دعماً للمنتج الوطني.. السجّاد العراقي يكرَّم بالذهبية في معرض لايبزك

899

فكرة الطائي /

اشتريت، قبل أكثر من ثلاثة عقود، سجادة من معرض السجاد بالكاظمية، لم أكن اعرف عن هذا المعرض في ذلك الوقت الكثير من المعلومات، وإنما قادتني الصدفة إليه، وكلما زارني ضيف، يقف متأملاً تلك السجادة لدقة الألوان وجمالية الشكل، ونوعية لم تفارق خيالي. وحين وقع الاختيار في الكتابة عن هذا الموضوع ضمن حملتنا لدعم المنتج العراقي تحمست كثيراً للكتابة عن الصناعات الصوفية والسجاد.
قررت أن أبدأ بكتابة هذا الموضوع من البوابة المفتوحة على الجمهور، وكانت زيارتي إلى المعرض مجدداً، وهو نافذة البيع المباشر للمواطنين، للتعرف على طبيعة المنتج بعد تلك العقود الثلاثة.
ما إن دخلت إلى المعرض، نظرت إلى زواياه وطريقة عرض السجاد والأحجام والأسعار، أدهشني التطور الحاصل وجماليات النقش والتنوع، ومراعاة صحة المواطن في صناعة تلك المنتجات، اقتربت من السيدة (صبيحة عبود) ودخلت في حديث معها عن المعرض ومنتجاته بعد أن عرفتها بنفسي والمهمة التي أبغي إنجازها من خلال الزيارة.
رحبت بي كثيراً واتصلت بمدير التسويق ومدير العلاقات والإعلام وقادتني إلى داخل الشركة لنبدأ خطوات كتابة هذا الموضوع.
في داخل الشركة، وفي غرفة السيدة صباح فرحان مديرة الإعلام، كان هناك جمع من الزملاء من فضائيات جاءوا لتغطية نشاطات هذه الشركة، ورغم انشغالها قادتني الزميلة صباح إلى مكتب السيد فؤاد جبر فليح وكيل مدير مصنع الصوفية الذي حدثنا عن طبيعة هذا المصنع قائلاً: تعد هذه الشركة من الشركات العريقة المتخصصة في الصناعات النسيجية الصوفية والتركيبة، تهدف إلى إنتاج البطانيات والسجاد الميكانيكي والأقمشة الصوفية. في عام 1926 تأسس أول معمل، قطاع خاص (فتاح باشا)، ومن ثم تم تأميمه في عام 1964 ليصبح (الشركة العامة للغزل والنسيج الصوفي) في الناصرية، وفي عام 2016، دمجت شركات قطاع الصناعات النسيجية لتكون (الشركة العامة لصناعات النسيج والجلود)، ويكون مصنع الصوفية أحد مصانعها ويضم أكبر عدد من المعامل.
وفي سؤالي عن ماهية وعدد هذه المعامل أجابني السيد فؤاد قائلاً: إنها سبعة معامل، وهي: معمل السجاد الميكانيكي في الداوودي، معمل فتح لإنتاج البطانيات الصوفية أو الأكريلك أو مخلوطة-بغداد، معمل الكاظمية، إنتاج البطانيات، معمل الحرية، معمل التاجي، معمل الغزول والسجاد النافذ، معمل التصنيع والخدمات الهندسية.
مستوى عال من المواصفات
هل يوجد فرق بين صفات سجاد منتجات الشركة والسجاد المنافس في السوق؟
أكد السيد فؤاد وكيل مدير المصنع: أن صناعة السجاد الميكانيكي من الصناعات الرائدة في قطاع الصناعات النسيجية في العراق، لعراقتها واكتساب الخبرة وتطويرها من خلال المشاركة في الدورات التي تقام في داخل البلد أو خارجه، ما يجعلها تعمل وفق مستوى عالٍ من المواصفات الفنية.
وأضاف قائلاً: حصل السجاد العراقي على الميدالية الذهبية في معرض لايبزيك في ألمانيا عام 1977 لجودة نوعيته، وكما ذكرت سابقاً يوجد معمل واحد متخصص لصناعة السجاد الميكانيكي في الداوودي وبقدرة إنتاجية متاحة 120 ألف متر مربع في السنة، ولدينا مصنع السجاد النافذ “الموكيت” تأسس عام 1991، بقدرة إنتاجية متاحة 400 ألف متر مربع.
وذكر أن السجاد العراقي يمتاز بكثافة النسيج والمتانة، وارتفاع عدد العقد، ونعومة خيوط الخملة “الوبرة”، وما يميزه أيضاً، نوعية المواد الأولية من الألياف الصوفية البطيئة الاشتعال، وتنطفئ ذاتياً، وكذلك ألياف الأكريلك لتشابه خواصها بخواص الصوف، أما المتانة فإنها تعتمد على عدد الأشواط في التركيب النسيجي.
واستخلص السيد فؤاد حديثه: أن جميع المميزات التي ذكرتها جعلت منتجات الشركة لها الأفضلية في جودة النوعية والاستخدام والتميز السعري إذا ما قورنت بالمنتجات المماثلة..
المنافسة مع المستورد
حدثتني المهندسة استبرق جاسم محمد، مديرة تخطيط، عن الصعوبات التي تواجه المنتج المحلي في المنافسة غير العادلة في الأسواق: أسهمت المتغيرات بالسياسة الاقتصادية بعد عام 2003 في تدفق السلع والبضائع من جهات متعددة، ذات مستوى متدنٍّ ومتفاوت من حيث المواصفات (الجودة والفنية)، وعدم خضوع المتنافس إلى معايير الفحص والسيطرة النوعية، أدت إلى قصر الفترة الاستهلاكية للمنتجات المستوردة التي امتلأت بها الأسواق المحلية.
ما هو السبب؟
الحديث ما يزال للمهندسة استبرق التي قالت: غياب القدرة على تطبيق معايير حماية المنتج والمستهلك، ما ترك آثاراً سلبية على الواقع الاقتصادي للشركات الإنتاجية في البلد، بالرغم من قدرتها الإنتاجية، وأفضلية منتجاتها، بتغطية جزء من احتياجات السوق، وتغطية معظم احتياجات القطاع العام الذي يمثل الجهة المستهدفة لتصريف منتجات الشركة.
نظرة ضيقة وأخرى معمّقة وبعيدة
المهندسة استبرق توصلت من خلال البحوث التي تعدها في قسم التخطيط إلى أن “هناك نظرة ضيقة للموضوع، والمستفيد من هذا الوضع هو المستهلك لتعدد الخيارات أمامه على الرغم من رداءة معظم البضائع المستوردة والتي تباع بأسعار تنافسية، في حين النظرة المعمقة والبعيدة، تؤكد إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني من خلال تدمير الصناعة الوطنية، وبالتالي انعكاسه سلباً على الوضع الاقتصادي للمواطن، وهنا المتضرر الأكبر من واقع السوق المحلية هي الصناعة المحلية التي فقدت الكثير من مقومات المنافسة في السوق، وذلك لدخول بضائع من خارج الحدود وبأسعار زهيدة وجودة أقل بكثير من أسعار المنتجات المحلية ذات الجودة العالية”.
عام 2005 .. منافسة غير متكافئة
هل أثرت المنافسة غير المتكافئة على نشاط شركتكم؟
أجابتني المهندسة استبرق بابتسامة ممزوجة بحزن إذ قالت:
بالتأكيد جميع الأمور التي ذكرتها جعلت العديد من الصناعات المحلية تغلق أبوابها وتعلن توقف نشاطها في عام 2005 لعدم قدرتها على مواجهة المنافسة غير المتكافئة، إذ تقلص عدد المنشآت الصغيرة والكبير في البلد، التي كانت توفر فرص عمل للكثير من الأيدي العاملة، وتؤكد أن الأمر أثر سلباً وبشكل واضح على كمية البضاعة المنتجة محلياً، وتعد هذه الفترة بالنسبة للشركات وملاكاتها فترة صمود وبقاء دفعتنا إلى المزيد من الإبداع، وتطوير المنتج المحلي.
عودة ثانية إلى السيد فؤاد جبر، وكيل المدير، ليتحدث لنا عن قدرة الطاقات الإنتاجية للشركة، إذ قال: للشركة العامة للصناعات الصوفية قدرات انتاجية عالية تدار بأيدٍ عاملة عراقية ماهرة وبخبرات فنية متميزة ومتجددة، اذ تطورت خطوطها الإنتاجية، جميع هذه العوامل ساعدت على امتلاك القدرة الإنتاجية العالية.
افتقار المعرض للزبائن
وأخيراً أعلنت عن رغبتي بالعودة إلى معرض بيع السجاد والبطانيات التي رافقني فيها السيد هدير عبد الرحمن مدير التسويق، بادرني بالقول: لا تتفاجأ بافتقار المعرض للزبائن على الرغم من جودة ومتانة منتجاتنا التي تعد من السلع المعمرة فضلاً عن إعلان المصنع الصوفي البيع بسعر الكلفة وبأقساط للترغيب باقتناء المنتج المحلي.
وبيّن السيد هدير أن التسويق اليوم يتطلب قدرة عالية على الإعلان بغية منافسة المستورد وتوعية المواطنين بجمالية وجودة المنتج العراقي.. واليوم تقومون أنتم بهذا الدور.