بوريات الدليفري !

692

خضير الحميري/

سبق لي قبل عامين أن امتدحتُ ظاهرة توصيل البضائع إلى طالبيها، المعروفة شعبيا بـ (الدليفري)، كانت المناسبة خبر إدراج مهنة التسوق الإلكتروني ضمن التوصيف الوظيفي الذي تعتمده وزارة العمل ودوائرها، وما زلت أنظر إلى هذه المهنة بإيجابية، كونها توسع من سوق العمل وتفتح آفاقاً جديدة للترويج والتسويق وتقليص حجم البطالة. لكني هنا أتحدث عن (بوريين دليفريين معتبرين) تعرضتُ لهما شخصياً، وكنت سأبتلع المقلب وأظل ساكتاً لولا نداءات الاستغاثة التي سمعتها من أصدقاء آخرين تعرضوا إلى مقالب (دليفرية) مشابهة، وبعضهم عرض فديوهات عن الخداع (الدليفري) الذي تعرض له، ولاسيما في مجال العلاج الطبي السحري!
البوري الأول: كانت العائلة قد طلبت مني تجديد الموجود لدينا من مناشف و(خاوليات)، وصادف بعد أيام أن شاهدت إعلاناً (وكأن الموبايل يتجسس على رغباتنا) عن عروض توصيل مناشف و(خاوليات) بسعر 35 ألف دينار(5 خاوليات و3 مناشف)، وقد طُويت في الإعلان بعضها فوق بعض بشكل أنيق وبارتفاع يصل تقريباً إلى 80 سنتمتراً.. والكاميرا تستعرض البضاعة بفخامة، والمعلق يحلف أغلظ الأيمان عن جودة البضاعة ومحدودية المعروض، مع هدية حقيبة تحمل (الخاوليات) والمناشف.. يا رخص الرخص..
حين وصل صاحب الدراجة وسلمني الحقيبة (المصفوطة)، سألته متعجباً: ولكن أين (الخاوليات) والمناشف، قال: داخل الحقيبة، وعندما فتحتها بحضوره وجدت (خاوليات) أثخن قليلاً من ورقة الكلينكس.. ولا يزيد ارتفاعها مجتمعة عن 20 سنتمتراً، سلمته المبلغ وأنا أتحسس وقع البوري على رأسي ..
أما البوري الثاني فحصل حين شاهدت إعلاناً مغرياً عن أحذية رياضية، وما كان أحوجني إلى حذاء رياضي لطيف، خفيف، يساعدني على مواصلة هواية المشي، جاء الطلب هذه المرة عن طريق سيارة (تاكسي) مليئة بالأحذية، وكنت أنا قد هيأت صورة الحذاء الذي طلبته في الموبايل، فمثلي لا يُلدغ من (الدليفري) مرتين، وقلت له وأنا أفتح الموبايل: هذا الحذاء الذي طلبته، فسحب أحد الأحذية إلى جواره ومرره لي.. استغربت من رداءة البضاعة، الشكل ذات الشكل، لكن المضمون عبارة عن (جواريب) ثخينة.. لا أمزح إطلاقاً.. حين ارتديته ومشيت في الشارع كان أسفل قدمي يتحسس كل حجر أو حصاة أو ذرة رمل أمر عليها..
وكأني أرقص .. حافي القدمين !