ما حقيقة إطلاق أول قمر اصطناعي عراقي؟
رفاه حسن/
تداول كثير من المواقع العراقية والعربية في اليومين الماضيين خبراً حول إطلاق أول قمر صناعي عراقي بالتعاون مع الحكومة المصرية نظراً لتجربتهم القريبة في إطلاق القمر الصناعي “طيبة” فضلاً عن مجموعة الأقمار التي سبق لمصر أن أطلقتها في العقود الماضية، ولكن هل هذا حقاً أول قمر صناعي عراقي؟
وعند البحث في تاريخ دخول العراق الى مجال الفضاء والأقمار الاصطناعية نجد أن الأمر يعود إلى عقود مضت، إذ كان هناك كثير من الأفكار والنظريات المطروحة ولكن أول تنفيذ حقيقي تمثل في القمر الصناعي العراقي الذي يحمل اسم دجلة ويعد أول قمر صناعي تابع للدولة العراقية، وقد انحصرت المهام الخاصة به في مجال دراسات التصحر والغبار والظواهر المناخية الأخرى، إذ يعمل القمر على إرسال صور جوية الى محطتين على كوكب الأرض الأولى في بغداد والثانية في روما حيث يدرس الباحثون هذه الصور ويحللونها لغرض دراسة عملية التصحر في العراق وكشف أسبابها، وربما يخطر في البال سؤال عن سبب إرسال الصور الجوية الى قاعدة في روما، والجواب هو أن الحكومة الإيطالية كانت جزءاً من مشروع القمر الصناعي، وقد جرى تدريب أربعة عشر باحثاً عراقياً من وزارات عراقية عدة في جامعة لاسفانزا الإيطالية التي منحت المتدربين شهادة الماجستير في مجال تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية، وقد انطلق القمر الصناعي في التاسع عشر من شهر حزيران/ يونيو عام 2014 واستُلمت أول إشارة من القمر في الحادي عشر من شهر تموز/ يوليو في العام ذاته.
أما عن أهمية امتلاك أي دولة حيزاً خاصاً بها في الفضاء الخارجي متمثلاً بقمر صناعي واحد أو مجموعة من الأقمار، فإن لهذا أهمية كبرى وفوائد كثيرة تعود على البلد منها التجارية والعلمية والعسكرية فضلاً عن تعزيز تكنولوجيا الاتصالات، إذ أن للأقمار الاصطناعية دوراً كبيراً في تقوية البث فضلاً عن الوصول للمناطق النائية، أما عن الجانب العسكري فإن امتلاك قمر صناعي لخدمة الأغراض العسكرية يعد امتلاكاً لقوة مضافة تساعد القوات العسكرية العراقية في مهامها عند أي هجوم أو اعتداء خارجي لا سمح الله، إذ تمتد تغطية القمر الصناعي لتشمل المناطق والدول المجاورة على وفق ارتفاع القمر، ما يسمح بمراقبة أي نشاط عسكري معادٍ، فضلاً عن مراقبة الحدود وعدم السماح للمهربين والمهاجرين غير الشرعيين وتجار البشر بعبور حدود البلد دخولاً أو خروجاً.
أما عن الجانب العلمي فإن الأقمار الاصطناعية ترفد المحطات الأرضية بصور جوية حية تساهم في دراسة تغييرات المناخ وحالات التصحر والغبار والأمطار فضلاً عن التنبؤ بالكوارث الطبيعية في محاولة لتقليل الخسائر البشرية والمادية.
ولا ينبغي أن ننسى أهمية تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية في مجال الأمن السيبراني وحماية المعلومات المهمة للدول والشعوب وما يمكن أن يترتب على اختراقها من كوارث، لذلك من المهم امتلاك هذه التكنولوجيا لتكون حائط صد قوي ضد المخترقين.
وعلى الرغم من تأخر التطبيق إلا أن الدول العربية ومنذ الربع الأخير من القرن الماضي دخلت سباق امتلاك تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية، تزامناً مع تأسيس منظمة الاتصالات الفضائية العربية سنة 1976 ونتج عن هذا الاتحاد إطلاق قمر عرب سات سنة 1985 ثم توالت الإنجازات العربية في هذا المجال، وكانت مصر من أوائل الدول العربية التي أطلقت قمراً صناعياً خاصاً بها، كان يحمل اسم نايل سات 101 سنة 1998 ولم يكن آخر قمر تطلقه مصر، إذ اطلقت من بعده قمر نايل سات 102 سنة 2000 ويحمل القمران ما يقارب 680 قناة تلفزيونية تغطي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب أوروبا، ولم تقتصر المحاولات العربية على ذلك إذ إن للعراق وليبيا والجزائر والمغرب والسعودية أقماراً صناعية خاصة بها تدور في الفضاء منذ سنوات عدة، أما الإمارات فكانت قد وضعت خطة منذ بضع سنوات ضمن برنامج مسبار الأمل للانطلاق نحو الفضاء بحلول هذا العام 2021 وأخذ الخطوة الأولى نحو الكوكب الاحمر (المريخ) ضمن مجموعة خطوات في سبيل الوصول الى الهدف المتمثل في بناء مستوطنة بشرية على كوكب المريخ، ولقد حققت أولى مراحل الخطة التي وضعتها وانطلق مسبار الأمل منذ أشهر عدة الى الفضاء ووصل الى المريخ وبدأ رحلته الاستكشافية هناك.
لقد بات واضحاً أن دخول العراق إلى مجال الفضاء لم يكن وليد اليوم بل كانت لنا تجربة سابقة ناجحة في هذا المجال، ومن المرجح أن تكون ثمة تجارب أخرى نتوقع لها النجاح أيضاً مع إمكانيات أكبر تخدم القطاعات كافة.