ابن حملقار (الإسرائيلي).. يقتل جنوده !!

113

رئيس التحرير
سرمد عباس الحسيني

حذر رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتيناهو (من أن كل مكان تتواجد فيه “حماس” سيتحول إلى ساحة دمار)، كما طالب (الإسرائيليين بالصبر قبل تحقيق النصر)!! وأشار في ذات الوقت ( إلى أن “صور الدمار في قطاع غزة.. هي البداية لما هو قادم”).
تصريحات (نتينياهو) تلك أتت بعد ساعات من تهديدات (كتائب القسام) بأن كل عملية قصف (إسرائيلية) تستهدف المدنيين العزل في غزة سيقابلها إعدام رهينة أو أسير (إسرائيلي) من عشرات الأسرى الإسرائيليين لديها. إذ يرى متابعون أن تصريح (نتينياهو) بهذا الفارق الوقتي هو بمثابة إشارة غير معلنة لتفعيل (بروتوكول هانيبال).
(هانيبال) الذي ظهر شبح شخصيته جلياً خلف الدمار والدخان في (الجمعة السوداء 2014) وذلك عندما اقتحم جنود (إسرائيليون) منزلاً في (رفح-غزة) كان يعتقد بأنه نقطة لانطلاق مقاومين فلسطينيين من نفق يؤدي إلى (إسرائيل)، وحال عملية الاقتحام.. ومن ظلمة النفق.. ظهر مقاتل فلسطيني شاهراً سلاحه وفاتحاً ناره، ما أدى إلى مقتل جنديين وأسر ثالثهما، وبعد وصول المعلومات إلى قيادة عمليات الجنود، والإبلاغ عن موقف أسر الجندي الثالث (هدار غولدين)، قصف الجيش (الإسرائيلي) منطقة أسره التي شوهد فيها آخر مرة بقصفٍ شديد، وهو الأمر الذي أدى إلى مقتل (غولدين) و(150) مدنياً فلسطينياً، وسمي ذلك اليوم بيوم (الجمعة الأسود).
ليتوالى بعد ذاك تطبيق (الجمع السوداء)، بإشراف (هانيبال) وتوجهه، وحسب شدة المواجهات العسكرية، وذلك من أجل ضمان عدم قدرة المقاومين الفلسطينيين على استخدام جنود الاحتلال كرهائن بعد أسرهم.
ظل (هانيبال) بروتوكولاً سرياً حتى عام 2003، منذ العمل به خلال الحرب الأولى على لبنان عام 1982 بشكل شفهي، وصيغ ضمن سياقات ميدانية عمل بها منذ إبرام صفقة الأسرى الأولى بين (إسرائيل) والجبهة الشعبية-القيادة العامة بقيادة (أحمد جبريل) عام 1985 وليظل بروتوكولاً يلفه الغموض والجدل، إذ اعتبر الجيش (الإسرائيلي) حسب هذا التوجه (أن الجندي الإسرائيلي الميت أفضل من الجندي الإسرائيلي الأسير)، الذي سيجبر دولته فيما بعد على إطلاق عشرات الأسرى الفلسطينيين مقابل أسيرهم، وهو الأمر الذي دفعت (إسرائيل) أثماناً كبيرة مقابل ذلك.
ولعل حالة إطلاق سراح (جلعاد شاليط) الذي أسرته المقاومة الفلسطينية في (غزة 2006)، الذي لم يطلق سراحه إلا بعد خمس سنوات من الأسر، مقابل ألف أسير فلسطيني (محكوم بعضهم بالإعدام)، لم تكن بعيدة عن فكرة تطبيق البروتوكول ببعيد، وهو الأمر الذي (عضّت) حينها (إسرائيل) أصابعها ندماً لتأخرها في البروتوكول على حالة (شاليط)، حسب متابعين. وبسبب ذلك عُدّل التوجيه بطريقة يسمح فيها للقادة الميدانيين بالتصرف دون تأكيد أو موافقة من رؤسائهم، وينص على (أن النتيجة السيئة (قتل جندي أسير) مسموح بها (أخلاقياً!!) فقط، كأثر جانبي للترويج إلى (عمل جيد).. لايقاف خطفه)!!
ونتيجة لاستمرار الجدل (الإسرائيلي) حول هذا البروتوكول، وردود الفعل العكسية على جنود الاحتلال لنتائجه، أوقف العمل به عام 2016، على أن يحل محله توجيه جديد، دون الإعلان عن تفاصيل أوسع حينها، ليأتي يوم الإثنين الماضي ويطلق (نتينياهو) تصريحه (أعلاه)، وبما يحمله من إشارة مبطنة إلى إمكانية تفعيل هذا البروتوكول في جيش هو الوحيد من جيوش العالم الذي يفضل إعدام جنوده بدل أسرهم، وهو الأمر الذي يفسر فرار أو رفض جنود جيش الاحتلال الخدمة في مناطق المواجهات مع المقاومين الفلسطينيين خلال اليومين الماضيين أثناء عملية “طوفان الاقصى”.
من الجدير ذكره في ختام ما ذكرنا، أن هذا البروتوكول قد سمّي بأسم (هانيبال بن حملقار)، القائد القرطاجي الشهير، الذي عرف بتكتيكاته العسكرية الفريدة، التي كاد أن يذل فيها (روما) في عقر دارها بعد أن عبر (جبال الألب) بعملية عسكرية فذة مازالت تدرّس في الأكاديميات العسكرية إلى يومنا هذا، لكنه في نفس الوقت لم يعرف عنه أنه كان يقتل جنوده من الأسرى.. والله أعلم.