إيهٍ ياآيزنهاور..

166

رئيس التحرير سرمد عباس الحسيني/

لم يعد العالم يفكّر بنا!!
“العالم يمضي قدماً.. وأعتقد.. أنَّنا لسنا جزءاً من تلك الحركة بعد الآن، الجميع تصالح مع إيران وسوريا.. والسعوديون لديهم سياستهم الخاصَّة، ويبيعون نفطهم باليوان.”

هذا ما ذكره الصحفي الأمريكي المخضرم الغني عن التعريف (سيمور هيرش) لصحيفة سويسرية قبل أيام.
إذ يأتي هذا التصريح بعد تسريبات صحفية قامت بها (الواشنطن بوست) الأمريكية، التي أشارت إلى أنَّها حصلت على وثيقة مسرَّبة تشير إلى تحذير ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس الأمريكي (جو بايدن)، من أنَّه إذا ما استمر في تهديداته المستمرة للسعودية بسبب تخفيضها معدلات إنتاج النفط منذ الخريف الماضي، الذي ما زال حبل التخفيض على (جرّار أوبك بلس).
كما أكد ولي العهد السعودي لبايدن بأنَّه (لن يتعامل مع إدارته، مع إمكانية فرض تغيير جذري في العلاقة السعودية – الأمريكية المستمرة منذ ما يزيد على ثمانية عقود مضت، زائداً فرض تكاليف اقتصادية كبيرة على الولايات المتحدة).
من جانبه، أشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي (جون كيربي) إلى (أنَّنا لسنا على علمٍ بهذه التهديدات من قبل السعودية).
في حين يرى مراقبون أنَّه لم ينف، وهو الأمر الذي أكدته زيارة وزير الخارجية الأمريكية (بلينكن)، الذي سُئل عن حاجته بعد ثلاثة أيامٍ من الضيافة.
هذا التوتر الكامن في العلاقات السعودية – الأمريكية، الذي أكدته تحليلات المتابعين ونفته التصريحات الرسمية بكل أدب دبلوماسي، تلقفته صحيفة (التلغراف) اللندنية، تلقف الكرة، داعيةً بمجاز التعبير (إن ما من جنة ولا نار) في أساس تقييم العلاقات بين الدول التي تحكمها المصالح.. لا المبادئ، واضعةً نصب عينيها، وربما بإشارة كامنة من أصحاب القرار، سياسة (ملء الفراغ) التي تبنَّى نهجها (آيزنهاور) منذ خمسينيات القرن الماضي، التي خرج منها عراق نوري السعيد حينها من مولدها بلا حمص على الرغم من فطنته السياسية التي سبق بها أقرانه بسنين ضوئية.
صحيفة التلغراف أرفقت مقالها بصورة رئيسة تجمع رئيس الوزراء البريطاني (ريتشي سوناك) وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تصدرها عنوان لا يخلو من غائية ميكافيلية: (المبادرون الأوائل على وشك جني الثمار)، وبمتن رئيس أشار إلى “تنامي دور السعودية كلاعب مهم تجاوز دوره في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، وهي المنطقة التي تسعى فيها الصين كقطب منافس الى تأسيس وجود حقيقي لها، تمخض عبر مصالحة تاريخية سعودية – إيرانية، أسهمت في دعم موقفها (السعودية) في إثبات وجودها كلاعب دولي مهم تعدَّى دور منطقته، ما يتطلب منا كبريطانيين العمل معها من أجل الحد من التوترات العالمية، والتوسط في حرب أوكرانيا، كما أن من مصلحتنا تكثيف علاقتنا معها سياسياً واقتصادياً وأمنياً بشكل أكبر، فالعلاقات السعودية – الأمريكية متوترة (والكلام ما زال لمقال التلغراف)، ومن المحتمل أن يكون هناك فراغ، إن لم يكن أكيداً بشأن من يمكن له أن يكون الشريك العربي المفضّل، فلا يجب أن نتأخر في اغتنام الفرصة.. فالمبادرون الأوائل هم من سيجنون الثمار.”
.. فهل سيأتي يومٌ ولسان حال (سوناك) يقول في قرارة نفسه وخياله، متأملاً (آيزنهاور) في قبره قائلاً:
“إيه (آيزنهاور).. إنَّ الأمر الذي اجتلدنا عليه في خمسينيات القرن الماضي وقت أفول شمسنا التي غابت عن مستعمراتها، قد يصبح اليوم في أيدينا..”.. والله أعلم.