اقدم الصيادين يغير مهنته.. من صيد الأسماك إلى صيد الأفاعي
جبار بجاي/
“صيّاد الأفاعي” هكذا صار يُكنى جمعة جبر المشايخي، ذو الـ (51 عاماً) الذي يعد أحد أقدم صيادي الأسماك في محافظة واسط بعد أن لجأ الى صيد الأفاعي التي استهوته كثيراً بالتزامن مع تزايد الطلب عليها من قبل من يعتقدون أن للأفاعي فوائد كثيرة منها منع تساقط الشعر وعلاج آلام المفاصل والروماتزم ومنع الاجهاض عند النساء الحوامل، علاوة على طرد الحسد والأرواح الشريرة.
لدغات
زاد ولع المشايخي بصيد الأفاعي برغم معرفته بالخطر الشديد على حياته التي قضى نصفها في الماء باحثاً عن السمك، فهو لايمتلك غير هذه المهنة، وبعد أن كان بارعاً فيها تعرض لمواقف كثيرة حيث كانت شباكه تأتي في بعض المرات محملة بالأفاعي التي استهوته حركاتها وأشكالها وأنواعها فأخذ يلجأ الى أماكن وجودها ليصطادها عنوة هذه المرة.
ومن المفارقات كما يقول المشايخي “ذات مرة طلبت مني إحدى النساء أن أجلب لها أفعى إذا ماصادفتني وأنا أصطاد السمك، فهي تريد جلدها للاستفادة منها في علاج تساقط الشعر حسبما تم وصفه لها، الأمر الذي دفعني للبحث عن أفعى لصيدها فتحقق لي ذلك.”
ويضيف ” مع مرور الزمن ازدادت رغبتي في صيد الأفاعي وتعرضت لكثير من اللدغات لكنّ ذلك كله لم يمنعني من البحث عنها مع إزدياد الطلب عليها من قبل بعض الذين يثقون بالاعتقادات الشعبية السائدة”
موسم الأفاعي
ومثلما للأسماك موسم للتكاثر فأن الأفاعي لها موسم أيضا تتكاثر فيه وهي عادة ما تحفظ بيوضها في حفرة قريبة من الماء، وعند تفقيس البيوض يكون موسم الصيد جيداً لكنّ الأفاعي الصغيرة ليس لها أهمية ولايوجد طلب عليها لانها تحتاج الى ظروف خاصة للتربية كي تكبر هكذا يقول جمعة الذي عادة ما يحمل الأفاعي على كتفه أو يضعها في علبة من البلاستيك وهو يتنقل بين أسواق مدينة الكوت باحثاً عن زبائنه.
وقال “غالباً ما أجد في أسواق مدينة الكوت وتحديداً في سوق المدينة الرئيس مكاناً لبيع الأفاعي التي أصطادها، لكن عملية البيع والشراء تتم وسط دهشة بعضهم وذهولهم خاصة النساء، حيث أن أسعار بيع الأفاعي تختلف حسب نوع الأفعى وهي في الواقع أسعار زهيدة لا تساوي المجازفة بصيدها والتعرض لخطر لدغاتها.
ويضيف “الأسعار تتراوح مابين عشرين الى مائة ألف دينار، خاصة عند الذين يبحثون عن العلاج مثل علاج تساقط الشعر، وعلاج المفاصل وبعض النساء اللائي يعتقدن أن جلد الأفعى يستخدم بطريقة تمنع حالات الاجهاض التي تتكرر عند بعض النساء.”
مؤكداً أنه “غير مقتنع بهذه الروايات لكن الناس تقول هكذا وبعضهم قد يشتريها للزينة أو للتفاخر بها بين أصدقائه، وبعضهم يريد أن يعمل من خلالها مواقف طريفة مع المعارف والأصدقاء، وهناك من يعتقد أن الأفعى تطرد الحسد وغير ذلك من الاعتقادات الصحيحة أو الخاطئة.”
يقول جمعة جبر المشايخي إن “الأفعى في منظرها مخيفة دائماً والكل يخشاها لكن إذا لم يتحرش بها الشخص أو يحاول ايذاءها فربما تمر بجواره ولم تؤذه أبداً، فهي تكون شرسة مع من يحاول ايذاءها، بل تحاول أحياناً الانتقام من الشخص الذي يريد ضربها أو قتلها، وأن بعض الأشخاص يعتقدون في مشاهدتها في الطريق نوعا من التفاؤل على العكس من مشاهدة الأرنب لكن هذا الأمر مجرد اعتقاد أو أنه يدخل ضمن الموروث الاجتماعي”
موضحا أن “سم الأفعى يكون في غدة برأسها ويمكن الحصول عليه وخلطه مع قليل من الماء ويعطى على شكل جرعات بسيطة للأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تكثر فيها الأفاعي أو من الذين يتعرضون الى لدغاتها لان ذلك سوف يكسبهم المناعة ضد لدغاتها مستقبلاً”
اعتقادات
لكنّ الحاج سليم عبد علي مؤنس يرى أن مايشاع عن أن لجلد الأفعى أو سمها فوائد هو مجرد اعتقادات إجتماعية موروثة لكنها في الواقع ساذجة، فالأفعى خطرة كثيراً على البشر، خاصة النوع السام منها والتي تؤدي الى الوفاة بسبب لدغها لذلك لابد من الابتعاد عن هذه المعتقدات التي تشكل خطرا على المجتمع”
موضحاً أن “الإقبال على شراء الأفاعي قد يأتي من باب استخدامها للزينة، من خلال وضعها في حوض أو بركة ماء داخل المنزل أو في الحديقة مثل أسماك الزينة لكن لابد من توخي الحذر منها، خاصة إذا كانت أسنانها موجودة”
معتبرا مهنة صيدها وبيعها في الأسواق هواية لا تختلف عن هوايات الصيد الأخرى أو هوايات بيع الحيوانات والطيور والكلاب وسوى ذلك من الهوايات التي يمارسها بعض الأشخاص، وهو أمر ليس غريبا لكنّ الغرابة في أن يعتقد بعضهم أنها تشفي من الأمراض وتمنع الإجهاض وتطرد الحسد والأرواح الشريرة.