فظائع ملف المهاجرين العراقيين تعري سلوك بولندا

279

بينما تقدم بولندا نفسها للعالم على أنها الملاذ الرحب للمهاجرين الأوكرانيين الهاربين من الحرب، حيث يقف مئات البولنديين على الحدود لاستقبال مئات الالوف من الاوكرانيين الذين ضاقت بهم سبل الحياة بسبب الحرب، وسط تعاطف دولي مع دولة عرفت بعدائيتها للمهاجرين العرب و المسلمين (حسب مقاطع فيديو وتصريحات).

الى الحد الذي أشاد به الرئيس الأمريكي جو بايدن (الاستيعاب البولندي للاوكران) ، عندما حضر بنفسه الى ممرات النزوح التي يعبر منها الأوكرانيون وهم يلقون عبارات الترحيب من عناصر الأمن البولندي، وهم ذات العناصر التي وضعت سياجاً من الأسلاك الشائكة لتحول ما بين المهاجرين من دول عربية وإسلامية، وبين العبور الى أوروبا عبر بولندا.
معايير مزدوجة

وفي الوقت الذي يتسابق فيه العساكر البولنديون مع حشود المواطنين في تقديم المساعدة للأوكرانيين، فإنهم تجاهلوا بذات المشهد والموقف نداءات الاستغاثة التي اطلقها المهاجرون من دول الشرق، لإنقاذ حياة نساء في حالة ولبعضهنولقي بعضهن حتفهن بعد أن جفت العواطف البولندية الى درجة الانجماد.
فصور الفضائيات تحتفظ بعشرات المواقف التي تظهر عنصرية شرطة دول شرق أوروبا، ولاسيما بولندا وهنغاريا، حيث واجه فيها المهاجرون المعاناة المريعة اثناء عبورهم أراضي هاتين الدولتين باتجاه ألمانيا التي استوعبتهم برحابة صدر، او إحدى الدول الأوروبية المرحبة باللاجئين،
فقد طفحت مواسير العنصرية في أكثر من موقف، ضربت فيها قواعد ومعايير وضعتها الدول الأوروبية بنفسها، إذ كشف المكتب المركزي للجنة التحقيق في بيلاروس، خلال اجتماع مع وفد عراقي، عن توثيقه جرائم ارتكبتها قوات الأمن البولندية بحق 135 مواطناً عراقياً على الحدود البيلاروسية البولندية عام 2021. وأفاد بيان منشور على الموقع الإلكتروني للجنة التحقيق البيلاروسية بأن “المحققين البيلاروسيين سجلوا إجراءات وصفت بالإجرامية ارتكبت بحق 135 شخصاً من مواطني جمهورية العراق، أصيبوا خلالها بجروح جسدية نتيجة استخدام العنف والوسائل الخاصة ضدهم من قبل قوات الأمن البولندية “.كما تحقق لجنة التحقيق في ثلاث قضايا تتعلق بالتسبب في أذى جسدي وطرد غير قانوني من أراضي الاتحاد الأوروبي إلى بيلاروس، أدت إلى مقتل مواطنين عراقيين ( حسب اللجنة).
وستنظر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، في تصريح نشطاء حقوق إنسان بيلاروسيين بشأن “ابادة جماعية للمهاجرين” في بولندا.
فبولندا المتهمة بارتكاب تلك الجرائم ، تحاول محو ذاكرة العالم، لتظهر بثياب أمة تتبنى مسؤولية أخلاقية وإنسانية تجاه المهاجرين الأوكرانيين.
وتحت هذا الشعار يزحف المتطوعون ذوو الملابس البرتقالية الى المعابر بين بلدهم وأوكرانيا لتقديم المساعدات الطبية والإغاثية، لكن تلك المسؤولية الأخلاقية البولندية كانت في سبات حين كان المهاجرون العرب والمسلمين يموتون من شدة البرد ويواجهون الرعب والرصاص البولندي بلا رحمة.

احصائيات
ووفقاً لإحصائيات بولندية، فإن هذا البلد استقبل مئات الالاف من الأوكرانيين،حيث تقاسموا معهم السكن والخدمات والغذاء وفرص العمل ، حتى بدأت بولندا تنوء بهذا الحمل الثقيل وفقاً لتقارير أمريكية وغربية، إذ أن الموارد تستنزف في جميع أنحاء البلد الذي يعد مصدراً للأيدي العاملة أكثر من كونه مستوعباً لها.
فيما ظهرت العاصمة وارسو وهي تعاني التضخم، وارتفاع أسعار إيجارات السكن والفنادق بعد أشهر من الحرب الأوكرانية – الروسية.
وعلى الرغم من كل هذا فإن البولنديين لا يشتكون، وثمة رسائل تحرص الحكومة والإعلام البولندي على تصديرها لشعبها وللدول الأخرى، تظهر فيها بولندا على أنها أمة تستجيب للحظة فارقة في التاريخ، ستترك آثارها في نظرة العالم إليها.

صمت بولندي
وفيما اعلنت وزارة الخارجية في بيان لها اطلعت مجلة الشبكة العراقية على نسخة منه أن الوزارة “تتحرى دقة الأنباء حول تعرض أعداد من المهاجرين العراقيين إلى مخاطر تهدد حياتهم”.
واضاف البيان ان “وزارة الخارجية العراقية تتابع بـ”أهتمام بالغ ما تمَّ تداوله عبر وكالات ومواقع إعلامية، بشأن تعرض أعداد من المهاجرين العراقيين الى مخاطر تهدد حياتهم”.

وأكدت الوزارة “إننا نتحرّى دقة ما ورد عبر التقارير الرسمية التي ننسق مع السلطات والجهات الدولية للوقوف على تفاصيلها، فضلاً عن نهوض سفاراتنا المعنية في تلك الدول بدورها في تقصّي صحة المعلومات بشكل موثوق”.
وبالمقابل لم تذكر وزارة الخارجية العراقية طبيعة المخاطر التي تهدد حياة هولاء المهاجرين العراقيين، ولا المكان الذي تعرضوا فيه الى تلك المخاطر المذكورة في بيان الخارجية.
من الجدير ذكره شهد شتاء 2021 موجة هجرة غير مسبوقة الى بيلاروسيا، ومن ثم الى بولندا، تعرض المهاجرون خلالها الى شتى انواع الجوع والعطش، والبرد وحتى اعمال عنف من قبل حرس الحدود الدولتين في بيلاروسيا – بولندا، حيث لقي قسم منهم حتفه جراء هذه الاعمال، او لعدم استيعابهم او ايوائهم.
الى ذلك بحث وفد عراقي، مع السلطات البيلاروسية، مؤخرا، ملفات وأدلة قدمتها الاخيرة بخصوص تعرض مهاجرين عراقيين الى العنف، ومقتل عدد منهم على الحدود البولندية.
من جهتها التزم البولنديون الصمت إزاء التقارير الموثقة عن الاعتداءات التي نفذتها عناصر الأمن البولندي تجاه العراقيين ، وتتهرب حتى من التعليق على تحقيقات وبيانات ولجان رسمية وغير رسمية موثقة تثبت تعرض العراقيين للاعتداء وتركهم حد الموت من دون تقديم مساعدة كانت ستسهم بإنقاذ العشرات منهم،
في وقت خصصت هذه الحكومة ملايين الدولارات لإعانة النازحين من اوكرانيا وتقديم المساعدة الطبية والانسانية لهم والتي نتفق نحن معها باعتبار ان مساعدة اي انسان محتاج هو فوق كل اعتبار لوني او قومي او مناطقي.

ترويع بولندي
يقول المهاجر العراقي (سلار) من مدينة أربيل، الذي كان واحداً من بين آلاف المهاجرين الذين علقوا على الحدود البولندية، إن قوات الأمن في هذا البلد أقدمت على ترويع العائلات المهاجرة، وإطلاق الغاز المسيل للدموع، بل إنهم ضربوا حتى النساء والأطفال وأفزعوهم.
وفي ذات الوقت فقد اعلن السيد عباس جهاكير مدير عام في وزارة الهجرة والمهجرين رفض
الحكومة العراقية الاعتداء على المهاجرين العراقيين، من قبل دولة متهمة بالتعامل بمعايير مزدوجة في ملف حقوق الإنسان.