مَشّي.. أو مشّيها!

145

خضير الحميري/
(مَشّي) بالميم المفتوحة والشين المشددة، أو مشّيها وما يتصل بهما من مفردات التمشية الرائجة في حياتنا اليومية بشكل غير مضر غالبا، فالـ (مشّي) تعني دعها تمر، ولا تدقق أكثر من اللازم، فالأمر لا يتطلب ذلك.. ولا إعتراض على (المشّي) بهذه الصيغة التسهيلية المحسوبة.. بل هي من متطلبات الحياة اليومية في كل زمان ومكان، إلا ان (مشّي) شأنها شأن أي سلوك إجتماعي سرعان ما وسعت نطاق فاعليتها، وأصبح تداولها لا يقتصر على الأحاديث البسيطة في الشارع أو العمل، بل هي تقال في مواضع أخرى أكثر خطورة مثل.. التحقق من صلاحية بضاعة للأستهلاك البشري، فحص جودة منتج، تصحيح الدفاتر الأمتحانية، مقابلة المتقدمين لشغل وظيفة، إجازة بناية غير مستوفية لشروط السلامة، تجاوز المدد الزمنية لأنجاز المشاريع، تجاوز الخطوط الجوية مواعيد رحلاتها بأربع ساعات، نجاح الطالب بتفوق رغم تجاوزه ضعف المدة المسموحة للغياب!
وأول ما تبادر الى ذهني حين شاهدت فيديو سقوط إحدى دعامات مجسر قيد الأنشاء في ناحية المشرح قبل أيام و أودت بحياة أحد العاملين، إن لـ (مشّي) يد في الموضوع، ولو دققت اللجنة التحقيقة في الأمر لوجدت الأدلة الكافية لأتهامها بالحادث وإقتيادها للقضاء لتنال جزاءها العادل، من وجهة (تخيُلي) ربما قال أحد المهندسين العاملين في المجسر ان القياسات الهندسية غير مضبوطة وتتطلب إعادة النظر في التركيب لحين تلافي الخلل.. فأجابه آخر: مشي وخطيتك برقبتي.. فمشّى ووقعت الخطية.. برقبة العامل المسكين!
وغالبا ما يُنظر للمشّي على أنها وسيلة شائعة لتسريع الأنجاز، بالتغاضي عن شروطه، ومتطلباته، فالبناية التي يتطلب انجازها سنة يمكن أن تنجز بخمسة أشهر ( بالمشّي) وإذا كانت كلفتها التقريبية مليار دينار يمكن إختصارها الى 250 مليون ، والباقي (مشّي)، ولاتسألني عن مصير البناية بعد سنة أو عشر سنين، فاللجنة المشكلة بعد الكارثة ستقول (مشّي)!