هتلر الأعظمي.. عاش متقمصاً دور الزعيم النازي

1٬055

الشبكة/

وسط حشد كبير من أهالي الأعظمية يسير أبو تقي متبختراً وهو يتمقص دور الزعيم النازي هتلر، فقد قصّ شاربه وشعره مثل هتلر، وارتدى المعطف الطويل وحمل عصا المارشالية، كما يفعل الزعيم النازي أدولف هتلر ، ساعده على ذلك الشبه العجيب بينهما.

كان أبو تقي يقلد حركات وسكنات وطريقة كلام هتلر وعصبيته وتحيته المشهورة برفع الذراع للأمام (هايل هتلر) لتصبح فيما بعد جزءاً من شخصيته، حتى أن أهالي الأعظمية باتوا ينادونه بالزعيم وهو منتشٍ ومزهوٌّ بإعجاب الناس به.

جاسم أبو تقي نال شهرة واسعة في الأعظمية والكاظمية ومناطق عديدة من بغداد في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي. كان يعمل في البناء وتكسير الصبّات الإسمنتية، فهو قوي الجسم مفتول العضلات. وكان الناس من أهالي الأعظمية ينمّون فيه هذه الروح بقصد أو بدونه، وأهدى له أحد الأصدقاء معطفاً طويلاً من الحقبة النازية (أبو السراوين ) وكان يحوي على عدد كبير من الأزرار المعدنية اللماعة، وقد علق وسام النازي (الصليب المعقوف) على صدره إضافة إلى عدد كبير من النياشين والأوسمة الألمانية.

عصا المارشالية

كان دائم التردد على “مقهى شهاب توشة” بالأعظمية مقابل جامع الإمام أبي حنيفة النعمان, وكان الشباب والناس يستقبلونه بالترحاب (أهلاً زعيم). وكان يمشي مشية عسكرية بعصى المارشالية التي لايفارقها أبداً وهو يحيي الجماهير. أهدى له شخص من الأعظمية (بايباً معوجاً) وتبغاً أجنبياً جلبه له من ألمانيا في إحدى رحلاته على أنه من مخلفات الزعيم.

أبو تقي، ( هتلر)، كان لايعرف أن الزعيم هتلر لايدخن، كان له مقعده الخاص في مقهى توشة، والويل كل الويل لمن يجلس مكان الزعيم. وعندما يجلس تنهال عليه عبارات التمجيد والتفخيم: اشلونك زعيم , الله بالخير زعيم , حساب الزعيم واصل علينا, إلى آخر عبارات الاستحسان والتمجيد، وأصبح موهوماً بالزعامة وتقمصه لشخصية هتلر, كان الناس، وخاصة الشباب، فرحين بوجود الزعيم هتلر (أبو تقي) بينهم فيضحكون معه ويمازحونه لكن على طريقته بتعظيم روح الزعامة فيه وأنه الزعيم الأوحد. كان يستيقظ فجراً بملابسه ومعطفه وعصا المارشالية التي أهداها له أحد العسكريين قرب جسر الأئمة بالأعظمية وهو يحيي الجنود او السيارات العسكرية المارّة بالتحية النازية (هايل هتلر) والعسكريون يردون التحية له بكل جدّية وهو موهوم بأنه هتلر فعلاً, ولما سئل عن سبب وقوفه في الصباح الباكر وفي البرد او المطر قال إنه يبعث بالجنود الروح العسكرية القتالية لأن الحرب العالمية الثالثة على الأبواب.

لقاؤه مع هتلر

في يوم من أيام السبعينات وقرب مقهى الجرداغ المشهورة بمنطقة السفينة استوقفه أحد أصحاب المحال المجاورة للمقهى (ابراهيم أبو البورك ) قائلاً له: استريح زعيم، فأجابه بنبرته العصبية المعهودة وبكبريائه المعروف: لا أبو خليل عندي شغل فسأله ابراهيم: زعيم وين رايح فأجابه الجماعة عازميني بكهوة الجرداغ, اليوم الزعيم (هتلر) يطلع بالتلفزيون ويريد ايسلم عليّ فعيب لازم أكون موجود. وكان في ذلك الوقت برنامج “شيء من التاريخ” لمقدمِه د. محمد مظفر الأدهمي وهو يقدم بعض الحلقات التلفزيونية عن الزعيم الألماني هتلر, وكان المرحوم “شعوبي إبراهيم“ عازف الجوزة وابن الأعظمية يجلب له مسجلاً للمقهى وقد سجل عليه (بصوت شعوبي طبعاً) تسجيلات من إذاعة برلين باللغة العربية وبصوت مذيعها المشهور يونس بحري (هنا إذاعة صوت العرب من برلين ,الفوهرر يعني هتلر بالألمانية يرسل تحيته وسلامه الحار إلى جاسم أبو تقي في بغداد), ويختمها شعوبي بالنشيد النازي الألماني.

زعله على الحكومة والبكر

وفي مرة أخرى كان يسب ويشتم وهو يمشي فاستوقفه أحدهم قرب المقبرة الملكية وسأله عن السبب ولماذا يسب ويشتم الحكومة فأجابه بأنهم (ميرخصون العرك ويخلون العالم تتونس).

وفي أحد الأيام بدا أبو تقي زعلاناً ومتضايقاً جداً وعندما سئِل عن السبب أجاب أن الاعتبارات والأصول قد فقدت من الكباريّه (اي الناس الأكابر), هذا كان بسبب زيارة الرئيس أحمد حسن البكر للأعظمية ولم يمر على هتلر في كهوة توشة لزيارته وهذا عيب برأي أبو تقي ومخالف للأعراف الدبلوماسية بين الزعماء, وفي أوائل السبعينات تم استملاك المنطقة المجاورة لجسر الأئمة وتعرض بيت ابو تقي للاستملاك ورفض أن ياخذ التعويض عن داره المستملكة لأنه زعلان على الرئيس البكر الذي لم يزره حين مجيئه للأعظمية.

أحاديث وروايات

وهنالك رواية لا يعرف مدى صحتها بأن إحدى شركات الإنتاج السينمائي العالمية في الستينات قد بعثت مندوبها الى بغداد بعد أن علمت بالشبه الكبير بينه وبين هتلر لمفاوضته على تمثيل فلم يجسد قصة حياة الزعيم الراحل هتلر ولا أحد يعلم ماحصل بعد هذا اللقاء .وهنالك رواية أخرى عن قيامه ببناء باب غرفته عليه من الداخل حزناً حين علم بانتحار الزعيم الألماني هتلر عام 1945, وفي بداية الاحتلال الأميركي وأثناء حملات التفتيش بالأعظمية شاهد الأميركان صورة أبي تقي في ستوديو زهير كاكا في شارع 20 واعتقدوا أن المصور تعمّد وضع صورة هتلر ولم تفِد محاولاته لشرح الموضوع وإفهامهم أن هذا جاسم أبو تقي وهو شخص عراقي من الأعظمية وقاموا بتكسير المحل وتمزيق الصور.