10 أســـــــــــــباب صادمة لموت العراقيين

764

بشير الأعرجي/

أنت في العراق، إذن أنت في مواجهة قدرية مع الموت. فأكثر البيئات خطراً هي العراق ابتداءً بجرائم الإرهاب المختلفة التي تواجه جميع الناس من خطف او قتل بعيار طائش او بسيارة مفخخة يقودها إرهابي، مروراً بالبيئة العراقية الملوثة التي تمثل مناخاً لتفشي أخطر الأمراض، وانتهاءً بحوادث الغرق والحرائق التي تسجل معدلات عالية كل حسب موسمها.

ومع هذا فإن أكثر الناس في العراق لايموتون بسسب العمليات الإرهابية او تفشي الأمراض الذي يقابله ضعف في الخدمات الصحية، ولا حتى بحوادث الغرق او الحرائق، فقد كشفت معلومات صادمة، اطلعت عليها “الشبكة” من جهات ذات علاقة، عن أن أول سبب لوفاة العراقيين هو حوادث المرور.. نعم حوادث المرور هي في صدارة الأسباب التي تؤدي الى إزهاق حياة العراقيين!

المحطة قبل الأخيرة

جميع الموتى يمرون بمحطة (الطب العدلي) قبل الانتقال الى مثواهم الأخير، وفيها يتم الكشف عن سبب الوفاة الحقيقي، وبالتالي تمتلك هذه الدائرة إحصائيات دقيقة عن أسباب موت العراقيين.

مدير عام دائرة الطب العدلي د.زيد علي عباس أكد لـ”الشبكة العراقية” أن السبب رقم واحد للموت في البلاد هو “حوادث السير، وأعدادها تتباين من شهر لآخر، ومع هذا فإننا نلاحظ أن مسببات الموت (موسمية) تختلف بحسب فصول السنة”.

الأسباب العشرة..

وزارة الصحة أصدرت قبل فترة تقريراً عن دائرة التخطيط والموارد البشرية في الوزارة لعام 2016، تناولت فيه مختلف الجوانب المرتبطة بقطاع الصحة في العراق. وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم وزارة الصحة د.احمد الرديني لـ”الشبكة العراقية” ان “الأمراض الدماغية والوعائية تتصدر أسباب الموت بنسبة 10.6%، تليها الأورام بمختلفها وبنسبة 9.4%، ومن ثم أمراض القلب الأقفارية بنسبة 9%، وعجز القلب بالمركز الرابع بنسبة 8.6%، والفشل الكلوي، وأمراض فرط ضغط الدم، ومن ثم الاضطرابات التنفسية والقلبية الوعائية الخاصة بفترات الولادة”.

وأضاف: “تحتل وفيات العمليات الحربية المركز الثامن بحسب الإحصائية وبنسبة تبلغ 5.1%، ومن ثم الأسباب غير المحددة والمجهولة، وأخيرا داء السكري، كل هذه الأسباب هي التي تؤدي الى الوفاة في العراق”.

وماذا عن التدخين؟

في مقال نشر بموقع مركز البحوث التربوية والنفسية التابع لجامعة بغداد، أشار الى أن عدد المدخنين في العراق قد وصل الى 7.5 مليون مدخن، وهو رقم مهول، يقرّب أعمار الكثيرين منهم الى الوفاة، باعتبار ان التدخين السبب الرئيس لأمراض القلب والضغط. لكن المتحدث باسم وزارة الصحة كان له رأي آخر، وقال “التدخين لا يتسبب بالموت بصورة مباشرة، انما يؤدي الى أمراض تؤدي الى الوفاة”، واستدرك بالقول “لو كان التدخين يسبب الوفاة بصورة مباشرة، لقمنا بمقاضاة شركات السكائر”.

أسباب…

لا يمر يوم إلا ونسمع فيه عن حادث مروري يؤدي الى وقوع وفيات، وقد كشف المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، لـ”الشبكة العراقية” انها “بلغت في آخر احصائية 2514 حالة”. وأضاف: “بحسب بياناتنا، يتسبب السائق بالوفيات، ومن ثم الطريق وأخيراً المركبة، كل هذه الأسباب تؤدي الى الموت جراء الحوادث المرورية التي تشكل النسبة الأعظم من أسباب الوفيات في العراق”.
الغرق الموسمي..

الموت غرقاً يكون بشكل موسمي، هذا ما أكده معاون آمر الشرطة النهرية النقيب مهيمن البيضاني وقال “انخفضت أعداد الغرقى الى حالة او اثنتين في الأسبوع، بعد ان كانت بحدود ستة في اليوم الواحد، إلا أن حالات الغرق تكون في العراق بشكل موسمي”.

وأضاف: “يبدأ (موسم) الغرق مع بداية فصل الصيف وينتهي شتاءً، باستثناء حالات الانتحار التي سيطرنا عليها من خلال انتشار الدوريات في النهر لمنع وقوعها، ومنع السباحة في الأنهر بتوجيه من مدير النجدة العامة”. وبيّن ان “الانتحار يكون برمي الشخص بنفسه من الجسر نحو النهر، ونقوم برصد هذه الحالات وإشعار الجهات الأمنية الماسكة للجسر بوجود شخص يروم الانتحار، وإذا ما رمى هذا لشخص بنفسه، فإن الدوريات النهرية القريبة من الجسر تتحرك لإنقاذه من الموت”.

انتحار النساء

النقيب مهمين قال “في نهاية شهر نيسان الماضي، قامت امرأة في منتصف الأربعينات برمي نفسها في النهر قرب جسر المثنى ببغداد، وتحركت دورية نهرية صوبها، وتم إنقاذها وإجراء الإسعافات الأولية قبل تحويلها الى الجهة المختصة، وهذه الحكاية تكررت لأكثر من مرة”.
سألناه: هل أن أغلب المنتحرين من النساء؟، فأجاب “نعم، الغالبية منهم نساء وجزء بسيط من الرجال”.

سيلفي مميت

وبينما كان النقيب مهيمن يتحدث لنا بالأرقام ويعرض صور الغرقى، أثارت انتباهنا صورة فتاة لا تبدو عليها هيأة يائسة من الحياة، وسرعان ما قال لنا “هذه الفتاة سقطت في النهر بينما كانت تلتقط بهاتفها النقال صورة (سيلفي).. حكايات الغرقى كثيرة لا نستطيع البوح عنها لخصوصية المتوفين، مع اننا نتذكر بالتفاصيل الدقيقة كل حالة انتشال لجثة غريق، بسبب انخفاض أعدادهم بشكل لافت، اذ بلغ خلال الأشهر الخمسة الأولى لعام 2017 اربع حالات فقط، وأغلبها حدثت مثل سابقاتها في منطقة الكريعات بغداد”.

المواسم

مدير عام دائرة الطب العدلي د.زيد علي عباس تحدث عن “مواسم” الموت في العراق فقال: “تصل الى الطب العدلي في فصل الشتاء جثث نساء وأطفال تعرضوا الى الاختناق موتاً بغاز أول أوكسيد الكاربون الناتج من التشغيل الخاطئ للمدافئ النفطية بداية هذا الموسم”. وأضاف: “بعدها تبدأ جثث المشردين بالوصول الى الطب العدلي، وتكثر أعدادهم بمعدل جثة يومياً مع برودة الطقس، وفي بعض الأحيان لا نتعرف على هوية ذلك المشرد، ويقيّد بأنه مجهول الهوية”.

استوقفنا المدير العام على مفردة “الجثث مجهولة الهوية” وسألناه عن أعدادها فقال: “لا يكاد العدد يذكر هذه الأيام نتيجة التحسن في الوضع الأمني، لكن قبل سنوات، كانت تصلنا بحدود 150 جثة مجهولة الهوية كل يوم”.