف ولا تهمه السلطة. هنا فقط تتحقق النظرية بأن الحرية تتناقض مع الخوف .. رغم ان الانفجار قد حدث لكن المواطن كان قد استعاد هيبته لا هيبة الدولة، فلا معنى لبناية البرلمان دون الانسان ولا تمثل صرحا ديمقراطيا دون ان يكون للشعب رأي حر . مهارة المخرج الاسترالي(جيمس ماكتيغ) ظهرت جلية في هذا الفيلم على الرغم من انها التجربة الاخراجية الاولى له بعد ان كان مساعدا للمخرج في افلام كبيرة مثل (ماتركس) و (وحرب النجوم)، لذا نلاحظ ان اسلوب القتال والمعارك قريبة الى حد ما من الفيلمين السابقين اللذين تطغى عليهما صبغة الانسان الخارق الذي يبرع بفنون قتال الشوارع واستخدام السكاكين. انه الولع بالاسلوب الاسيوي في ادارة الشخصيات المرنة ذات الطابع البطولي .