من التنمُر الى التوحش!
خضير الحميري /
ما حصل يتعدى وصف التنمر الذي نطلقه على أولئك الذين (يخرمشون) سمعة الآخرين ويحاولون النيل منهم بلا سبب سوى إرضاء (عقدة مرضيّة) مستحكمة في عقولهم لا يطيب لها أن ترى فيما حولها أية لمسة للنجاح أو الجمال، وأنا هنا أتحدث عما حصل قبل أيام مع شخصية رياضية عراقية معروفة ومحبوبة طالما صفقنا لها ولإنجازاتها، حين نشر صورة على صفحته الشخصية للتعبير عن اعتزازه بابنته الطبيبة، أو طالبة الطب، يظهران فيها وهما مبتسمان بمنتهى اللياقة والأناقة..
ما تضمنته التعليقات على تلك الصورة الجميلة من بذاءة و(انحطاط) يتعدى التنمر إلى توصيف آخر هو التوحش، وإلا كيف لشخص سوي، مهما كانت درجة تعليمه، أن يسخر من رجل يفتخر بما حققته ابنته، ولأنه يثق بكم يلتقط معها صورة وينشرها ليعرفكم بها (ألستم من أصدقائه ومحبيه ومتابعيه كما يدعي الفيسبوك وموقع التواصل الأخرى؟).. منتظراً أن تكون ردودكم وروداً وتهاني وتمنيات..
إن ما حصل مع هذه الشخصية الرياضية سبق له أن حصل مع شخصيات أخرى، وبصور أخرى، ولاسيما مع الوجوه الاجتماعية المعروفة، ما يشير إلى وجود علّة تستحق أن يستلقي أصحابها على (شيزلونج) الطبيب النفسي طويلاً، للتعرف على السبب الذي جعلهم لا يقيمون وزناً لكبير أو صغير، ولا يزنون كلماتهم قبل أن ينطقوها أو يكتبوها مدافة بالأخطاء الإملائية والأخلاقية.
قد يقول قائل إن هذه الظاهرة محدودة ولا تمثل جوهر المجتمع، وإنها منتشرة في مجتمعات أخرى، وأنا أتفق معه تماماً في كونها محدودة.. لكنها مؤذية وقابلة للاتساع مالم يتخذ المجتمع (التواصلي) الواعي وقفة مؤثرة لردعها، وقد كانت ردود الفعل المضادة التي سارع فيها الكثيرون لنشر صورهم مع بناتهم أو إعادة نشر صورة الرياضي وابنته للتعبير عن التضامن معهما والفخر بهما معا.. رائعة .. لكن هذا لا يلغي وجود العلّة التي تطل برأسها القبيح بين فترة وأخرى وتطالبنا بإلحاح لتفعيل خاصية.. البلوك!