روبوتات الحيوانات الأليفة وتأثيرها على المسنّين
رفاه حسن /
هذه هي العبارة التي افتتحت بها منظمة الأمم المتحدة مدونتها عن إحصائيات أعداد المسنّين حول العالم التي أظهرت ارتفاعاً كبيراً منذ عام 2018، إذ بدأ العالم يشهد زيادة واضحة في أعداد المسنّين نسبة إلى المواليد الحديثة.
“العالم يشيخ”، فكل بلدان العالم تقريباً تشهد نمواً في أعداد كبار السن ونسبتهم بين سكانها.”
ويُعزى السبب في ذلك إلى تراجع الخصوبة وزيادة متوسط العمر، فقد أظهرت الإحصائيات أن 16% من سكان العالم سيكونون بعمر 65 فما فوق بحلول عام 2050، أي بنسبة مسن واحد لكل 6 أفراد حول العالم، أما في القارتين الأوروبية والأميركية الشمالية فإن من المتوقع أن يكون ربع سكان القارتين بعمر 65 فما فوق، كل ذلك جاء نتيجة لتوسع الفجوة بين عدد المواليد ومتوسط العمر لصالح الأخير.
لكن موضوعنا ليس معالجة سبب زيادة ارتفاع متوسط العمر البشري، وإنما كيفية توفير البيئة والرعاية الملائمتين لهذه الفئة من الناس اليوم وفي المستقبل، فمع ارتفاع أعداد المسنّين حول العالم انخفض بالمقابل عدد الأشخاص الذين يملكون الاستعداد الكافي لرعاية الأشخاص الكبار في السن وتلبية طلباتهم وتوفير كل احتياجاتهم دون تقصير من الرعاية الطبية وحتى القيام بالفعاليات اليومية. ولا يمكننا أن ننكر أنّ هذه المهمة صعبة جداً وتحتاج إلى كثير من القوة والصبر وسعة الصدر، ولاسيما أن كثيراً من الناس ضمن هذه الفئة يعانون كثيراً من الأمراض مثل الشيخوخة أو عدم القدرة على الحركة حتى لقضاء حاجتهم، من هنا جاءت الحاجة لتدخل التكنولوجيا في هذا المجال في سبيل مساعدة المسنّين والكادر الصحي في تقديم أفضل رعاية لهذه الفئة.
لقد كانت لليابان تجربة رائدة في هذا المجال لكون عدد المسنّين المرتفع ليس بالأمر الجديد على دولة مثل اليابان، لذلك فهي تدرس إيجاد الحلول لهذه المشكلة منذ سنوات، ولقد قدمت الدراسات عدداً من الحلول الممتازة لتسهيل حياة المسنّين وطبيعة عمل الكادر الذي يعمل على رعايتهم، بداية من الروبوت الذي صنعته شركة (سايبر داين) اليابانية، الذي من شأنه المساعدة في حمل الأشخاص، إذ يتم ارتداؤه على منطقة الفخذ ويعمل على تخفيف ضغط وزن الشخص المحمول على ظهر الشخص الذي يحمله، وقد كانت ردود أفعال العاملين إيجابية جداً، إذ تقول إحداهن: “إن هذا الروبوت وفّر لنا مساعدة كبيرة، ولاسيما حين أحمل رجلاً مريضاً ضخم الحجم.”
ولم تقتصر إنتاجات هذه الشركة على هذا الروبوت فحسب، بل هي تقدم ملابس ومنتجات أخرى تمنح مرتديها القوة وتساعده على استعادة القابلية على الحركة.
من جانب آخر، بات من المعروف لدى الجميع التأثير الكبير لوجود الحيوانات الأليفة في أية بيئة، فما بالك بوجودها مع أشخاص يعانون من الشعور بالوحدة والهجران، فهي حتماً ستكون العلاج المناسب لهذه الحالات، لكننا لا ننسى أن هذه الحيوانات تحتاج إلى الرعاية هي الأخرى. لذلك عمد كثير من الشركات، ومن بينها شركة (سوني)، إلى تصنيع روبوتات على هيئة حيوانات أليفة تعمل على تسلية المريض فضلاً عن العناية به، إذ لا تقتصر فائدة هذه الروبوتات على شكلها اللطيف وملمسها الذي يُشعر المريض بالدفء ويشبه الشعور بملمس حيوان حقيقي، لكنها تضطلع أيضاً بمراقبة الفعاليات الحيوية للمسن أو المريض وتعمل على تذكيره بمواعيد أخذ الدواء وغير ذلك من الخدمات التي تقدمها هذه الروبوتات اللطيفة، ويعد الروبوت (باري) أنموذجاً لهذا النوع من التكنولوجيا.
كما بادرت شركة أخرى تدعى (أمويبا إينيرجي) بتطوير روبوت قادر على تسلق الدرج لغرض إنجاز المهام اليومية مثل رمي النفايات وغيرها، ولقد أجريت تجارب كثيرة من بينها واحدة أجريت في بناية من سبعة طوابق لا تحتوي على مصاعد، وقد حمل الروبوت كيس النفايات، وتمثلت التجربة في التعرف على إمكانية الروبوت على الصعود والنزول عبر السلالم ثم حمل النفايات إلى أقرب مكان مخصص لرميها، وقد كانت تلك التجربة إيجابية جداً لاقت استحسان السكان.
ربما السؤال المهم هنا هو كيف استطاعت اليابان أن تحقق هذا الإنجاز، وأظن أن الأمر يعود لأسباب عدة أهمها الحاجة الفعلية لهذه الروبوتات وخدماتها اللطيفة، ثم تفاعل الناس الإيجابي مع التكنولوجيا الحديثة التي تطرحها الشركات المتنافسة في هذا المجال. ويعزو بعض الناس ذلك إلى انتشار هذه الأفكار وتغلغلها في المجتمع بسبب أفلام الكارتون والمسلسلات اليابانية الموجهة في هذا المجال، وأوضح مثال على ذلك مسلسل الكارتون الشهير (أسترو بوي).