متنفذين!

265

خضير الحميري/

هذه المفردة كثيرة التداول، ولها وقع مميز على الأسماع، فما أن تُذكر حتى ينتبه الحضور، وكأنها جرس إنذار أو تنبيه، وغالباً ما تُذكر تمهيدا لطي الصفحة وعدم جدوى الخوض فيها لأن المسألة يقف خلفها شخص(متنفذ)، وتقال كتحذير يصلك من صديق (لا تندك بفلان تره نسيبه متنفذ) أو تقال عندما تتقدم بطلب قرض للبناء فيقال لك (مو سهلة ينرادلك واحد متنفذ) وتذكر عندما تسأل عن (مدير ما) يفتقد للكفاءة، وكيف وصل الى ما وصل اليه، فيقال لك (واحد من أقرباءه.. متنفذ)..فتسكت ..وتنفذ بجلدك!
فكلمة متنفذ تبدو مثل العصا السحرية، إذ لا توجد وصفة محددة للمتنفذ، أو مركزه، فقد يكون مسؤولا، أو مدير مكتب مسؤول،أو سكرتير مسؤول، أو مقاولاً، أو رجل أعمال، أو سيدة أعمال، أو صاحب معرض سيارات، أو صاحب ملهى، أو شيخ عشيرة، أو عضو لجنة مشتريات، أو حزبياً كبيراً وربما صغيراً، أو صاحب مول، أو صاحب علاقات، أو صاحب واجب ، وقد يكون المتنفذ متنفذا بالولادة أو بالقرابة، أو بالنسب!!
ولكن ..من أين اشتقت كلمة متنفذ لتتمتع بهذا السلطة، هل هي مستمدة من النفاذ أم النافذة أم النفوذ أم التنفيذ ؟ يهيأ لي إنها مستمدة منها جميعا، فالمتنفذ قادر على (النفاذ) الى ما يريد، إن لم يكن من الباب فمن (النافذة)، لأنه يمتلك (النفوذ)، ويفرض (التنفيذ)!
تخيلت لو إن (المتنفذ) وظيفة، حالها حال أي وظيفة أخرى، ويوجد تقديم لشغل درجة متنفذ بحسب المؤهلات المطلوبة، حيث يكون التدرج المسلكي لهذه الدرجة المستحدثة، كالتالي (معاون متنفذ، متنفذ ، متنفذ أقدم ، رئيس متنفذين.. ثم.. متنفذ بدرجة خبير) !
..بالتأكيد لن ينال الدرجة المستحدثة..سوى أبناء وأقارب وأصدقاء السادة المتنفذين!