أغنية “يا نبعة الريحان”

2٬947

أحمد محسن التميمي /

في موروثنـــا الغنائي هناك الكثير من الأغاني التي بقيت خالـــدة في الأذهان. وفي زاويــــــة ضفاف الأغاني سنستعرض بعضاً من تلك الأغاني ومناسبة كتابتها ومن أسهم في تلحينها وأدائها.
وأغنية (يا نبعة الريحان) تعدّ واحـــدة من أجمـــــل الأغانــــي الفلكلورية العراقية لسلاسة كلماتها التي صاغها الشاعر الكبير عبد الكريم العلّاف ولحنها رائد الأغنية العراقية الفنان صالح الكويتي وأدتها “ورقاء العــــراق” سليمة مـــــراد، وهي من مقـــــام اللامي، كما أداها بعـــدها فنانون كثر.
وقد مثـــــل الشاعر حبيبتـــــه وهــــي في مقتبــل العمـــــر بـ(نبعة الريحـــــان)، والريحــــان من النباتات العطريــــة التي يُشبّه بها المحبوب لجمالها ورائحتها الزكية.
الشاعر عبد الكريم العلّاف :
في عــــام 1936 تعـــــرّض الشــــاعر عبد الكريم العــــلّاف الى حادث دهس بسيارة رقد على إثره في مستشفى المجيدية ببغداد (مدينة الطب حالياً) فكتب الأغنية وهو في المستشفى.
والشاعر العلّاف هو أحـــد روّاد كتـــابة الأغنية العراقــية ومن الباحثين في مدرســــة الأدب والتراث الشعبي، ولـــد في بغداد – محلة الفضل – عام 1896 وتعلم القراءة والكتابة على يد المرحوم عبد الوهاب النائب في جامع الفضل، بـــــــدأ ولعــــه بالشعر منذ صــــباه، وفي نهايــــة عشرينات القــــرن الماضــــــي أخذ ينظم الأغاني، أو ما تسمى بـ”البستات”. وعندما اندلعت ثورة العشرين كان في مقــــدمة شعرائها، وقد ألقى القصائد الحماسية في جامع الحيدرخانة، وبعد تشكيل الحكومة العراقية تم تعيينه كاتباً لمالية مدينة الكاظمية ثم تركها وآثر الاشتغال في الأعمال الحرة.
وللشاعر عبد الكريم العـــــلّاف باع طويل في الكتـــــابة الصحفية، ففي عــام 1934 أصدر مجـــــلة (فنون) التي تعنى بأخبار الفن والفنانين والسينما والغناء البغدادي، وكانت تصدر أسبوعياً، كذلك صـــــــــدرت له كتب عدة منها (الأغاني والمغنيات/ أيام بغداد/ الطرب عند العرب/ بغداد القديمة/ وغيرها من الكتب).
له رصيــــد من الأغاني يزيد على 300 أغنية منها: كلبك صخر جلمود ــ يالمنحدر وياك ــ مكــــــــدر أكولن آه ــ سليمة ويا سليمة ــ يا يمه ثاري اهواي ـ وغيرها من الأغاني .
أدى كلمات أغانيه أشهر المغنين في ذلك الوقت ومنهم: محمد القبانجي وزكية جورج وسليمة مراد ويوسف عمر ومنيرة الهوزوز وعفيفة اسكندر وغيرهم .
في يوم 22/11/1969 رحل الأديب والشاعر والكاتب والمؤرخ الى مثواه الأخير .
الملحن صالح الكويتي :
لحن الأغنية الفنان صالح الكويتي الذي يعدّ مؤسس الأغنية العراقية وهو من مواليد 27/11/1908 الكويت، وهو من أســــــرة يهودية عراقيـــــة تعمل بالتجارة، كان له ولع بالموسيقى والغناء هو وأخوه داود، فأخذا دروســــــاً على يد الموسيقار الكويتي خالد البكر. وفي الخامسة عشرة من عمره أسس مع أخيه فرقة موسيقية، اتجه بعــــــــــدها الى بغداد حيث استقر في ملهى الهلال وتعرف على المطربة سليمة مراد وصار بينهما تعاون موسيقي امتـــد حتى هجرته القسرية عام 1951 .
عام 1936 وعنــــد افتتــــاح الإذاعـــــة العراقية شكل صالح الكويتي فرقــــة موسيقية وهي المجموعة الأساسية للإذاعة والتلفزيون وكانت مكونة من : داود الكويتي (العود) ويوسف زعرور (قانون) وابراهيم طقو (تشيلو) ويعقوب العماري (ناي) وحسين عبد الله (إيقاع) .
لحـــــن العديـــــد من الأغاني منها : كلبك صخر جلمود ــ هو البلاني ــ آه ياسليمه ـــ ماحن عليه ــ منك يالاسمر ــ خدري الجاي خدري .
لحن للعديد من المطربين والمطربات نذكر منهم : نرجس شوقي، منيرة الهوزوز، زهور حسين، جليلة أم سامي، سلطانة يوسف، بدرية أنور، عفيفة أسكندر، حضيري ابو عزيز، داخل حسن، عبد الصاحب شراد وغيرهم.
وضــــــــع الموسيقى التصويريــــــة لأول فيلم عراقـــــــي هو (عليا وعصام).
رحل الفنان صالح الكويتي عام 1986.
الفنانه سليمه مراد:
أدت الأغنية الفنانة الكبيرة سليمة مراد وهي تملك صوتاً نسائياً جميلاً وحنجـــــرة وهّاجـــــة امتازت بجواباتها العاليـــة، ولدت في بغداد محلة الطاطران في 2 تشرين الثانــي 1905، واحتلت مكانــة مرموقــة في عالم الغنـــــاء العراقي، حيث كانت نشأتها في بيئة بغدادية تعرفت فيها على الجـــــــوق الموسيقي والجالغي البغدادي، اشتهرت بلقب سليمة باشا، وهي أول من غنــــــى في الإذاعة العراقية عند افتتاحها، شاركت الفنان ناظم الغزالي الغناء في إحدى حفلات البيوتات البغدادية لتبدأ بينهما علاقة حب انتهت بالزواج عام 1953.
أدت العديد من الأغاني منها: أيها الساقي اليك المشتكى ــ هذا مو إنصاف منك ــ هو البلاني ــ يلماشي الله وياك ــ على شواطي دجلة مر ــ وغيرها .
وعندما غنت أغنية (يا نبعة الريحان) كان وقتذاك الأديب المصري زكي مبارك يعمل في الهيئة التدريسية العاملة في العراق وعندما سمعها أعجب بفنها وصوتها الجميل وأطلق عليها لقب (ورقاء العراق) .
رحلت الفنانة سليمة مراد في أحد مستشفيات بغداد في الساعة الرابعة عصراً من يوم الثلاثاء المصادف الاول من كانون الثاني عام 1974 قبل أن يتجاوز عمرها السبعين عاماً.